الخطاط الجرابعة: الخط العربي لن يختفي فهو حرف القرآن الكريم
الخطاط الأردني الجرابعة في حديثه لـ"العين" يؤكد أن الخط العربي لن يختفي فهو حرف القرآن الكريم وما زال هناك رغبة في تعلمه وإتقانه
في مقولة شهيرة جاءت على لسان الفنان العالمي بيكاسو، قال "أبعد نقطة وصلت إليها في الفن.. وجدتُ الخط العربي سبقني إليها".. هذه كانت رؤية أحد أهم رموز الفن في العصر الحديث للخط العربي، الذي نتساءل اليوم بشأنه: هل ما زال بخطوطه المتعددة مجالاً جذاباً لشباب اليوم حتى يتعلموه ويحاولوا إتقانه والابتكار في إطاره أم أن النتاج التكنولوجي المذهل من شاشات الهواتف وأجهزة الكمبيوتر جعلت تعلم "الخط العربي" من آخر التطلعات وأبعدها عن الجاذبية والإقبال؟
بوابة "العين" التقت الخطاط والفنان الأردني "ياسر الجرابعة" للتحدث عن تجربته في الخط العربي. "الجرابعة" من المؤمنين بأن الخط العربي لن يختفي، فهو حرف القرآن الكريم، وما زالت هنالك رغبات لدى الشباب في تعلمه وإتقانه. وإن كان تعلم الخط يحتاج للوقت والجهد والمثابرة. فأنواعه كثيرة.
منذ الطفولة، ظهرت لديه مهارات في الخط وكان والده خطه جميل فشجعه على تعلم الخط وبالفعل أتقن الخط الكلاسيكي وكل المدارس بأصنافها المنوعة.
بعد سنوات، حصل الجرابعة على الإجازة في الخطوط العربية كافة؛ وهي خط الرقعة، الثلث، النسخ، الكوفي، الديواني، والفارسي. يقول الجرابعة: "أذكر في طفولتي عندما كنت أذهب مع أصدقائي لزيارة عمان، دوماً أبحث عن الخطاطين في وسط عمان وأختلط بهم، في حين كان أصدقائي يبحثون عن الترفيه، كوننا من سكان محافظة العقبة، وهي محافظة بعيدة عن العاصمة، وزيارتنا للعاصمة كانت لنا كالحلم الذي تحقق".
يضيف "وفي وقتها طورت مهاراتي بالخط وتعرفت على خطاطين عريقين مثل رياض طبال ويعقوب شاوريه. والخطاط لا يقف عند لحظة معينة عن التعلم، وبالرغم أنني قاربت من العمر خمسين عاماً إلا أنني أتواصل مع الخطاط العراقي مثنى العبيدي وما زلت آخذ منه النصائح. الخط هو الفن الذي لم يطرأ على أدواته أي تغيير فالخطاط يستخدم البوصة الخشبية التي استخدمها الخطاطون منذ آلاف السنين وهنالك الورق المقهر الذي يصنعه الخطاط بنفسه، والعنصر الأساسي وهو الحبر".
الخط العربي جزء من الهوية العربية، ويجب المحافظة عليه، فالخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفوناً، فهو جزء لا يمكن إنكاره من الحضارة وبه يوثَّق التاريخ. يردف الجرابعة "نواجه كخطاطين الكثير من الصعوبات من أهمها شح الدعم من قبل الجهات المسؤولة وخاصة في المشاركات في المعارض وتوفير الدعم المادي للتنقلات. أيضاً في هذه الأيام يبحث الناس عما هو مطبوع من قبل الحاسوب والمطابع الحديثة. الأردن في هذه الفترة يمر بمرحلة انتخابات، وكانت الحملات الدعائية المكتوبة على القماش فرصة اقتصادية للخطاطين تنعش سوقهم. ولكن تغيرت الأحوال وأصبح المرشح يبحث عن اللافتات المطبوعة من قبل المطابع والحاسوب لعدة أسباب، من أهمها أن سعرها أقل وهي أكثر متانة وبألوان جذابة. اللافتة المطبوعة من قبل المطبعة تكلف 6 دنانير. في حين اللافتة القماشية المكتوبة بالحبر تكلف 10 دنانير؛ لأنها تأخذ جهداً أكبر. وفي النهاية، يبحث المرشح عن الأقل سعراً. في الانتخابات السابقة عملت على تخطيط 800 لافتة. وإن شاء الله يحمل هذا الموسم دخلاً جيداً، ولكن تبقى المنافسة حادة في ظل التكنولوجيا".
بالرغم من الصعوبات التي يجدها الخطاط في حياته، إلا أن الجرابعة يبقى مُصرًّا أن الخط العربي رسالة وسيبقى مقدساً. يقول "سأقوم أنا ومجموعة من الخطاطين الأردنيين بتشجيع تعليم الخط العربي من خلال ملتقى سنعقده قريباً. يوجد في الأردن ما يقارب 70 خطاطا من مستويات متعددة. ولقد دربت 100 طالب من بينهم 3 طلاب أجانب. تدربوا على الخط وأتقنوه. لتعلم نوعين من الخط يحتاج الطالب سنة على الأقل دون الانقطاع عن التدرب".
لدى الجرابعة 70 لوحة خط بها آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحِكم مختلفة. وقد حصل الجرابعة على جوائز متعددة، وشارك في مهرجانات عربية، من أهم هذه الجوائز الجائزة التي حصل عليها من مهرجان "فاس" للخط العربي عام 2016 كخطاط متميز. وأيضا حصل على جائزة من الجمعية المغربية للخط العربي في مهرجان الرباط للخط العربي عام 2016. كما شارك هذا العام في مسابقة "أرسيكا" التي تقام في تركيا وقد حصل على تكريم، وفي لبنان في ملتقى الخط العربي للزخرفة الإسلامية في عام 2015.