الإرهاب يشوه "تل طابان" السوري الأثري
تل طابان الأثري يعتبر نموذجاً رائعاً للتنوع الحضاري والبشري الذي تزخر به التلال الأثرية التي تروي قصص شعوب وحضارات تركت بصمتها
كشف فريق من المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية أن موقع تل طابان بمحافظة الحسكة تعرض لأضراركبيرة بفعل اعتداءات التنظيمات العسكرية التي أحدثت ثلاثة أنفاق في جسم التل في جهته الغربية والشمالية.
ولفتت المديرية إلى أن طول هذه الأنفاق يصل إلى 20 مترا، مؤكدة أن هذه الأنفاق قد أحدثت ضرراً كبيراً في السويات الأثرية الهامة لهذا التل، الواقع إلى الجنوب من مدينة الحسكة على الضفة الشرقية لبحيرة سد الباسل.
ويعتبر تل طابان الأثري نموذجاً رائعاً للتنوع الحضاري والبشري الذي تزخر به التلال الأثرية التي تروي قصص شعوب وحضارات تركت بصمتها العريقة على أرض التل بدءاً من فترة حضارة العبيد ومروراً بالحضارات الأكادية والبابلية والآشورية وانتهاء بالحضارة العربية الإسلامية .
يقع التل على الضفة الشرقية لنهرالخابور، على بعد حوالي 18 كم من مدينة الحسكة جنوباً، وهو من أضخم التلال الأثرية المهددة بالغمر عند إنشاء سد الخابور، ولعل اسمه محرف عن اسم قديم مذكورفي النصوص الآشورية "تاباتوم"، يتألف من عدة سطوح منها مدينة مربعة الشكل وأكروبول شاهق يصل إلى ارتفاع 23م عن السهل فيما حوله، تنتشر على سطحه بيوت وقبور ومدفن متهدم باسم الشيخ طابان، وكان قد ذكره ابن حوقل بين الضياع العامرة في الخابور، ومن ثم ياقوت الحموي في معجم البلدان، ربما يرقى أصل هذا الموقع إلى عصر البرونز القديم من الألف الرابع.
الاكتشافات الأثرية وأهميتها التاريخية
بدئ العمل بالموقع من خلال البعثة اليابانية بين العامين 1997-1999، ثم بين 2005-2006 كشفت في هذه المواسم عن العديد من الاكتشافات الأثرية الهامة، والتى تلقى الضوء على التنوع الحضاري والتاريخي لمنطقة الحسكة، فالفترات التاريخية المختلفة تمثل الحضارات والثقافات المتتالية التى أثرت فى المنطقة أبرزها اكتشافات تعود لفترة عصر الأورك الوسيط، واكتشافات تعود إلى الفترة البابلية القديمة حوالي القرن ال 17 ق م، و كذلك الفترة الآشورية الوسيطة في القرن الثاني عشر ق م ، والأشورية الحديثة.
اكتشافات عصرالأورك الوسيط
اكتشفت البعثة اليابانية التى تعمل فى تل طابان سوية استيطانية بلغت سماكتها بين 40 و50 سم ، بالإضافة إلى أنه تم العثور على حفر متوسطة الحجم كانت تستخدم لصناعة الفخار حيث تم العثور على العديد من اللقى الفخارية والأدوات الحجرية التى ترجع إلى فترة الأورك الوسيط.
الفترة البابلية القديمة
ومن الاكتشافات الأثرية التى ترجع إلى العصرالبابلي القديم والذي يرجع إلى القرن ال 17 ق م مبنى أثري جدرانه مبنية من الطوب اللبن يبلغ ارتفاعه نحو 4 أمتار وعرضه نحو 4.2 متر، وكذلك تم العثورعلى مجموعة من الرقم المسمارية يقدر عددها ب 500 رقيم داخل جرة أحدها يحمل ختماً ملكياً، بالإضافة إلى مجموعة من القبور ترجع إحداها إلى ابن الملك "انليل أدد"، رُقم مسمارية تعود إلى 2000 سنة ق م، وهي عبارة عن تعويذة لطرد الأرواح الشريرة، وتم الكشف عن قنوات مائية تؤدى إلى نهر الخابور تدل هذه القناة على وجود ما يشبه شبكة للصرف الصحي في التل يخدم منازلها .
الفترة الآشورية الوسيطة
تم الكشف عن مجموعة أثرية ترجع إلى الحضارة الآشورية الوسيطة (القرن ال 12 ق م) منها أجزاء من قصر يتألف من عدة غرف، وترجع أهمية هذا القصر إلى العثور بداخلة على نصوص تكشف اسم المدينة القديم وهو "تابيتو" ، وعن حاكمها فى هذه الفترة هو "اشوكيتي ليشر" مما يؤكد مصداقية الاسم الذي عثر عليه في تل البديري المجاور لتل طالبان.
الفترة الآشورية الحديثة
في تلك الفترة تم اكتشاف قبور للأطفال وجدران مبنية من الطوب اللبن، بالإضافة إلى مجموعة من الجرار الفخارية، وفي إحدى هذه الجرار وجدت خرزاً وكسراً لختم أسطواني هي أبرز الاكتشافات التى ترجع إلى فترة الحضارة الآشورية الحديثة.
الفترة الهلنستية والعربية والإسلامية
تم الكشف عن مجموعة من الطبقات العليا من تل طابان تحتوي على بقايا معمارية تعود إلى الفترة الهلينستية والعربية والإسلامية.
ولا يزال تل طابان يبوح بأسراره الدفينة منذ آلاف السنين، فهناك الكثيرمن الكنوز المدفونة ستكشف وينفض الغبار عنها وستقف شاهدة بوجه الإرهاب.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzQg جزيرة ام اند امز