توقفت المفاوضات وتواصلت عمليات القتل في كل شبر من اليمن، لم يجد المتحاربون من وسيلة للتأكيد على قدرتهم في فرض آرائهم أكثر من السلاح
توقفت المفاوضات وتواصلت عمليات القتل في كل شبر من اليمن، لم يجد المتحاربون من وسيلة للتأكيد على قدرتهم في فرض آرائهم أكثر من السلاح، فرغم مرور عامين تقريباً على بدء معاناة اليمنيين مع الحرب المجنونة، إلا أن الأوضاع تشي بمزيد من المعارك والقتال الذي صار يتنقل في كل مكان ويحصد معه أرواح الأبرياء.
كان اليمنيون يتوقعون انفراجاً في الحوار السياسي الذي عقد في دولة الكويت لمدة 3 أشهر، قبل أن يعلن عن فشله، إلا أن المتقاتلين واصلوا الحرب، هذه المرة بوتيرة أكبر، فالمعارك على الأرض صارت أكثر عنفاً من السابق، بعدما اعتقدوا أنها السبيل الوحيد للنصر، مع أن النصر لا يمر عبر حراب البنادق وفوهات المدافع، بل بالتنازلات، حتى وإن كانت مؤلمة، لأنها لا تعطى لأجنبي، بل لأبناء بلد يتعايشون يومياً.
الموت المتنقل في اليمن مؤشر على غياب الحكمة عن المسؤولين عن هذه الحروب، التي بدأت بالانقلاب على الشرعية، في شهر سبتمبر/ أيلول من العام قبل الماضي، عندما أصر الانقلابيون على مواصلة مغامراتهم من خلال نقل المعارك من العاصمة صنعاء، مروراً بتعز، وصولاً إلى مدينة عدن، وشن حرب شاملة هنا وهناك قضت على الأخضر واليابس.
وفي حين يقف العالم مع حق اليمنيين في العيش الكريم، فإن أمراء الحروب يجدون في استمرار القتال فرصة لمزيد من الإثراء، ويحشدون أنصارهم وممولي حروبهم لخوض مزيد من المعارك، دافعين بشباب في مقتبل العمر إلى محارقها التي تزداد اشتعالاً في أكثر من بقعة في البلاد، بدءاً من الجوف ومأرب، مروراً بنهم والبيضاء وانتهاء بتعز، التي سجلت خلال الأيام القليلة الماضية انتصارات كبيرة تمكنت خلالها من رفع الحصار الذي كان يفرضه الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على بعض أجزاء المدينة، المحاطة بالعشرات من الألوية العسكرية، منذ ما قبل سقوط صالح بعد ثورة احتجاجات اندلعت عام 2011 ضمن سلسلة «الربيع العربي»، التي نجحت في بعض البلدان وأخفقت في أخرى.
لم يعتبر الانقلابيون مما جرى ويجري في عدد من الدول المشابهة، مثل سوريا وليبيا، وقد كانوا قريبين من توقيع اتفاق شامل ينهي معاناة الناس ويعيد للاقتصاد بعضاً من عافيته التي تدهورت خلال فترة الحرب، حيث تشير تقارير المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع اليمنيين صاروا على حافة الجوع، ناهيك عن حرمان الناس في مدن الريف والحضر من خدمات عدة، مثل الكهرباء والمياه وغيرهما من الخدمات، التي تضررت كثيراً خلال الحرب الأخيرة.
وفي إحصائية أخيرة أصدرها البنك الدولي والأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية والاتحاد الأوروبي، أشارت إلى أن خسائر الحرب في اليمن تقترب من 14 مليار دولار، وهو مبلغ لا يستهان به، قياساً بالوضع الاقتصادي الضعيف الذي يعانيه اليمن، وهذا وحده سبب كافٍ ليكف المتقاتلون عن إشعال مزيد من الحروب الصغيرة، والعودة إلى جادة الصواب.
نقلًا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة