صور.."الضابوس" يحوّل قذائف الدبابات الإسرائيلية إلى تحف فنية فلسطينية
حسام الضابوس يستقبل قذائف القتل الإسرائيلية التي تنادي للموت، ويحولها إلى لوحات فنية فلسطينية تنبض بالحياة.. ويحلم بتنظيم معرض لأعماله.
تنتصب قذائف إسرائيلية في أحد منازل مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وقد بدت أشبه بتحفٍ فنيةٍ، حيث نجح شاب في إعادة الحياة إليها بريشته، بعدما نشرت القتل والرعب بين الفلسطينيين على مدار 51 يومًا، في صيف العام الماضي.
وطرأت فكرة الرسم على هذه القذائف، المتنوعة بأحجامها وأنواعها، لدى حسام الضابوس (34 عامًا) أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014م، والتي أسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى، وخلّفت دمارًا واسعًا في البيوت والبنية التحية.
ويحاول الضابوس إيصال رسالة إلى العالم "تؤكد وجودِ شعبٍ يحبُ الحياة ما استطاع إليها سبيلا"، كما يقول لـ"بوابة العين".
وبدأ مشوار الضابوس عندما اغتنم سريان هدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة ليجلب قذيفة سقطت في منطقة استهدفتها دبابة عسكرية بغرض الرسم عليها، لكنه فشل في تحقيق مراده، بعدما خرقت إسرائيل الهدنة وعاد أدراجه.
ويقول الضابوس، لحظة انشغاله بتلوين علم فلسطين على واجهة إحدى القذائف: "بعد المحاولة الأولى بيومين، انتهت الحرب فعليًّا، فذهبتُ إلى المناطقِ الحدودية وجلبتُ قذيفتين، عدتُ بهما إلى منزلي وقمتُ بتحويلهما إلى مزهريتين لوضعِ الورود، ولتبقيا ذكرى لأولادي عن حرب 2014".
وحاولَ كثيرٌ من أصدقاءِ وأقاربِ الضابوس صرفه عن التعاملِ مع تلك القذائف التي قد تُشكلُ خطرًا على حياته، فقام باستشارة خبراءٍ من الأجهزة الأمنية فأعطوه تصريحًا باستخدامها نظرًا لفراغها من المتفجرات التي تكون بداخلها.
لكن تبقى مهمة الضابوس محفوفة بالمخاطر رغم تطمينات الجهات الأمنية المختصة، فقد استشهد وجرح عشرات الفلسطينيين جراء انفجار أجسام من مخلفات الاحتلال على مدار الأعوام الماضية، وكان آخرهم 4 فلسطينيين في أغسطس الماضي، إثر انفجار مفاجئ نجم عن صاروخ كان مدفونًا تحت ركام أحد المنازل المدمرة في مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة.
وبخلاف الرسم على القذائف، نجح الضابوس كذلك في إنجاز عديد من الرسومات واللوحات الفنية ومنها رسمة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
ويتابع الضابوس: "كل حدثٍ وقع في الحرب سأرسمه على تلك القذائف التي بها اجتُثت السعادة وأُزهِقت الأرواح، لأوصلَ رسالةَ إلى العالمِ أجمع أننا شعبٌ يحبُ الحياة، ويتمنى العيش بسلام".
كانت إسرائيل قد شنّت حربًا على قطاع غزة، في السابع من يوليو/ تموز 2014، أسفرت عن استشهاد أكثر من 2200 فلسطيني، وهدم 12 ألف وحدة سكنية، بشكل كلي، حسب بيانات حكومية فلسطينية.
وجمعَ الضابوس كثيرًا من القذائف (مدفعية، دبابة، طائرة) ووثّق عليها بريشته أحداثًا مؤلمة، فجسّد صور أطفال من عائلة "بكر" استشهدوا في أثناء لعبهم على شاطئ البحر، وآخرين كانوا يلعبون على الأرجوحة يوم عيد الفطر، وغيرها من صور الصحفيين وضباط الإسعاف.
وفي حديثه عن خطوات الرسم على تلك القذائف يقول لـ"العين": "أقوم بغسلها أولًا من أثر الكحول والديناميت، ثم أنظفها من الصدأ وأطليها بالطبقة الأولى من الدهان، ثم أنتظر جفافها ليومٍ واحد ثم أطليها بطبقة أخرى من الدهان الزيتي اللامع، ومن ثَمَ أقوم برسم اللوحة التي أريدها والتي تستغرق من يومين إلى ثلاثة".
إحدى رسومات هذا اللاجئ كانت عبارة عن خارطة فلسطين والمسجد الأقصى، وثعبان يلتفُ عليهما ودم ينزف، وعن ذلك يقول: "الثعبان هو الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والذي يسبب نزيف الدم المتواصل لأهلها".
وفي عمل آخر قام بتعبئة إحدى القذائف بالكيروسين وثبَّت في مقدمتها رأسًا حديديًّا لاستخدامه في الإنارة، في إشارةٍ منه إلى أزمةِ انقطاعِ التيار الكهربائي المتواصلة في قطاعِ غزة منذ نحو ثمانية أعوام نتيجةَ الحصارِ الإسرائيلي.
وعن الصعوباتِ التي تواجهه وما يتمناه الضابوس يقول: "أستخدمُ في رسوماتي ألوانَ الدهان المستخدمة للحديد، نظرًا لقلةِ الإمكانيات وعدمِ مَقدرتي على شراءِ الألوان الزيتية، وأتمنى أن تلقَى موهبتي اهتمامًا من المسؤولين لأتمكنَ من إقامةِ معرضٍ خاص بتلكَ اللوحات كي تصلَ الرسالة التي أطمح بإيصالها إلى العالم أجمع".
حسام الضابوس باختصار يستقبل قذائف القتل الإسرائيلية التي تنادي للموت، ويحولها إلى لوحات فنية فلسطينية تنبض بالأمل والحياة.
aXA6IDMuMTM1LjE4OS4yNSA= جزيرة ام اند امز