الاستحمام وحب الحيوانات ومشقة الطبخ وفرق الوزن.. من أغرب حكايات الخلع في مصر
بعض النساء يلجأن إلى الخلع دون حق، يساعدهن في ذلك بعض الأسباب "الواهية" التي يعتمد عليها المحامون، لانتزاع حكم الخلع من القاضي.
محاكم الأسرة في مصر تمتلئ بالدعاوى القضائية التي تعتبرها السيدات ملاذا من أزواج لا يرغبن العيش معهن، ومحاولة للخروج من نهر حياة فشلت الزوجة في تسيير المركب به، ورغبت في القفز منه لإنقاذ حياتها، وربما لإنقاذ حياة أبنائها أيضا إن وجدوا.
المستشار عبد الله الباجة، الرئيس بمحكمة الأسرة، يرى أن الخلع حل عديدا من الأزمات، وعف سيدات كُثُر من الوقوع في الخطيئة، كما مَنَع جرائم مثل الزنا أو قتل الزوج أو الانتحار، في الحالات التي كانت تفشل فيها الزوجة في إكمال حياتها الزوجية لأي سبب، ويرفض الزوج الطلاق الذي يكون طوق النجاة للزوجة في بعض الحالات، مضيفا أن الحكم في قضايا الأسرة لا يكون بالأوراق فقط، لأنها أحوال شخصية، ولا بد من الأخذ في الاعتبار بالحالات نفسها على أرض الواقع، والروايات التي يسمعها القضاة بعيدا عن أقوال المحامين وترتيباتهم.
وكشف المستشار عبد الله الباجة عددا من القضايا التي أقيمت أمام محاكم الأسرة، والتي أثارت دهشة القضاة، أو قلقهم، وأحيانا استياءهم.
تزوجت من آخر.. والأول يريد الإبقاء عليها!
ويقول الباجة: "في بدايات تطبيق قانون الخلع، قررت سيدة إقامة دعوى قضائية ضد زوجها، ودفعت بأنها لم تعد تطيق الحياة معه في بيت واحد، وترغب في الانفصال، في حين يرفض زوجها تطليقها، وفي إحدى الجلسات، فوجئنا في المحكمة بالزوج وقد أحضر وثيقة زواج عرفي، تثبت قيام زوجته بالتزوج من آخر، رغم كونها ما زالت على ذمته، الأمر الذي أكدت الزوجة حدوثه، ولم تنكره أو تتنصل منه، بل وهددت الزوج بالقتل أمام هيئة المحكمة، وقالت له "هاقتلك لأني مش عاوزة أعيش معاك، وأيوة أنا تزوجت رجلا آخر، ولن تستمر حياتنا معا أكثر من ذلك". ويتابع "حكمت بالخلع في هذه القضية، والزوج ثار ضد الحكم، وسألني (ليه عملت كده)، قلت له (علشان أحافظ عليك وأحمي حياتك بدل ما تقتلك، ولأنه ما ينفعش تعيش معاها بعد كده يوم واحد)، وتم تطبيق الحكم".
ويستطرد "أما بالنسبة لاعتراف الزوجة أمام المحكمة بأنها تزوجت من آخر، رغم عدم حصولها على الخلع أو الطلاق، فهذا عمل النيابة العامة، لأن قاضي محكمة الأسرة لا يفصل إلا في قضية الخلع، ولا علاقة له لا بزواجها ولا باعترافها بارتكاب تلك الجريمة المخالفة للدين والقانون".
خُلع رغما عن الزوج والزوجة!
ويروي الباجة عن واقعة أخرى قائلا: "صاحب مكتبات شهيرة جدا في القاهرة، زوجته أقامت عليه دعوى خلع، لأنه مزواج، تركها وتزوج عليها أكثر من مرة، وبعد أن أقامت الدعوى، تصالحا، وكلَّفا المحامي بإنهاء الدعوى وعدم استكمالها، لكن المفاجأة كانت في استكمال المحامي جميع الإجراءات بشكل طبيعي دون علم الزوجين، وبعد أن تصالحا بالفعل، وعادا للعيش معا دون مشاكل أو أزمات، وأكد المحامي للمحكمة استحالة عودة الزوجين للحياة معا!.
يستطرد الباجة "بعد فترة حضر الطرفان إلى المحكمة في وقت انعقادها، وكانت المحكمة اتخذت قرارها بالحكم بالخلع لكن لم يتم النطق به، وأكد الزوجان لهيئة المحكمة قبل النطق بالحكم أنهما تصالحا ولا يرغبان في استكمال الإجراءات، وأن المحامي خدعهما، واستكمل إجراءات القضية دون علمهما، وألغت المحكمة الحكم حرصا عليهما، وتأكيدا لعدم العصف بأسرة ترغب في استكمال طريقها في الحياة”.
الزوج يريد فرق وزن!
في إحدى القضايا طالب الزوج خلال جلسة الخلع ليس فقط برد المهر، لكن طالب بفرق أموال لزيادة وزن زوجته 8 كيلوجرامات، حيث كانت 50 كيلو قبل الزفاف، ثم أصبحت 58 كيلو بعد الزواج، الأمر الذي طالب الزوج برده على هيئة أموال، بحجة أن "وزنها زاد في بيته، ومن الطعام الذي كان ينفق عليه من أمواله"، الأمر الذي رفضته المحكمة، ليس فقط لأنه يحمل مخالفة أدبية وأخلاقية لكنه ليس من القانون ولا من الدين في شيء، وتم الحكم بالخلع.
ليس كل الخُلع حق!
على أعتاب وأبواب محاكم الأسرة، تستمع لعشرات القصص والسيناريوهات الموجعة، المُحمَّلة بكل ما تعايشه النساء اللاتي لجأن للخُلع، من عذابات، تجعلك تتعاطف معهن ربما دون تفكير، ويطمئن يقينك إلى ضرورة الحكم لصالحهن لا محالة، لكن الجانب الآخر من الصورة أحيانًا يأتي مختلفًا، فبعض النساء يلجأن إلى الخلع دون حق، يساعدهن في ذلك بعض الأسباب "الواهية" التي يعتمد عليها المحامون، لانتزاع حكم الخلع من القاضي.
داخل مكتب فض المنازعات بمحكمة "زنانيري" أقامت إحدى الزوجات دعوى قضائية ضد زوجها للطلاق منه خلعا وذلك بعد فشل محاولات التسوية التي قام بها خبراء المكتب، وكانت المفاجأة في أن سبب طلبها للطلاق يرجع إلى رفض زوجها الانتظام في الاستحمام، ما يثير اشمئزازها، ويجعلها "تكره الحياة معه" حسب قولها.
أكدت الزوجة في دعواها أنها حاولت إقناع زوجها بضرورة الاستحمام ليلا قبل الذهاب للفراش ولكنه كان دائم الرفض، وأشارت الزوجة إلى أنها حذرت زوجها أكثر من مرة، لكنه صرخ في وجهها محذرا من الحديث في هذا الموضوع مرة أخرى، فأصرت على الخلع، وأكدت الزوجة أنها تحب زوجها الذي تعرفت عليه قبل عام من زواجهما الذي لم يستمر سوى شهرين، لتبادر بإقامة دعوى الخلع ضده.
يحب الحيوانات أكثر منها
حالة أخرى بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة، أقامت الزوجة، التي تعمل طبيبة بيطرية، دعوى للخلع، لعشق زوجها للحيوانات الأليفة، بالدرجة التي تجعله يربيها في المنزل، وينشغل عن زوجته بها، وقالت الزوجة إن زوجها الذي يعمل بيطريًا أيضًا، يربي القطط والكلاب في منزل الزوجية، وإنها تتضرر نفسيا من التعامل مع الحيوانات خلال العمل وفي المنزل أيضًا، وأشارت إلى أنها طالبت الزوج بنقل الحيوانات من المنزل إلى مكان آخر، لكنه أصر على عدم إخراجها من منزل الزوجية، ما دفع الزوجة لإقامة دعوى الخلع ضده.
إنه جن!
الحالة الثالثة، الأغرب بين تلك الحالات، لسيدة أقامت دعوى الخلع ضد زوجها واتهمته أنه "مخاوي"، أو أنه من الجان وليس إنسانا.
وقالت الزوجة في دعواها إن زوجها يقوم بأعمال الدجل، وإنه يعمل فيما يتعلق بتزويج الفتيات وفك السحر والأعمال لهن، الأمر الذي جعل الزوجة تغار عليه من تردد الفتيات عليه بكثرة. وأضافت أنها نقلت شكواها ومخاوفها إليه، وتطور الأمر من مناقشة إلى مشادة، واتهمته بممارسة الجنس معها عنوة، ما أشعرها بالخوف منه، وتشككت في أنه أصبح واحدا من الجان الذين يعيش معهم.
مشقّة المطبخ
دعوى أخرى أثارت حالة من الضحك والسخرية داخل مكتب التسوية بإحدى محاكم القاهرة، توجهت الزوجة للمكتب لعرض أزمتها، وطلب الخلع من زوجها، وتلخصت الأزمة في أن الزوج لا يأكل إلا أنواعًا بعينها من الطعام، مما يضطر الزوجة لعمل الأصناف التي يحبها إلى جانب أي أصناف أخرى تقوم بإعدادها لها وللأبناء، الأمر الذي اعتبرته الزوجة "مشقّة" لن تتحملها، وطالبت بالتفريق بينها وبين زوجها لاستحالة الاستمرار معه على هذا الوضع، وفشلت مساعي التسوية بينهما، وتحولت الأزمة لقضية.
aXA6IDMuMTM4LjEwMS4yMTkg جزيرة ام اند امز