أوضحت الانتقادات الموجهة لدونالد ترامب بجلاء أنه مرشح رئاسي خطير يفتقر إلى التفكير العقلاني
أوضحت الانتقادات الموجهة لدونالد ترامب بجلاء أنه مرشح رئاسي خطير يفتقر إلى التفكير العقلاني. كذلك كانت الحجة لانتخاب كلينتون واضحة، وسعى كل قادة الحزب تقريبا إلى التركيز عليها. ومن هؤلاء الرئيس باراك أوباما، الذي رّد على رؤية ترامب الصادمة في ظلاميتها، بتأكيد مثير على أن لدينا كل الأسباب التي تدعونا لأن نشعر بالاطمئنان. سلطت هيلاري كلينتون الضوء بقوة على هذه الرؤية، فروجت للجوانب الإيجابية، لا لما يبعث على القلق. لكن هل هذه طريقة أكثر ذكاء للإقناع في 2016؟ هل الكلمات الأجمل هي الملعب الأفضل؟ رّوجت هذه الكلمات لأسلوب تقليدي ينطوي على مزيد من الإثارة وتجييش المشاعر، لدرجة أن كثيرا من المحافظين تذمروا علنا من الطريقة التي سطا بها الديمقراطيون على استخدام إثارة المشاعر الوطنية وروح الإمكانية الأميركية، التي كانت ملكا للجمهوريين فيما مضى. لكن ترامب تنازل عن حديث التفاؤل لكلينتون في نفس اللحظة التي بات فيها هذا الحديث بضاعة كاسدة، منعزلة عن المزاج الوطني. ولا شك بأنه تخلى عنها سريعا لهذا السبب.
تملك كلينتون الكثير من الميزات في هذا السباق. لن أراهن ضدها. أتوقع قفزة كبيرة لها في استطلاعات الرأي، بعد مؤتمر الحزب الديمقراطي، فقد أظهر مسح لـ«إبسوس رويترز»، أعلنت نتائجه يوم الجمعة الماضي، ويعكس مقابلات مع الديمقراطيين على مدى 4 أيام في فيلادلفيا، أنها متقدمة بفارق 5 نقاط على ترامب على المستوى الوطني، في أوساط الناخبين المحتملين. لكنها مع هذا تواجه مشكلات ممكنة، وهناك احتمال هائل لعدم توافق رسالتها مع المزاج العام واللحظة التاريخية. عليها أن تستغل رؤية ترامب المفرطة في ظلاميتها، من دون أن تظهر أقل قدر من الرضا. لا يمكن تحقيق هذا بسهولة، لكنه ضروري، والأرقام لا تكذب.
في استطلاع لمركز غالوب قبل أسبوعين، قال 17 في المائة فقط من المستجيبين إن البلاد على المسار الخاطئ، فيما قال 82 في المائة إن البلد يسير في الطريق الصحيح. وفي استطلاع أجرته «إن بي سي نيوز» بالاشتراك مع «وول ستريت جورنال»، قبل وقت قصير على الاستطلاع السابق، كانت أرقام المستجيبين 18 في المائة و73 في المائة على الترتيب.
وفي حين أن درجة السلبية عادة ما تكون ملحوظة، فقد استمرت حالة من التشاؤم العام حيال الوضع في ميركا على مدار عقد من الزمن، ما مّهد الطريق لترامب. وكما أشار زميلي روس دوثات مؤخرا: «كانت آخر مرة يقول فيها أكثر من 40 في المائة من الأميركيين إن البلد يمضي في المسار الصحيح بعد شهر من إعادة انتخاب الرئيس، وكانت أرقام المسار الخاطئ مستقرة فوق 60 في المائة، قبل وقت طويل من موسم صعود ترامب في الانتخابات التمهيدية». زاد هذا الرقم بشكل كبير الآن، ولا عجب في هذا، كما أن هذا لا يعود لحديث ترامب الموغل في التشاؤم. بل يعود هذا إلى أن العالم ينتج الكثير جدا من الكوابيس، التي تتلاحق سريعا. في بداية يوليو (تموز)، قتل 5 من ضباط الشرطة في دالاس، وأعقب ذلك قتل 3 آخرين في باتون روج.
وفي الشهرين الماضيين، كانت هناك مذبحة في أورلاندو، أعقبتها المجزرة التي وقعت في نيس، ناهيك عن المجازر في أفغانستان وسوريا والعراق أو كاهن الكنيسة الفرنسي الذي قتل ذبحا الأسبوع الماضي. يستشعر الكثير من الأميركيين أنهم يعيشون في خضم حالة من الإرهاب الشامل والعشوائي. ومع هذا فيكاد الإرهاب لمُيذكر في المؤتمر الديمقراطي.
بالطبع ينظر الجمهوريون إلى الأحداث بشكل مختلف وأكثر قتامة وترامب تحديدا. قيل الكثير عن انتقائيته في جمع إحصائياته حول الجريمة، ملتفا على الحقائق ليغرق شوارع أميركا بالدم والذعر.
لكن إذا كان ترامب أخطأ فيما يتعلق ببياناته، فقد نجح تقريبا في نشر الرسالة التي يريدها، وقد أخفقت محاولات الديمقراطيين منذ ذلك الحين لتفنيد ادعاءاته في أن تفهم إلى أي مدى تجد الصورة المخيفة، التي يرسمها عن أميركا صدى لدى كثير من الأميركيين.
نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة