منذ أسبوعين والحركة الديبلوماسية الروسية نشطة ومكثفة تجاه ملف الأزمة السورية زيارات متعددة يقوم بها المسؤولون الروس إلى إيران وتركيا
منذ أسبوعين والحركة الديبلوماسية الروسية نشطة ومكثفة تجاه ملف الأزمة السورية، زيارات متعددة يقوم بها المسؤولون الروس إلى إيران وتركيا المعنيتين بشكل مباشر بما يجري على الأرض السورية من خلال دعم كل طرف منهما حليفه، أنقرة المعارضة المسلحة وطهران الحكومة السورية.
اللافت أن المبادرات في ما يخصّ إيجاد حلول للأزمة المندلعة منذ نحو سبع سنوات ما عادت مقتصرة على الخارجية الروسية، وإنما بات الرئيس فلادمير بوتين هو من يتحدث عنها، هذا ما يؤكد مدى أهمية الملف السوري بالنسبة لزعيم الكرميلن الذي كشف عن مؤتمر لجمع أكبر شريحة من السوريين، أُطلِق عليه مؤتمر الشعوب السورية، فما الذي تريده موسكو من هذا الملتقى الذي دعت إليه 33 كياناً يمثلون مختلف المكونات السورية؟
الجانب الروسي يسعى عبر هذا الحراك الذي بدأه بأستانا وفتح الباب أمام مؤتمر سوتشي القول لنظرائه في دمشق،إنّ الحلّ لن يكون على ما تشتهون، ثمة ثمن سيُدفع، يتمثل بعدم ترشح الأسد للانتخابات المقبلة وإشرافه عليها بمساندة المجتمع الدولي
المراقب لسياسة روسيا فيما يخصّ الملف السوري يدرك تماماً أنّ كلّ خطوة تقوم به الأخيرة تكون محسوبة ومبنياً عليها مواقف ستتبعها، لذا فإنّ هذا المؤتمر يحمل ثلاث رسائل:
الأولى إلى المجتمع الدولي الذي طالما وجّه اللوم إلى روسيا بأنها تساند حليفتها دمشق باستهداف المعارضة المعتدلة، لذلك سارعت موسكو لتوجيه الدعوة إلى جميع فصائل المعارضة لإثبات أنّها لا تفرق بين فصيل وآخر وأنّها جادة في مساعيها للحل السياسي الذي خلقت له مسارا موازيا لمسار جنيف هو أستانة وبذلك تتخلص من تهمة أنّها غير حيادية تجاه بعض الفصائل والقوى السياسية الساعية بدورها إلى حل سياسي يجنب البلاد مزيدا من الدمار.
الثانية للمعارضة نفسها بجميع صنوفها أنه لابدّ لها من تغيير أولوياتها عقب ماتصفه روسيا بانتصارات حليفها في دمشق، وتغيير موازين القوى على الأرض، خصوصاً أن" الجيش السوري" تمكن مؤخرا من السيطرة على كامل مدينة دير الزور من قبضة تنظيم "داعش" المتطرف، ويعتزم التوجه إلى الرقة قريبا كما صرح عسكريون فيه.
خبايا الرسالة تقول للمعارضة إنّ الحل السياسي يقترب أكثر مما سبق، وبمن سيكون مرنا أكثر ويقبل بـما سيتفق عليه اللاعبون الكبار بموافقات دولية ومباركة عربية، سواء حضر الائتلاف أو غيره من الشخصيات التي توصف بأنها متشددة حيال "مصير الأسد "أو لم يحضروا.
الرسالة الثالثة والأخيرة فهي تطرق باب دمشق التي لها رؤية مختلفة عما يعتزم الروس القيام به إذ إنّ التباين واضح مابين الطرفين، خصوصا عقب زيارة المبعوث الخاص لبوتين الكسندر لافرنتييف إلى سوريا ولقائه الأسد،المسؤول الروسي تحدث عن رؤية تتضمن الاتفاق على دستور وانتخابات برلمانية ورئاسية بينما اكتفت دمشق بالقول إنّها تتعهد القيام بإصلاحات دستورية، دون التطرق لموضوع الانتخابات الرئاسية، متسلحة بدعم منقطع النظير من إيران في هذه المسألة على وجه التحديد،وهذا بالطبع مايزعج روسيا التي أرادت تحذير حليفتها وإن بطريقة غير مباشرة أن "الحرب على الإرهاب" التي بدأتها روسيا وكانت تتذرع بها تكاد تنتهي، ومامن مبرر لا للداخل الروسي المتأزم اقتصاديا وعسكريا نتيجة هذه الحرب أو المجتمع الدولي بمواصلتها عملياتها العسكرية في سوريا، الجانب الروسي يسعى عبر هذا الحراك الذي بدأه بأستانا، وفتح الباب أمام مؤتمر سوتشي القول لنظرائه في دمشق،إنّ الحلّ لن يكون على ماتشتهون،ثمة ثمن سيدفع يتمثل بعدم ترشح الأسد للانتخابات المقبلة، وإشرافه عليها بمساندة المجتمع الدولي، كما تتوقع مصادر سياسية سورية معارضة "لبوابة العين" في الأشهر الأولى من عام 2018 على أبعد تقدير،أو تعهد الأخير بفك ارتباطه نهائيا بإيران كمبرر لتسويقه عالميا وعربيا من جديد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة