هيلينو هيريرا.. الساحر الذي قضى على متعة الكرة
الغريب أن هيريرا الذي توج مع برشلونة بالدوري الإسباني مرتين قبل ذهابه إلى إنتر ميلان، لم يسع لتجربة خطته مع الفريق الكتالوني
كما ذكرت في موضوع سابق لم يكن الأرجنتيني هيلينو هيريرا هو مخترع طريقة الكاتناتشيو وهي كلمة إيطالية تعني "ترباس أو مزلاج الباب"، وإنما سبقه إلى ذلك المدرب النمساوي كارل رابان بأكثر من 20 عامًا حينما أطلق على طريقته "فيرّو" وهي كلمة فرنسية تحمل نفس المعنى.
لكن مع ذلك تبقى الكاتناتشيو مرتبطة ذهنيًّا بالمدرب الفذ الذي تولى تدريب إنتر ميلان بين عامي 1960 و1968 ليحوله من ناد بعيد عن البطولات طوال 9 سنوات، ولا يستطيع أنصاره رفع أعينهم في وجوه أنصار الغريم أيه سي ميلان، إلى فريق متوج استطاع أن يفوز بالدوري الإيطالي 3 مرات في غضون 4 مواسم، وبكأس أوروبا (دوري أبطال أوروبا حاليًا) مرتين وكأس الإنتر كونتنينتال (كأس العالم للأندية) مرتين.
الغريب أن هيريرا الذي توج مع برشلونة بالدوري الإسباني مرتين قبل ذهابه مباشرة إلى إنتر ميلان، لم يسع لتجربة خطته الجهنمية مع الفريق الكتالوني ربما خوفًا من غضب الجماهير التي تعشق الأداء الهجومي، ومع ذلك اضطر للرحيل من برشلونة رغم نجاحه بسبب خلافاته مع نجم الفريق وقتها ومعشوق الجماهير لاديسلاو كوبالا.
مع إنتر كشف هيريرا عن وجه صارم لم يعرف به من قبل، حيث وصف بالديكتاتور وأحيانًا بالشيطان، نظرًا لأسلوبه الفظ مع لاعبي الفريق، فقد ألزمهم بمعسكرات تدريب على الطريقة العسكرية حيث الاستيقاظ في الصباح الباكر وممارسة تمارين بدنية عنيفة عدة مرات على مدار اليوم مع تطبيق حمية غذائية قاسية عليهم، وحارب بعنف ضد وجود أي نجم في الفريق.
ولا يعرف أحد ما إذا كان ذلك الأسلوب لجأ إليه هيريرا لإعادة الانضباط، ومن ثم البطولات إلى الفريق الإيطالي، أما انه كان نوعًا من الانتقام من كوبالا الذي تسبب في طرده من برشلونة وهو بطل متوج؟.
ويعتبر كثير من نقاد كرة القدم الأوروبيين هيلينو هيريرا أول مدرب حقيقي في تاريخ كرة القدم بفضل ما تميز به من قدرته على فرض أفكاره وخططه على لاعبيه، وأن يكون أكثر نجومية من لاعبيه.
المهم أن هيريرا بالتوازي مع تطبيق نظامه العسكري الصارم في اللجوء لطريقة الكاتناتشيو أو 5-3-2 بوجود ليبرو خلف المدافعين الأربعة بمواصفات معينة أهمها قدرته على قراءة الملعب بشكل كلي، ويملك دقة في تمرير الكرات الطولية، مع 3 لاعبي وسط يميلون أكثر إلى الدفاع، ووجود مهاجمين فقط في الأمام، وكل اللاعبين الخمسة يمتازون بسرعة الانطلاق من الخلف إلى الأمام لتنفيذ الهجمات المرتدة بأقل عدد من التمريرات، وأقل مساحة من الوقت.
نجحت الطريقة الجديدة نجاحًا فذًّا في تحقيق المجد للإنتر وللمدرب الأرجنتيني، لكنها في المقابل كانت أول مسمار في نعش متعة كرة القدم، بعدما ألغت تقريبًا الكرة الهجومية، فلا فريق الإنتر يمارسها، ولا تسمح طريقة لعبه للفريق المنافس بممارستها، واشتهر هيريرا والإنتر بلقب "إنجاز الـ 1-0" في إشارة لنتائج أغلب المباريات التي يفوز بها بهدف يتيم.
ورغم ذلك لم يكن أحد في أوروبا كلها يستطيع التعليق على فريق ومدرب يحققون إنجازات مبهرة، حتى تحطمت الأسطورة في نهائي كأس أوروبا عام 1967 حينما خطف سلتيك الإسكتلندي اللقب بهدف في الدقيقة 84 من المباراة ليحول التقدم المبكر للإنتر إلى فوز لصالحه، وكانت المباراة بداية النهاية للكاتناتشيو التي حيرت عمالقة الكرة الأوروبية طوال سنوات.
بعد ذلك درب هيريرا عدة فرق دون أن يحقق نجاحًا مماثلًا، كما عاد لتدريب برشلونة عام 1979، قبل أن يتم تسريحه في الموسم الثاني لفشله في الفوز بالدوري.
لكن الأغلب أن السبب الرئيسي لخفوت بريق هيريرا هو ظهور العبقري الهولندي رينوس ميتشلز وطريقته المبتكرة "الكرة الشاملة" التي جمعت بين مميزات الكاتناتشيو الدفاعية، ونهم المشجعين للكرة الهجومية الممتعة.