سوريا بدون "داعش".. نهاية أزمة أم شكل جديد للصراع؟
هل تستطيع مفاوضات جنيف نزع فتيل أزمات متوقعة في سوريا بعد الخلاص من تنظيم داعش، أم أن سوريا ستكون على موعد مع شكل جديد من الصراع؟
عندما قررت روسيا في سبتمبر/ أيلول 2015 إرسال قوات عسكرية إلى سوريا، كان المبرر الذي تم ترديده حينها أن الهدف هو مساعدة سوريا في القضاء على التنظيمات الإرهابية، لاسيما تنظيم داعش الإرهابي الذي حقق وقتها تمددا في مساحات شاسعة من الأرض السورية.
- لأول مرة.. داعش يدعو النساء لشن هجمات إرهابية
- قوات الأسد تحاصر داعش في "الميادين" وتسعى لطرده من دير الزور
اليوم وبعد الإعلان عن تحرير الرقة من داعش، لم يتبق سوى فلول من التنظيم الإرهابي انتقلت إلى محافظة دير الزور، وبات إعلان سوريا خالية من الدواعش مسألة وقت، الأمر الذي دفع النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي، فرانز كلينتسيفيتش، إلى القول، اليوم الثلاثاء 17 أكتوبر، إن " العملية العسكرية في سوريا ستنتهي قبل نهاية العام حتى وفقا لأكثر التوقعات تشاؤما"، مشيرا إلى أن "روسيا ستنجز كل ما له علاقة بسوريا وبالإرهاب".
وكان وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، قد أكد، أمس الإثنين 16 أكتوبر، المعنى ذاته، عندما قال خلال اللقاء الذي جمعه مع نظيره الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، إن العملية العسكرية الروسية ضد المسلحين والإرهابيين شارفت على نهايتها في سوريا.
المنطقي وفق هذه التصريحات أن يرتفع سقف التطلعات التي تبشر بنهاية قريبة للأزمة السورية، فمع اختفاء تنظيم داعش الإرهابي، سيتبقى في سوريا ما يتم وصفه بـ"المعارضة المعتدلة"، والتي يمكن التوافق معها على بعض الحلول، مثلما نجحت القاهرة مؤخرا في رعاية اتفاق للتهدئة في جنوب دمشق.
وقال المعارض السوري بسام الملك لبوابة "العين" الإخبارية، إن هذا الاتفاق يعطي دفعة قوية لمفاوضات جنيف المقبلة، والتي ستعقد في ظل ظروف أفضل، مع انحسار تأثير تنظيم داعش الإرهابي.
ولكن هذه الرؤية المتفائلة تصطدم برؤية أخرى تقول إن أكراد سوريا، الذين يشكلون السواد الأعظم من قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من أمريكا، والذين تحملوا عبء قتال داعش بريا، لم يفعلوا ذلك، إلا خدمة لأجندتهم الخاصة، والتي تقوم في الأساس على الانفصال بالشمال السوري، وتأمين موارد للإنفاق على دولتهم الانفصالية من خلال موارد محافظة دير الزور، الغنية بالنفط والمحاصيل الزراعية.
وتمتلك المحافظة 40% من ثروة سوريا النفطية، و30% من القطن والمحاصيل الزراعية المختلفة، كما أن بها مخزوناً استراتيجياً كبيراً من الحبوب.
وتعي تركيا جيدا هذه المساعي الانفصالية وتخشى من انتقال عدواها إلى أكراد تركيا، وهو ما جعلها توجد عسكريا في محافظة إدلب، لتكون حاجزاً أمام طموحات الأكراد في توحيد منطقة عفرين المعزولة شمال إدلب مع بقية المنطقة التي يسيطرون عليها في الشمال السوري.
ولا يحظى هذا الحضور التركي في إدلب بطبيعة الحال بقبول الأكراد، كما أنه لا يحظى أيضا بقبول الحكومة السورية، وطالبت الخارجية السورية قبل يومين تركيا بإنهاء ما اعتبرته عدواناً سافراً على الأراضي السورية وسحب القوات التركية فوراً دون أي شروط.
وعلى ذلك، يبدو أن هذه المنطقة من الشمال السوري ستكون عنوانا لتوتر ربما سيكون أكثر ضراوة من حرب داعش، لتأخذ معه الأزمة السورية منحى مختلفا تماما عن بدايتها.
ولا يبدو الوضع في دير الزور أحسن حالا، فالجيش السوري يسعى لطرد داعش من مناطق الآبار النفطية لاستعادتها مرة أخرى، وقوات سوريا الديمقراطية تضع نصب أعينها الهدف نفسه، الأمر الذي دفع التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا إلى طلب الوساطة الروسية لتوقيع اتفاق بين الجانبين في 14 سبتمبر الماضي تمخض عنه تحديد خط للفصل بين مناطق وجود الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور لمنع وقوع التصادم بينهما.
- حرب "داعش" بـ"دير الزور".. صراع على القطعة الشهية بـ"الفطيرة السورية"
- سوريا تحذر أكرادها بعد سيطرتهم على نفط دير الزور
ولم يمنع هذا الاتفاق من حدوث تنافس بينهما على السيطرة على حقل غاز كبير كان يسيطر عليه الدواعش، وفازت في هذه المنافسة قوات سوريا الديمقراطية، التي تمكنت في 23 سبتمبر الماضي من السيطرة على حقل الغاز.
ولا يزال الكثير من الآبار تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في معقله الأخير بدير الزور، وهو ما ينذر بصراع سيشتعل فتيله بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية.
فهل تستطيع مفاوضات جنيف أو الأستانة نزع فتيل هذه الأزمات، أم أن سوريا ستتخلص من داعش لتكون على موعد مع شكل جديد من الصراع؟
aXA6IDMuMjEuMjQ2LjUzIA==
جزيرة ام اند امز