"سي إن إن": "داعش" يملك شبكة متطورة لتنسيق الهجمات عبر أوروبا
عدد من أفراد داعش كانوا يعيشون في أوروبا ويخططون لهجمات يديرها مسؤولون في التنظيم من سوريا، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
أظهرت آلاف الوثائق والصور التي حصلت عليها شبكة "سي إن إن" الأمريكية من التحقيقات الأوروبية الداخلية، أن تنظيم "داعش" الإرهابي يملك شبكة متطورة يستخدمها لتنسيق الهجمات عبر أوروبا.
وقالت إنه في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، هاجم 10 عناصر من "داعش" باريس، مستهدفين حانات ومطاعم وقاعة احتفال وملعب كرة قدم، مطلقين النار على أكبر عدد ممكن قبل أن يفجروا أنفسهم، ومع نهاية المذبحة تكشّف الهجوم الأكثر دموية في أوروبا على مدى عقد بمقتل 130 شخصًا.
وكشفت الوثائق عن مشتبه به لم يظهر للعلن سابقًا، ربطه المحققون بالخلية التي نفذت هجمات باريس، كان هاربًا في أوروبا لأكثر من 6 أشهر، وغيره من أفراد "داعش"، يعتقد أنهم يعيشون مع المواطنين العاديين في أوروبا، ويخططون لهجمات أخرى يديرها مسؤولون في التنظيم من سوريا بحسب عدة مصادر.
وقالت إنه في غضون أيام من الهجمات في باريس، علمت الشرطة أن منفذي الهجوم على ملعب دو فرانس دخلا أوروبا كلاجئين سوريين، وهذه الصور التي لم تعرض للعلن سابقًا تظهرهما وهما يقتربان من هدفهما قبل أن يفجرا أجهزتهما الناسفة.
لكن الوثائق تشير إلى أن شخصين آخرين كانا جزءًا من الخلية، وتنقلا عبر الطريق نفسها للانتحاريين، متخفين مع آلاف اللاجئين من البلدان التي مزقتها الحروب، اسمهما عادل حدادي ومحمد عثمان، وقد اعتقلا في نهاية المطاف؛ حيث أظهرت وثائق التحقيق معهما كيف دعما "داعش" خلال مهمتهما.
واستنادًا إلى عدة تحقيقات مع حدادي، ففي بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبل 6 أسابيع من هجمات باريس، أظهرت الوثائق بداية رحلتهما في مدينة الرقة، لكن الأعضاء لم يعرفوا أسماء بعضهم أو طبيعة مهمتهم، وبحسب الوثائق فإن حدادي أخبر المحققين لاحقًا بأنه كان يعرف فقط بأنهم سيقومون بأمر "في سبيل الله".
ولفتت إلى أن أغلب رحلتهم كانت موجهة من قبل قائد غامض في "داعش"، يدعى أبو أحمد في سوريا، وكان ينسق لهم الاتصالات والهواتف والأموال والتنقل.
وبعد تحليل الوثائق، قال خبير شؤون الإرهاب، جون تشارلز بريزارد، من الواضح أن "أبو أحمد" عضو في "داعش"، وهو عنصر أساسي في إرسال هؤلاء الأفراد أو الأجانب منهم على الأقل إلى باريس؛ لأنه الشخص الذي جندهم ومولهم ودربهم وزودهم بالهواتف، وكان دائمًا على تواصل معهم.
وبحسب نسخ الاستجواب فإن حدادي وعثمان بجانب منفذي هجوم باريس تنقلوا من الرقة عبر الحدود التركية إلى مدينة إزمير التركية، وشمل ذلك التحرك بعدة وسائل نقل واستلام الأموال واستخدام عدة مهربين.
وتلقوا تعليماتهم من مسؤولهم في "داعش" بسوريا عبر تطبيقات تدعم التشفير مثل تيليغرام وواتساب، وخلال رحلتهم كانوا يحصلون على ما يكفيهم من مال ومعلومات للوصول إلى النقطة القادمة في مهمتهم فقط.
وفي منتصف الليل قام الفريق بمحاولة عبور إلى اليونان في قارب مليء باللاجئين، لتقوم البحرية اليونانية بأخذهم أثناء الطريق.. ليقوم منفذا هجوم الملعب بشق طريقهما إلى الشمال باتجاه هدفهما، لكن جوازي حدادي وعثمان المزيفين اكتشفا.. وتم اعتقالهما ومصادرة أموالهما.. احتجزا في اليونان لشهر.. ولم تذكر السلطات لما أطلقت سراحهما.. لكنها تعتقد أن اعتقالهما كان مهما لأنهما لم يشاركا في هجمات باريس.
وقال حدادي للمحققين إنهما تواصلا مع "أبو أحمد" الذي نسق لإيصال 2000 يورو لهما، وبهذا المال شق الزوج طريقهما عبر مسار اللاجئين، وفي تلك الأثناء فإن عثمان، الذي عرفه المحققون بأنه صانع قنابل من مجموعة إرهابية باكستانية، كان يقتل الوقت عبر تصفح مواقع إباحية، وأظهرت الوثائق أنه تصفح قرابة 20 موقعًا إباحيًّا.
وذكرت أنه في 14 من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعد يوم على هجمات باريس وصل حدادي وعثمان إلى سالزبيرج بالنمسا، وطلبا لجوءًا سياسيًا لينتهي بهما المطاف في مركز اللاجئين هذا حيث بقيا لأسابيع.
وبحسب مصادر "سي إن إن"، فإن السلطات تعتقد الآن أن حدادي وعثمان لم يكونا فقط ضمن نفس الخلية الإرهابية لمنفذي هجمات باريس، وإنما كانا يخططان لهجوم آخر أيضًا، فالوثائق تظهر تواصلهما مع أشخاص في عدة بلدان أوروبية وكانا يبحثان عن أساليب التنقل إلى فرنسا.
ويعتقد المحققون أنهما كانا بانتظار رجل ثالث لينضم إليهما، ناشط غامض في داعش باسم عابد تبعوني، الذي لم تظهر هويته علنًا حتى الآن، وكما هو حال حدادي وعثمان فقد تنقل تبعوني باستخدام مسار اللاجئين، حاملًا رقم هاتف مرتبط بقائد منفذي هجمات باريس.. إضافة إلى صورة لأعضاء داعش أمام علمهم.
في 10 من ديسمبر/ كانون الأول، بعد ما يقارب الشهر من هجمات باريس، وصل تبعوني أخيرًا إلى مركز اللاجئين نفسه الذي بقي فيه حدادي وعثمان، وفي وقت لاحق من اليوم نفسه داهمت الشرطة المركز وتم اعتقالهما وهذا ما حدث لاحقًا بحسب الوثائق.
حاول حداد عبثًا التخلص من بطاقة هاتفة، أما تبعوني فلم يُشاهد على الإطلاق، وأنكر الحدادي معرفته، لكن المحققين وجدوا هاتف تبعوني وهو يُشحن بجانب سرير حدادي، مع وجود رقم الأخير محفوظًا فيه، إلى جانب صورة التقطت قبل 30 دقيقة فقط من المداهمة، يظهر تبعوني فيها جالسًا على سرير بجانب المكان الذي كان حدادي وعثمان ينامان فيه.
وفي تعليق على هذا يقول جون تشارلز بريزارد، خبير في شؤون الإرهاب: يمكننا افتراض أن تبعوني كان أيضًا جزءًا من الخطة نفسها وتلقى أمرًا بتنفيذ هجمات.
ومنذ الوقت الذي فر فيه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي فإن تبعوني أصبح مطلوبًا بحسب مصادر "سي إن إن"، التي أشارت أيضًا إلى أنه اعتقل أخيرًا في يوليو/ تموز الماضي.
ويحلل المحققون الآن 2600 صفحة من المعلومات من هاتفه، وقالت مصادر لـ"سي إن إن" إنهم ينظرون في تسليمه إلى النمسا وربطه بحدادي وعثمان ومنفذي هجمات باريس.
وتشير الوثائق إلى أن هاتف حدادي هو بمثابة كنز للمحققين، كاشفة عن شبكة لداعش تفرعت إلى جنوب وشمال أوروبا، لديه العشرات من جهات الاتصال.. بعضهم أعطى نصائح بكيفية تجاوز الحدود وتجنب القوانين، في حين قال واحد منهم إن بإمكان حدادي الدخول إلى فرنسا عبر الاختباء في حمام أحد القطارات.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDYuMTQxIA== جزيرة ام اند امز