"العين" ترصد نقاط التوافق والخلاف في مسار مفاوضات مصر و"النقد الدولي"
التفاوض بين القاهرة وصندوق النقد الدولي يدخل مرحلة متقدمة، وأصبح التوصل إلى إتفاق قاب قوسين أو أدنى، فما هي نقاط الاتفاق والخلاف؟
دخل التفاوض بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي مرحلة متقدمة، وأصبح التوصل إلى إتفاق قاب قوسين أو أدنى، حيث تشير المعلومات إلى إنجاز جزء رئيسي من إجراءات التفاوض بين الجانبين، فيما تظل بعض الأمور عالقة خصوصًا ما يتعلق بسعر الصرف وآليات نظام العمل به مستقبلًا، وأولويات ترشيد الإنفاق الحكومي.
المعلومات تشير إلى أن مصر تدخل المراحل النهاية لخامس تجربة تفاوض مع صندوق النقد منذ العام 1952 وحتى الآن، مع وجود آفاق جادة لإبرام لاتفاق مصري رابع مع الصندوق، والذي بمقتضاه يتيح الحصول على قروض وحقوق سحب تمويلية تصل إلى 12 مليار دولار، تدخل ضمن خطة الحكومة الرامية لسد الفجوة التمويلية الراهنة، ويفتح الباب لأية مفاوضات أخرى مع مؤسسات مالية دولية.
الحكومة المصرية تسعى من جانبها إلى طمأنة الرأي العام، حيث شدد وزير المالية عمرو الجارحي على أن من أولويات مصر خلال مراحل التفاوض العمل على تطبيق برنامج إصلاح الاقتصاد المصري، وزاد الوزير بالقول "أن الحكومة قادرة على وقف التفاوض مع الصندوق إذا رأت أن شروطه لا تناسبها".
وفد الصندوق حرص على عدم الحديث مع أي وسيلة إعلامية، واكتفى مسؤول بالصندوق بالتذكير عبر رسالة إلكترونية، تلقت "العين" نسخة منها، "طلبت السلطات المصرية الحصول على دعم مالي من الصندوق لبرنامجها الاقتصادي، ونحن نرحب بهذا الطلب، ونتطلع إلى مناقشة السياسات التي يمكن أن تساعد مصر في مواجهة تحدياتها الاقتصادية، وهدفنا هو مساعدة مصر على استعادة الاستقرار الاقتصادي، ودعمها في تحقيق نمو قوي ومستدام وغني بفرص العمل".
مصادر مصرية مطلعة أكدت أن نقاط الاتفاق على برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإعادة الهيكلة أكثر من النقاط محل الجدل، والخلاف في حدود ضيقة.
نقاط توافق
وترصد "العين" أهم ما تم التوافق عليه في وجهات النظر، حيث سيتم إعادة فتح ملف الخصخصة ولكن من خلال طرح جزئي لأسهم بعض الشركات والبنوك التي تمتلكها الدولة في البورصة، وهو المتوقع أن يتم قبل نهاية 2016، ومن المقرر أن يشمل طرح حصة من أسهم المصرف المتحد، وبنك القاهرة، وجاء ذلك ضمن مقترح الصندوق لتنشيط سوق المال.
البدء في تنفيذ برنامج تحرير أسعار الكهرباء والمتوقع أن يدخل مراحل التنفيذ هذا الشهر، والذي يقضي بإلغاء الدعم للكهرباء، فيما عدا الشريحة الأقل استهلاكًا، فيما يطلب الصندوق أن يكون هذا لأجل محدود، ونفس الشئء جرى التوافق على برنامج حكومي لتحرير أسعار المواد البترول، والذي دخل التنفيذ فعليًّا قبل أكثر من 15 شهرًا، على أن يتم استكماله وصولًا لأسعار السوق بنهاية العام 2018.
وتتضمن نقاط التوافق بين طرفي التفاوض العمل على تعزيز الصادرات، من خلال برنامج دعم الصادرات، وزيادة قيمته من 8 إلى 10 مليارات جنيه، مع صياغة خطة عمل لدعم 1600 مصنع تعاني من مشاكل أدت إلى توقف بعضها عن العمل والإنتاج، مع التركيز على أسباب هذه المشاكل.
وجرى نوع من التوافق على حزمة القوانين الخاصة بتعزيز الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال، خصوصًا قانون الاستثمار والقوانين المكملة له ونشاط سوق المال، بما يسهم في تبسيط الإجراءات لدعم النشاط الاستثماري غير المباشر بشكل خاصة.
وهناك اتفاق أيضًا بشأن استخدام جزء من البرنامج التمويلي في سد الفجوة التمويلية القائمة والتي تحتاجها مصر خلال 3 سنوت، وتقدر بنحو 30 مليار دولار، هذا بخلاف زيادة الانفاق الاجتماعى لتعزيز العدالة الاجتماعية، وتوفير موارد مالية من خلال إجراءات ضريبية جديدة.
نقاط محل نقاش
وتفيد المعلومات أن من بين النقاط التي مازالت محل تفاوض وجدل في آليات التنفيذ، ما يتعلق بترشيد الاتفاق الحكومي، وبالأخص في المشروعات طويلة الأجل، ويبدو أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة أحد هذه المشروعات التي تم التلميح إليه.
ومازال النقاش قائم بشأن فكرة تحرير سعر الصرف، حيث يرى الصندوق أنه الوسيلة المناسبة لتنشيط موارد النقد الأجنبي، ويسهم في ضبط الواردات، وفي نمو الطلب على الصادرات.
وفي المقابل يشدد الجانب المصري على أن مراقبة سوق الصرافة هو الوسيلة الأنجح لضبط سوق الصرافة، مع منح البنوك فرصًا أوسع لتوفير المعروض النقدي بالأسواق وصولًا لما يمكن تسميته بسوق واحد، باتباع سياسات مرنة للنقد الأجنبى تعكس قوى السوق.
ومن بين النقاط التي أثيرت خلال المفاوضات ولم يتم حسمها تعزيز شفافية المعلومات وحرية تداولها وتعزيز ما يُطلق عليه بالتحول الديمقراطي.
متخصصون اقتصاديون اتفقوا على أن قرض صندوق النقد الدولي أضحى ضرورة تفرضها الظروف الراهنة، وهو الأمر الذي ستعمل الحكومة لإبرامه وتذليل العقبات التي تحول دون التوصل إليه، وهو ما يؤكد مساعد المدير التنفيذي لصندوق الدولي الأسبق، دكتور فخري الفقي، والذي يشير إلى أن حاجة مصر لتغطية الفجوات التمويلة يستدعيها لإبرام الاتفاق، وصولًا لموارد نقدية كافية، ليس من الصندوق فقط بل من مؤسسات أخرى.
وهو ما يشير إليه كبير الاقتصاديين في سي آي كابيتال القابضة هاني فرحات، حيث يتوقع أن تشهد مصر قرارًا من البنك المركزي يقضي برفع معدلات الفائدة في إطار الحد من التضخم.
أما الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي فيرى أن المفاوض المصري وفي هذا المرحلة بالذات يدرك مدى الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها من الشارع والمؤسسات التشريعية والمجتمع المدني، وبالتالي لاشك أنه حريص في الحد من قبول شروط الصندوق خصوصًا تلك التي تؤثر على المواطنين.
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA= جزيرة ام اند امز