فى المقابل نرى صمتا كاملا من جانب نواب الشعب تجاه إصرار السلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية على ممارسة سلطة التشريع
انتفض العديد من نواب الشعب المنتخبين عندما قرر وزير الشئون البرلمانية مجدى العجاتى قبول استقالة اللواء خالد الصدر من منصبه كأمين عام لمجلس النواب وتعيين المستشار أحمد سعد خلفا له، وقال النواب إن الحكومة اغتصبت سلطة البرلمان وأعضائه بقرار تعيين أمين عام جديد رغم أنه لم يتبق سوى أيام قليلة على انعقاد البرلمان الذى انتخب الشعب أعضاءه، وقال البعض إن الحكومة أرادت بهذه الخطوة إظهار العين الحمراء للنواب وإبلاغهم رسالة واضحة تقول إن «كلمتها هى العليا».
فى المقابل نرى صمتا كاملا من جانب نواب الشعب تجاه إصرار السلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية على ممارسة سلطة التشريع واستمرارها فى إصدار القوانين رغم اكتمال عملية الانتخابات ليصبح لدينا برلمان نباهى به الأمم.
لماذا لا يعترض أعضاء مجلس النواب على استمرار صدور القرارات الجمهورية بقوانين رغم أنه لم يتبق سوى ساعات قليلة وينعقد البرلمان خاصة إذا كانت تلك القوانين خارج نطاق حالة الضرورة والإلحاح التى اعتمدها الدستور كمبرر لإصدار قوانين من جانب السلطة التنفيذية فى غيبة البرلمان؟
أخشى أن يكون إصرار الرئيس على ممارسة سلطة التشريع حتى اللحظة الأخيرة وبقوانين لا تخضع لمبدأ الضرورة مثل قانون «سريان أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية على العاملين فى المستشفيات الجامعية» الصادر بقرار جمهورى قبل أيام، وقانون «تعديل أحكام قانون المعاشات والتقاعد للقوات المسلحة» الصادر قبل ساعات، يستهدف توجيه رسالة إلى النواب الجدد تقول إن «كل السلطات فى يد الرئيس» وإن دور البرلمان سيكون الاستجابة لمشيئة الرئاسة.
وما يعزز هذه الفرضية أنه ورغم انتخاب البرلمان لم يحدد الرئيس حتى الآن موعدا لانعقاد البرلمان لكى يبدأ الأعضاء ممارسة دورهم التشريعى والرقابى، حيث إن البرلمان لا يبدأ دور انعقاده بدون دعوة الرئيس، ليس هذا فحسب بل إن الرئيس خاطب النواب فى كلمته بمناسبة المولد النبوى فقال لهم: «لو كنت مكان النواب فى البرلمان الجديد، لن أدخل فى مناقشات جدلية وإنما سأدرس مشاكل بلدى وأبناء دائرتى وأعمل على حلها»، وكأن الرئاسة تريد «نواب خدمات» وليس «نواب تشريع ورقابة».
والحقيقة أن سعى رأس السلطة التنفيذية إلى ضمان تأييد السلطة التشريعية أمر طبيعى فى عالم السياسة، ولكن استسلام الأخيرة لمحاولات الأولى السيطرة عليها سيكون خطيئة من جانب نواب اختارهم الناس لكى يمارسوا سلطتهم التشريعية والرقابية باستقلالية كاملة.
المفارقة أنه فى حين تعيش السلطة التنفيذية مع أعضاء البرلمان حاليا فى «حيص بيص» بحثا عن مخرج من المأزق الذى صنعته رئاسة الجمهورية فى عهدى الرئيس عدلى منصور والرئيس عبدالفتاح السيسى بإصدار أكثر من 331 قانونا يحتاج البرلمان إلى مناقشتها وإقرارها خلال 15 يوما فقط حتى لا تصبح لاغية، يصر الرئيس على إصدار القوانين بقرارات جمهورية دون أى داع من ضرورة أو عجلة.
أخيرا لا أظن أن كثيرين ينتظرون معارضة أو مراقبة من جانب برلمان يتسابق أعضاؤه على إظهار الولاء لرئيس الجمهورية سواء تحت شعار «دعم الدولة» أو «دعم مصر» أو حتى «حب مصر». ومع ذلك تظل كلمة الحق واجبة وهى أنه بدون نواب يحاولون ترشيد أداء السلطة التنفيذية ويتصدون لمحاولات السيطرة على البرلمان سيخسر الجميع.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة