يخطئ المراقبون عندما يصنِّفون الهجمات الإرهابية التي شهدتها أوروبا في الفترة الأخيرة على أنها عمليات "ذئاب منفردة" بصورة قطعية
يخطئ المراقبون عندما يصنِّفون الهجمات الإرهابية التي شهدتها أوروبا في الفترة الأخيرة على أنها عمليات "ذئاب منفردة" بصورة قطعية، والتي تبيَّن فيما بعد ارتباط فاعلها بخلايا أو شبكات أكثر انتشاراً. وغالباً ما تتواصل "الذئاب المنفردة" مع مسلحين آخرين، مستخدمين أساليب تشفير صعبة الفك في كثير من الأحيان. لذلك من الخطر التسرع في تصنيف أشخاص بأنهم منفصلون عن الآخرين، لأن ذلك يغفل دور الشبكات الإرهابية التي تُسهل تلك الهجمات وتشجعها.
لقد زادت طبيعة التطرف والتخطيط التشغيلي في العصر الرقمي من تعقيد الجهود التي تهدف لتفسير وتحليل الهجمات التي يرتكبها أشخاص منفردون. ولقد اعتاد الإرهابيون الاتصال وجهاً لوجه، لذلك كان مسؤولو مكافحة الإرهاب يبحثون عن شبكات تجنيد مادية، ويتنصتون على الهواتف، ويبحثون في تسجيلات كاميرات المراقبة بحثاً عن دليل على اجتماعهم، ولكن مع ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي والتطور في مجال تشفير الاتصالات، أصبح من الممكن أن يتم التطرف والتخطيط التشغيلي بشكل كامل عبر الإنترنت بكل سهولة.
استغل تنظيم داعش تطوُّر تقنيات الاتصال في بناء مجتمعات على الإنترنت تُعزز الشعور "بالأخوة"، وبالتالي تسهيل التطرف. كما كوَّن التنظيم فريقاً من المخططين يقومون بالتجنيد والتنسيق للهجمات عبر الإنترنت، دون أن يلتقوا بمنفذي تلك الهجمات وجهاً لوجه.
إن الفشل في تحديد العلاقة بين "الذئاب المنفردة"، و"تنظيم داعش" هو امتداد لنمط إغفال حجم الشبكات الإرهابية من قِبل الغرب.
تنقسم الهجمات الإرهابية إلى 4 فئات، تبعاً لاتصال منفذيها بإحدى الشبكات الإرهابية: الفئة الأولى تضم الهجمات التي يكون منفذها قد تلقى تدريباً لدى التنظيم أو الجماعة الإرهابية. والفئة الثانية تضم منفذي الهجمات الذين يتواصلون مع مخططين للهجمات لدى تلك التنظيمات على شبكات التواصل الاجتماعي. والفئة الثالثة تضم منفذي الهجمات الذين يتواصلون مع إحدى الجماعات المسلحة عبر شبكة الإنترنت، لكنهم لا يتلقون تعليمات محددة عن الهجوم. بينما تضم الفئة الرابعة "الذئاب المنفردة"، الذين ينفذون الهجمات دون الاتصال بأي شبكات إرهابية، سواء على الإنترنت أو على أرض الواقع.
من الواضح أن الإرهابيين الذين يُمكن تصنيفهم بأنهم "ذئاب منفردة" عددهم قليل جداً، ولذا فإنني أرى أن الهجمات طالما يتم تصنيفها بشكل خاطئ، فليست هناك فرصة لمقاومتها. وبالتالي فإننا نحتاج إلى نموذج أفضل لفهم الإرهاب في العصر الرقمي، إذ إن التعامل مع مثل هذه الهجمات من خلال التفكير التقليدي غير منطقي تماماً.
نقلًا عن صحيفة الوطن أون لاين
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة