لا شك في أن كل التوقعات والتحليلات، تؤكد أن قوات «داعش»، سوف تتراجع عن احتفاظها بالأراضي التي سيطرت عليها
لا شك في أن كل التوقعات والتحليلات، تؤكد أن قوات «داعش»، سوف تتراجع عن احتفاظها بالأراضي التي سيطرت عليها منذ «أعوام» في سوريا والعراق وليبيا، لأن الاستراتيجية العسكرية لهذا التنظيم قد لا تستطيع السيطرة على هذه المناطق، كونها محدودة التكتيكات العسكرية والتنظيمية، وقوات غير مؤهلة لذلك، إلى جانب أنها لا تملك السلاح الجوي الذي له قدرة السيطرة والتأثير في كل المعارك. وأهم الأسباب التي جعلت تنظيم «داعش» يتراجع في العراق وسوريا وليبيا في الأشهر الماضية، المشاركة العسكرية القوية لقوات التحالف، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وبعض الدول الأخرى، إلى جانب التدخل الروسي الثابت إلى جانب النظام السوري. والسبب الأساسي للتدخل القوي لقوات التحالف الغربية ضد «داعش»، هو الهجمات العنيفة التي شنها التنظيم في الأشهر الأخيرة في فرنسا وبلجيكا وتركيا، وهذا ما جعل بعض هذه الدول تستنفر، وتتحرك لمواجهته بفاعلية أكثر، وبخطط جديدة ومركزة، بعدما أصبح هذا التنظيم خطراً حقيقياً عليها. والحقيقة أن التحالف الدولي في العامين الماضيين، لم يقم بالمشاركة العسكرية الجدية ضد «داعش»، ولا تعرف الأسباب الحقيقية لذلك، مع أن تصريحات المسؤولين الغربيين كانت تقول دائماً إن دولها تشارك، لكن الأسباب الرئيسية لهذا التحرك الجديد اللافت، تتمثل في الهجمات الإرهابية لجماعة «داعش» في بعض الدول الغربية، خاصة فرنسا، ما فرض رؤية أخرى للمواجهة، كما أن بعض السياسيين والخبراء في مراكز الأبحاث الغربية، حذروا من أنه إذا ما استمر القتال في لبيبا سوريا خصوصاً، من دون تحقيق السلام الثابت، سوف يجعل الهجرة إلى أوروبا مشكلة كبيرة للمجتمعات الغربية، والأزمات سوف تنتقل اليها، بصورة أو بأخرى.
لا شك في أن قوات «داعش» حققت اختراقات كبيرة في العراق، والأسباب الكبيرة، أن الدولة العراقية، بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، لم تعالج أزمة الجيش العراقي الذي تم حله المعالجة العقلانية اللازمة، وانضمام الكثير من العسكريين العراقيين إلى تنظيم «داعش»، بعد صدور قانون (اجتثاث البعث)، وتسريح مئات آلاف من الضباط والجنود من الجيش العراقي، وهذا ما جعل هذا التنظيم الإرهابي، يحقق الكثير من النجاحات بسبب خبرات بعض هؤلاء العسكريين، بعد سيطرته على مدن عراقية كبيرة ومهمة، كالموصل والرمادي وغيرهما من المدن العراقية، وسبب تراجعاً لافتاً للقوات العراقية الرسمية. كما أن تنظيم «داعش» استفاد من خلافات السياسيين في ليبيا، وحقق الكثير من مواقع السيطرة، ومنها مدينة سرت التي تعد من المدن الليبية التي يسيطر عليها منذ مايو/أيار 2015، بعد انسحاب قوات فجر ليبيا من المدينة. وترجع أهمية مدينة سرت لموقعها الاستراتيجي في الشرق، كما تعد البوابة المهمة لمناطق النفط التي سيطر التنظيم على بعضها، ولذلك سعت قوات «داعش»، لأن تكون هذه المدينة ظهيراً اقتصادياً له. تماماً كما حاول تنظيم «داعش» السيطرة على حقول النفط في العراق وسوريا بهدف تمويل قواته، وشراء السلاح عن طريق السماسرة من دول كثيرة.
ولكن، هل استطاع هذا التنظيم الإرهابي الاستقرار بعد نجاحاته في العامين الماضيين؟ في الواقع أن التنظيم بدأ يتراجع عسكرياً في سوريا والعراق وليبيا، وهذا التراجع، كما يقول بعض الخبراء، سوف يزداد في الأشهر القليلة القادمة، بسبب التكثيف العسكري للتحالف ضد هذا التنظيم الذي يتكبد خسائر متتالية في الدول الثلاث. وتقول بعض التقارير إن التنظيم فقد حتى الآن ما يزيد على نصف المساحة التي كانت تحت سيطرته منذ إعلان ما سمي ب«الخلافة الإسلامية»، التي أعلن عنها عام 2014، وقد رفع الناطق باسم «البنتاغون» مؤخراً هذه النسبة إلى 60 في المئة، حيث أشار إلى أن التنظيم فقد 40 في المئة من أراضيه في العراق، و20 في المائة في سوريا. وهذا ما جعل التنظيم يحاول فتح جبهات جديدة، حتى يستطيع التخفيف من الهجمات المكثفة عليه في المواقع الاستراتيجية التي يسيطر عليها، وانعكس ذلك على تحركاته بين سوريا والعراق، وداخل بعض المدن التي سبق وسيطر عليها. ولذلك يعتقد بعض المحللين أن تكثيف التنظيم للعمليات الانتحارية مؤخراً يرجع إلى الإخفاقات العسكرية، وهذا جعله يستخدم هذه الهجمات كتعويض عن الخسائر الأخرى، لكن تراجعات قوات «داعش»، وفقدها الكثير من المواقع العسكرية، كان متوقعاً، وهو لن يستطيع الصمود لفترة طويلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة