ربما لم تكن هناك فرصة في ازدحام الأحداث ان نتناول هذا الموضوع الأخطر على مستقبل العرب الشيعة
ربما لم تكن هناك فرصة في ازدحام الأحداث ان نتناول هذا الموضوع الأخطر على مستقبل العرب الشيعة الذين اختطفت ايران هويتهم او بالأدق فجرت هويتهم الأساسية والرئيس لتحاصرها وتحصرها في هوية الطائفية والمذهب.
هذا الدور الذي لعبته الخمينية حتى قبل وصولها الى حكم ايران واستطاعت ان تؤسس وان توظف له جماعات «عربية» ذات ولاء خميني مبكر كالجماعات الانقلابية في البحرين التي بدأت علاقاتها بخميني مبكرًا وانخرطت في مشروعه منذ بداية سبعينات القرن الماضي.
ولعل هذا الخطر الايراني على الشيعة العرب يتضح الآن وبقوة ومن خلال تفاصيل ما يحدث في العراق بعد سيطرة وهيمنة النظام الايراني على السلطة من خلال جماعات عراقية تم تعيينها كواجهات فيما النظام الايراني يستنزف خيرات وثروات العراق ويعمل لكي تستمر النزاعات الطائفية ويُغذي سرًا الجماعات الارهابية حتى لا يعرف العراق الاستقرار والأمن بما يهيئ للنظام الايراني الطريق مفتوحة والأبواب مشرعة لاستنزاف الثروات العراقية بلا حسيب وبلا رقيب.
قبل المدّ الخميني كان العرب «الشيعة» كغيرهم من الطوائف ومن الأديان، كانوا عرباً قبل ان يكونوا «شيعة» وكانت الهوية العربية هوية جامعة على كل صعيد وعلى كل مستوى اجتماعياً كان أم سياسياً أم ثقافيًا أم فكريًا.
ولعلنا نحن الجيل المخضرم نستحضر اسماءً عربية واسماء بحرينية لقادة حركة القوميين العرب كانوا «شيعة» ولكنهم عرب في الانتماء وفي الفكر وفي الثقافة والتوجه.
وكذلك هي الاسماء في حزب البعث العربي القديم صاحب شعار الوحدة وهو الشعار الذي يلتقي فيه مع شعار القوميين العرب، فالوحدة العربية كان جامعًا رغم الاختلافات الاخرى، ولعلها كانت حجر الزاوية في الفكر العربي منذ عهد النهضة والتحديث.
ومع ظهور الخمينية على الخط شخصت اليها أفئدة «الثوار» العرب، وهذه هي المشكلة بل هي الكارثة.
فالتيارات والمعارضة العربية كان يسكنها ويحتلها حلم طوباوي «بالثورة» وكانوا يقفون عاطفيًا مع كل عنوان «للثورة» دون تفكير في محتوى هذا العنوان «ثورة».
هكذا اندفعوا عاطفيًا الى «ثورة خميني» واصبحوا منظرين ومحللين لهذه «الثورة» التي لم تكن «ثورتهم» وهي بالأصل ليست «ثورة» بالمعنى العلمي ولكنها انقلاب طائفي ثيوقراطي، وهذا هو برنامجه والشواهد لا تُحصى.
هذا الحالة التي انزلقت فيها القوى والاحزاب العربية «المعارضة» بحماسٍ عاطفيٍ غوغائي ليجد نفسه في النهاية بوعيٍ منه أو دون وعي وقد أصبح طائفيًا في الشعور ولا الشعور منه، بحيث لا حظنا الانحياز الطائفي المذهبي في اطروحاته وفي مواقفه الى درجة تخلى فيها طوعًا عن ركائز اساسية في مشروعه القومي والتقدمي والعلمي والمدني.
ونخلص في النهاية الى ان النظام الايراني الخميني استطاع ان يفتت وان يهدم القاعدة التي جمعت جميع القوى العربية وفاعلياتها وهي العروبة.
فالخمينية زعمت لمصلحة مشروعها الخاص بها وحدها أنها «زعيمة المستضعفين الشيعة وانها حاميتهم والمدافع عنهم ضد المظلومية»، ولو تأملنا الكلمات بين القوسين سنلاحظ الاستخدام الطائفي المذهبي في الكلمات.
وفي النتيجة الأخيرة لم يكن العرب الشيعة إلاّ بيادق تحركها ايران لخدمة مشروعها الايراني الخالص والذي لا علاقة له بالشيعة العرب ولا بالعرب الشيعة الذين ستتخلص منهم وتتخلى عنهم عندما تنتهي أدوارهم.
فإيران ونظام خميني لا ينظر إليهم بوصفهم «شيعة» بل ينظر إليهم بوصفهم عرباً لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال ان يقبل بهم جزءًا من مشروعه الفارسي ولكنه يستخدمهم ويسثتمرهم فقط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة