اعتادت القمة أن تستضيف دولة معينة للتعريف بآدابها وفنونها فكما كان لدولة الكويت ممثلة بوزارة الإعلام حضور قوي في السنة السابقة
لا تكون اجتماعات القمم بين رؤساء الدول والحكومات فقط، بل يمكن لأفراد من الشعوب يريدون أن يتعرفوا على الآخرين وينهلوا من معارف وخبرات نظرائهم أن يطلقوا على اجتماعاتهم اسم القمم.
وهكذا كانت الحال مع قمة البوسفور السادسة التي التأمت في اسطنبول قبل أيام بحضور ناشطين ومثقفين وخبراء أتوا من 80 دولة في العالم. كان هناك حضور قوي وفاعل من منظمات كبيرة أتى ممثلوها ليشاطروا خبراتهم ويتعرفوا على الجديد. كان هناك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية ومنظمة الطاقة الدولية واتحاد الغرف التجارية السعودية ومركز الصناعات الخليجية ومركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة اكسفورد والمنظمة الدولية للحوار التركي – العربي ووزراء من تركيا والمغرب وقطر وفلسطين وباكستان وأوغندا والولايات المتحدة والكثيرون من السفراء المعتمدين في أنقرة من البلدان العربية والغربية.
في كلمة افتتاحية أشار الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إلى أننا نعيش جواً مشحوناً بالمخاطر في عالمنا وأن التاريخ يثبت أن الفرص المتاحة أتت معها بمخاطر وتحديات وفرص للأفراد، ونبّه إلى أن الاتجاه إلى فقر أقل ورخاء أوسع في العالم وهو الشعار الذي رفعته القمة هذه السنة لا يتحقق إلا بترسيخ العدالة على الصعيدين السياسي والاقتصادي محلياً وعالمياً.
وفي ندوة مهمة عن التمويل الإسلامي تعهدها البنك الإسلامي للتنمية تعرف الحاضرون حتى من خارج العالم الإسلامي على ما يتضمنه هذا المنهج من خدمة للأجيال القادمة والعدالة الاجتماعية التي يحققها هذا المسار.
احتل موضوع الهجرة واللجوء حيزاً بارزاً في مناقشات القمة وأدلى باحثون متميزون بدلوهم للتعريف بهذه الأزمات ونتائجها المدمرة والحلول المقترحة للحد من آثارها، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم البحث عن كل موضوع مهم يشغل بال الكثيرين، من إسهام المرأة في الاقتصاد ودور الحكومات والقطاع الخاص في التنمية والرياضة والدراسات التاريخية والفنون. وغني عن القول أن الدراما التركية المنتشرة في العالم العربي والأوروبي والولايات المتحدة ودول البلقان وأميركا اللاتينية أخذت موقعها في الشرح باستفاضة.
وللمرة الثانية بعد أن أصبح ذلك تقليداً منذ القمة الخامسة في العام الماضي دخلت اللغة العربية إلى جدول المناقشات إضافة إلى اللغتين التركية والانكليزية، فبالإضافة إلى مداخلات بعض المشاركين بهذه اللغة في كلماتهم ومحاضراتهم عقدت ندوة خاصة للحوار العربي- التركي نظمها ملتقى الحوار العربي – التركي وأدارها باطلاع واسع وخبرة عميقة رئيس بعثة الجامعة العربية في أنقرة السفير محمد الفاتح الناصري واشترك فيها أعضاء من الهيئة التنفيذية من تركيا والبحرين والسعودية من بينهم كاتب هذه السطور.
اعتادت القمة أن تستضيف دولة معينة للتعريف بآدابها وفنونها وتقاليدها فكما كان لدولة الكويت ممثلة بوزارة الإعلام حضور قوي في السنة السابقة فقد استضافت القمة في مساء أول يوم من اجتماعات القمة السادسة الليلة القطرية التي رعتها وزارة الثقافة في دولة قطر وقدمت فيها مزيجاً من الفن والأزياء والتقاليد القطرية وكان هناك إقبال واسع من المشاركين في القمة للتعرف على مآثر هذا البلد الشقيق.
لقد اتفق الكثيرون على أن لا يترك الأمر للأوساط السياسية والحكومات فقط لكي تأخذ زمام المبادرة للتقريب بين ثقافات الشعوب ومناقشة أهم المسائل التي تشغل بال الأوساط الشعبية والثقافية والاجتماعية بل يجب أن تأخذ المنظمات الفكرية والاجتماعية أيضاً دورها الفعال في الإسهام في هذه الجهود، ولذلك كان منتدى التعاون الدولي والذي نظم مؤتمره السادس بكل نجاح موفقاً جداً في التبشير بهذه الأفكار.
لقد بدأت القمة بتواضع ملحوظ في العام الأول ولكنها كانت عازمة على الدفاع عن هذه المفاهيم فازداد عدد الدول والمنظمات المشاركة إلى أن وصل عدد الدول التي أتى المشاركون منها إلى 80 دولة، ومن هذا المنطلق لم يكن غريباً أن يشير كل من وزير التخطيط والمواصلات التركيين اللذين شاركا إلى جانب وزير الرياضة والشباب التركي في القمة بكلمات مستفيضة إلى أن قمة البوسفور السنوية في اسطنبول أصبحت علامة فارقة.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في حريدة الحياة وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة