سترتفع بورصة التوقعات لكننا نرجو أن لا نفرط في الموقف مع أو ضد لنصدم كالعادة بأن من كنا معه يتخذ مواقف ضدنا بعد دخوله البيت الأبيض
سترتفع بورصة التوقعات والاستطلاعات وحتما سنتأثر بها لكننا نرجو أن لا نفرط كعادتنا العربية المأثورة في الموقف «مع» أو «ضد» لنصدم كالعادة بأن من كنا «معه» يتخذ مواقف ضدنا بعد دخوله البيت الأبيض، ولنا في التجربة مع أوباما دروس وعبر في نتيجة الافراط في التفاؤل «مع» أيا كانت الأسباب والدواعي والمبررات التي ستجعلنا نسارع الى موقف «مع» الصادم دائما للمشاعر العربية أو بالأدق للعواطف العربية الجياشة، ففي السياسة لامكان للعواطف والمكان للمصالح والمصالح فقط، أليس كذلك؟؟
اذن دعونا نلعبها صح ولو مرة تجاه الانتخابات الأمريكية القادمة ولا ندع ضجيجها الاعلامي يجرفنا لاتخاذ مواقف سنندم عليها كما ندمنا على أوباما حين تفاءلنا بوصوله فإذا به يترك البيت الابيض مخلفا أسوأ الآثار في مواقفه تجاهنا حتى كدنا نشك ان أوباما قد تم تعميده في الحوزة.
في كل الاحوال لنتذكر أن السياسة الخارجية لكلا الحزبين تكمل بعضها بعضا ولا فرق إلا في التفاصيل الصغيرة، ولنتذكر ان الحزب الجمهوري هو «مخترع» نظرية الفوضى الخلاقة التي تحمست لها كونداريزا وهي بالمصادفة من أصول افريقية مثل اوباما الذي طبق النظرية بحذافيرها في بلادنا العربية حصرا، فأكمل الديمقراطي ما بدأه الجمهوري، والاثنان في هذه المسألة التي تخصنا وجهان لعملة رديئة واحدة.
ترامب امتشق سيفه ضد العرب عموما والمسلمين خصوصا وخلط حابل الارهاب بنابل الارهابيين والصق التهمة بالعرب والمسلمين فأرعد وازبد وهدد وتوعد.
وتجربتنا مع السيدة هيلاري كلينتون عندما كانت وزيرة لخارجية أوباما لم تكن لتترك أثرا ايجابيا واحدا تجاهنا حين تحسمت لما سمي بـ «الربيع العربي» واذا به يتمخض عن فوضى مدمرة في عالمنا، فهل هذا ما يريدون؟؟
بين ترامب وهيلاري علينا ان نرقب المشهد بحذر فليس مطلوبا من الميديا العربية ولا السوشال العربي تحديد موقف حاسم مع أو ضد منذ هذه اللحظة، فهذا شأن امريكي بالدرجة الأولى فيما تبقى مصالحنا وكيف نلعب بأوراقها فوق طاولة هيلاري او ترامب هو المهم.
لا نريد أن نقدم موعظة سياسية مجموعة ومعروفة حول سياسة المصالح، فهي معروفة، لكننا سنناقش عنوان الاعلام والميدايا ومدى تأثيرها فينا وتأثيرنا فيها.
سوف تدعو السفارة الامريكية النخب من اعلاميين وغيرهم من «اللي يحبون الرزه» الى احد الفنادق لمتابعة مجرى وسير الانتخابات وسيذهب البعض معتقدا ان المطلوب منه ان يكون مع او ضد وكأن حضوره سيؤثر في التصويت ويقلب معادلاته وارقامه، فنرجو ان لا ينفعلوا اكثر من اللازم وان كانوا سيذهبون فليذهب كل لحاجة في نفس يعقوب ولكن عليه أن يتذكر ان حضوره «مجاملة دبلوماسية» جاملوه فجاملهم وكفى.
وننصح من راهن على الأمريكان والأجنبي غداة انقلابه المشئوم أن يكف عن الرهانات الخاسرة وكفاه ما خسر فلن يعوضه لا الامريكان لا الأجانب ولا ايران التي يواليها حتى فقد ظله وخسر هويته.
وما البكائيات حول مواقف الأجنبي منهم الآن وما لطم الخدود وشق الجيوب على الخيبة التي خاب فيها رهانهم على الأجنبي وما التشكي عند أبوابه وأعتابه إلا بكاء على اللبن المسكوب، وما نفع أحدا هكذا بكاء، حتى بكاؤهم في الوقت الضائع وهو وقت غير محسوب وغير محسوس.
بالتأكيد الانتخابات الامريكية ليست فرجة ولا تسلية وبالتأكيد ستترك آثارها علينا لكن ليس المطلوب منا الاندفاع بحماسنا العربي المشبوب في لعبة مع او ضد، علينا التريث ثم التريث وقراءة تفاصيل المشهد وما خلف المشهد واستذكار مصالحنا وكيف ندفع بها وندافع عنها وهو ما يحتاج الى كبير وقت نقرأ فيه الكلام الممحي كما يقول تعبيرنا البحريني السائد، لعلنا نستطيع ان نمنع الندم الذي يعترينا بعد كل حماس لكل رئيس، وشخصيا لن اقول وداعا أوباما واحتفظ بما سوف اقوله عندما يغادر غير مأسوف عليه.
نقلًا عن صحيفة الأيام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة