ابحثوا عن هؤلاء الذين قاموا بتجريف مصر من خيرة أبنائها..من هاجر..ومن انسحب..ومن زهد ومن فوض أمره إلى الله
اذا كانت لديك حديقة فيها كل أنواع الأشجار الشامخة وفيها كل الثمار اليانعة وكانت تمنحك كل شئ الغذاء والجمال والأمن..وعاشت دائما لا تبخل عليك بشئ..
ولكن للأسف الشديد تغيرت الأيام وبخلت عليها بالماء وبدأت فروعها تتساقط وتحولت إلى أطلال خاوية تبحث فيها عن ثمار غابت وجمال رحل..هذه الصورة تطاردنى كلما بحثنا في دفاترنا وأوراقنا عن أشخاص نحتاجهم في العمل العام..قبل كل تعديل وزارى تتساقط الأسماء اسما بعد اسم أمام تقارير الجهات الرقابية لأن وراء كل مرشح قصة وحكاية تفتقد الأمانة والمصداقية..وتنظر إلى ثمار الشجرة العتيقة فلا تجد غير أشياء معطوبة في الفهم والوعى والمسئولية..وتبدأ رحلة التراجع ويتم اختيار نماذج غريبة في المواقع المهمة وتسأل لماذا ويكون الجواب هذا هو المتاح رغم ان الحديقة مازالت تخفى وجوها كثيرة واعية وراقية..في هذه الأيام تجرى مناقشات ومحاورات حول الاسم الذى يليق بمجلس الشعب..ان مصر بملايينها وتاريخها ورموزها تبحث عن شخص مناسب ليكون رئيسا لبرلمانها الجديد..وتبدأ رحلة البحث وتسمع عن أسماء ما انزل الله بها من سلطان ولا تجد أحداً..والسؤال هنا ما هى حدود جريمة تجريف وطن وهل جرى ذلك بالمصادفة ام انه قرار مسبق شاركت فيه أطراف كثيرة هل بعد هذا الزخم في مجتمع كان يضج بالكفاءات والقدرات والمواهب نجد أنفسنا في هذه الحيرة..تبحث عن صوت جميل يغنى ولا تجد تبحث عن فنان قدير صاحب دور ورسالة ولا تجد تبحث عن مقاول شريف حتى لا تسقط العمارة على سكانها ولا تجد تبحث عن عامل أمين يدخل بيتك ولا تجد تبحث عن وجوه جديرة بأن تمثل الشعب في برلمانه وتسقط من بين يديك جميع الأسماء..ان القضية اكبر بكثير من مجرد تجريف للعقول..انها تجريف للانتماء والإحساس بالمسئولية تجاه وطن ولا أدرى ماذا يفعل المسئول وهو يفتش في أوراقه ودفاتره وما يصل إليه من تقارير أمنية من الأجهزة الرقابية عن أعداد مهولة من المرشحين وللأسف أمام كل واحد كلمة واحدة غير لائق..ابحثوا عن هؤلاء الذين قاموا بتجريف مصر من خيرة أبنائها..من هاجر..ومن انسحب..ومن زهد ومن فوض أمره إلى الله
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة