احتلال بلادنا الحبيبة للمركز الأول عربياً، والـ 41 عالمياً في مؤشر «الابتكار» لعام 2016
قبل أيام، تناقلت وكالات الأنباء العالمية، خبراً عن إمارات الخير، أصبح مألوفاً للغاية، وهي أُلْفَة لها جانب إيجابي وآخر سلبي، الخبر كان عن احتلال بلادنا الحبيبة للمركز الأول عربياً، والـ 41 عالمياً في مؤشر «الابتكار» لعام 2016، ليُضاف لسلسلة الإنجازات التي لن تتوقف بإذن الله تعالى، والجانب الإيجابي هنا للأُلفة، هو أن الإمارات أصبحت رديفاً للنجاحات وقريناً معتاداً للتفوّق، وعازفاً منفرداً في بلاد العرب، والرقم الصعب الذي يكاد يكون وحيداً إقليمياً لمقارعة دول النخبة العالمية، أما الجانب السلبي، فهو أن البعض لا يُعطي من تَعِبَ واجتهد لكي تتبوأ الدولة هذا المركز ما يستحقه من تقدير، فالإنجازات لا توجد على قارعة الطريق، ومنافسة الحكومات الرائدة لا يقوم بها إلا حكومة من نفس الفئة!
مسيرة نجاحات الوطن لم تتحقق عبثاً، ولكنه حُسن التخطيط وجودة المقاربات والخطط وكفاءة التنفيذ وفعالية المتابعة، واستمرار رحلة النجاح والتميّز هذه مرهونة بشباب هذا الوطن، الذي لا يتوقف لحظة عن الاستزادة من المعارف الجديدة، ولا ينبض قلبه إلا حُبّاً لهذا التراب، ورغبةً في إبقاء رايته خفّاقة بين الأُمم، هم غَرْس زايد رحمه الله تعالى، وتربيته، وأجدر من يحمل الأمانة، لأنهم يحملون ذات روحه، ويتأسون بفعله ويقتدون بعمله «وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا».
هذه الأيام استشرت ظاهرة تصدّر الهوامش التي تُسَوِّقها هوامش و«قلايص» مثلها، والتي يراد رغماً عن الجميع أن تكون هي قدوات الصغار، رغم خوائها الفكري وعريها الأخلاقي، وفي إعلام جديد لا يمكن التحكم به، كما يحدث لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي، لم يَعُد من السهل إيقاف تلك الهوامش ونتاجها السيئ الذي تنشره كل لحظة، وأصبحت الطريقة الوحيدة، هي أن نقف مع أنفسنا لنُذَكِّر الجميع بإرث زايد رحمه الله، و«سَنَعه»، حتى لا تختلط الأمور ويُحَسَّن القبيح!
لن يدافع عن الأرض وينافح عن العرض المتمايلون والراقصون والمائعون في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن سيحمي الدار، وينصر الجار «إخوان شمّا»، ممن أغاثوا الضعيف وردّوا أعداء الخير وتُجّار الموت وصعاليك الظلام، وأرغموا أنف المجوس وأعوان المجوس في تلال اليمن وسهوله ووديانه، ومّن يبيتون رِفقة بنادقهم على خطوط النار، بينما نتقلّب نحن في الفُرُش الوثيرة.
لن يحافظ على لُحْمة الوطن ويشد نسيجه الداخلي مروجو الأفكار الشاذة، ومقدّمو البرامج المبتذلة، ومسوّقو القضايا المنحرفة، والساعون دون داعٍ للتصادم مع منظومة قيم مجتمعنا المحافظ المسالم المتسامح، والمسعورون بحب إثارة الخلاف وترصّد الآخرين والإتيان بنتائج لبعض ما يحدث، لا يُقرّها منطق ولا سياق أحداث، ولكن سيحافظ عليه أهل «السنع» و«عيال الريال» و«ميسم العدو»، وأولئك الذين يقضون سائر أيامهم في السعي بالخير بين الناس، وعمل ما يستطيعون للتقريب بين القلوب وإيجاد الأعذار لزلّات البعض، التي لا يخلو منها إنسان، وسيحافظ عليه من قال لهم والدهم زايد طيّب الله ثراه:
يا ذا الشـــــــــــــباب الباني بـــادر وقـــــــم بجهـــــــود
ولا تقــــــــلّد الدلهـــــــــانِ لـي مـــا وراهــــــــــــم زود
وتـــرى الـــردي والـدانـــــي في ســــــــعيهم منقــــــــود
ولن يعين الوطن لكي يواصل مسيرة البناء ومنافسة الكبار، التافهون ممن ملؤوا وسائل التواصل الاجتماعي بخوائهم الخُلُقي فوق خوائهم الفكري والذوقي، ولكن سيبني الوطن شبابه المفكرون، وبناته الطموحات، سيقف الوطن على عقول وسواعد أبناء وبنات مصدر وستراتا وشركة الصناعات العسكرية ووكالة الفضاء وشباب المفاعلات النووية، وسيشتد عماده بالأمناء على بلادهم من الشباب الباني والمكافح، ومن يصحو فجراً للمساهمة في خدمة مجتمعه وبناء وطنه من خلال مكان عمله، وستقف نهضته بالطلاب المجتهدين في دراستهم، والذين يبحثون عن التخصصات التي تفي باحتياج مؤسسات وطنهم، وتسهم في رفع سقف طموحاته، وليس أولئك الذين يبحثون عن تلك المعاهد الأشبه ببقالات بيع الشهادات!
شبابنا لا يمثلهم النطيحة والمتردية، والذين يحاولون كسب الشهرة بالانسلاخ من كل شيء، ولكن يمثل شباب الإمارات رتلٌ متزايد من المخترعين والمبتكرين الذين تُراهن عليهم قيادتهم وأهلهم، من أمثال أحمد المزروعي وأحمد مجان وريم المرزوقي وخليفة الرميثي، ومن سبقهم، كصقر المري، ممن أثبتت اختراعاتهم الكثيرة، أنّ رهان الوطن على شبابه كان وسيكون دوماً في محلّه، وأنهم هم من يستطيعون خلق الفارق وتقريب الفجوة مع دول النخبة!
وصغيراتنا لا تمثلهن المبتذلات والتافهات اللاتي عجّ بهن وضجّ سناب شات، ولكن تمثلهن حصة بنت محمد بن زايد ورفيقاتها اليافعات، ممن فضلن قضاء إجازتهن الصيفية، لا في ربوع أوروبا الباردة، ولكن في معسكرات التدريب العسكري ببلادهن، وتحت الشمس اللاهبة، في بيان مبكر على سمو الطموح ونبل القيم التي يحملنها، وطيب الأصل وحُسن التربية، كما قالت العرب قديماً: «إذا صَلحت العين صلحت سواقيها».
لا وطن يقف دون منظومة قيم عليا ولا حضارة تبقى دون سندٍ أخلاقي، وهو ما دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للأمر بإدراج مادة «التربية الأخلاقية» في المناهج الدراسية، قائلاً: «إنّ دولة الإمارات تتميّز بهويتها الثقافية وقيمها الأخلاقية الأصيلة المرتكزة على موروث القيم النابع من تعاليم الدين الحنيف وتقاليد الآباء والأجداد»، فلن يكون قدوة عيال زايد إلا زايد، ولن تشرئب الأعناق للتأسى إلا ببو سلطان وبو راشد وبوخالد، ولن يكون مثلنا الأعلى الفاشل والتافه والمنحرف فكرياً، والمنحل خُلُقياً، ممن لا يهتم بصالح المجتمع ولا تماسك نسيجه، فمن أوصل البلد لمنافسة الكبار، هُم الكبار قَدْراً وفكراً وخُلُقاً وجُهداً، وهم وحدهم من يستحق حمل الراية دوماً.
نقلًا عن صحيفة البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة