من رحم المعاناة يولد الابتكار .. سورية تستغل الرياح وأخرى تخترق الجدران
الشابة السورية سيرين حمشو، حصلت على براءة اختراع في مجال الطاقة المتجددة، فيما نجحت أخرى في ابتكار تقنية لرصد ما وراء الجدران.
يعتقد البعض أن الإبداع لا يتحقق إلا في ظروف الحياة النموذجية، لكن تجربة العديد من السوريين أثبتت أن الظروف الاستثنائية التي اقتحمت حياتهم والمعاناة اليومية التي يعيشونها والحاجة لإثبات الذات التي تشتت في جميع أرجاء العالم، كانت عوامل لتحفيز الإبداع ولطرق أبواب التميز.
إحدى هذه التجارب المميزة كانت للشابة السورية سيرين حمشو، التي حصلت على أول براءة اختراع في مجال الطاقة المتجددة، سُجِّلت في مكتب الاختراعات العالمية الأمريكية (بورد).
وذكرت حمشو (27 عامًا) عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، يوم الثلاثاء، أنها قبل 4 أشهر حولت فكرتها إلى منتج علمي بعد أن قادت فريق علمي أمريكي في البحث عن بدائل للطاقة التقليدية والولوج إلى الطاقة المتجددة "طاقة الرياح".
وعن بداية الفكرة قالت حمشو: "بدأتها بفكرة لم تمنعني غرابتها من مشاركتها مع فريق علمي أمريكي الذي شجعني على المضي بها"، مضيفة: "عرضتها بعد ذلك على فريق تقني ألماني فأبدى دعمًا أكثر من سابقه".
وأردفت الشابة السورية أن شركة "جينيرال إليكتريك" العالمية للصناعات والتكنولوجيا، تبنت اختراعها من الناحية العلمية والقانونية وتعمل على تطبيقه وتعميمه على جميع توربينات الهواء العاملة في مجال الطاقة المتجددة في أمريكا.
وعبرت حمشو عن فرحها بهذا الإنجاز الذي حققته بقولها: "لا يوجد أجمل من فرحة الإنجاز، والأجمل منه أن يكون إنجازك شيئًا تستفيد منه البشرية جمعاء".
ولم تعلن حمشو عن تفاصيل هذا الاختراع، إلا أنها قالت إنها ستكشفها قريبًا على موقع "Google Patents".
وكانت سيرين حمشو قد أعدت هذا العام، فيلمًا قصيرًا تحت اسم "هاجر" يعيد تعريف مفهوم الوطن والهجرة من وجهة نظر إسلامية، صوره فريق عربي في مدينة نيويورك الأمريكية.
ودرست حمشو هندسة الاتصالات الإلكترونية في جامعة القلمون بسوريا، وأنهت دراستها بثلاث سنوات ونصف فقط، مستغلة بذلك نظام الساعات المعتمدة ونظام الفصول الصيفية، لتحقق هذا الإنجاز الذي لم يسبقها إليه أحد في الجامعات الخاصة ولا حتى الجامعات الحكومية السورية.
كما حصدت حمشو المركز الأول على مستوى الجامعة، على الرغم من أنها كانت تدرس الشريعة الإسلامية في الوقت ذاته، وهي الابنة الوحيدة للمخترع السوري عمر حمشو وزوجته رفيدة الحبش.
رصد التحركات خلف الجدران
ومن حمشو إلى البروفيسورة دينا قتابي، التي اخترعت نظام يمكن بواسطته تتبع الكائنات الحية خلف الجدران الصلبة، وذلك من خلال استخدام إشارات راديو خاصة، وترددات طيف حرارة أجسام الكائنات الحية المختفية عن العين المجردة.
ودفع الإنجاز العلمي الذي حققه فريق العلماء الأمريكيين بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي تقوده القتابي، بالبيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة حفل تكريم خاص لها، امتدحها خلاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بحسب موقع "أورينت" الإلكتروني.
وقد ولدت دينا قتابي قبل 44 سنة في دمشق بسوريا، وتخرجت عام 1995 في جامعة دمشق ببكالوريوس في الهندسة الميكانيكية والكهربائية، وهاجرت للولايات المتحدة سنة 1999، وكرمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أغسطس/آب الماضي، لاختراعها هذا النظام الذي أسموه "نظام مراقبة العلامات الحيوية" أو Emerald.
ويستخدم نظام Emerald موجات لاسلكية منخفضة الطاقة، للاستماع إلى الإشارات المرتدة، بعد التقاطه انعكاسات عشوائية تحدد حركة أي جسم داخل نطاق معين، وهو ما يساعد أيضًا على رصد حركة كبار السن، وعددهم في أمريكا أكثر من مليونين و500 ألف، ممن تتم معالجتهم سنويًّا من إصابات ناجمة عن اختلال توازنهم وسقوطهم، الأمر الذي يكلف الخزينة الأمريكية 34 مليار دولار.
وكانت أهداف الاختراع صحية في البداية، وتمكنت البروفيسورة قتابي بواسطته من الوصول إلى المراحل النهائية في مسابقة معهد ماساتشوستس، لتفوز بعد 4 سنوات بمنحة "مؤسسة ماك آرثر" المعروفة باسم "منحة العباقرة"، وجائزتها التي تبلغ 625 ألف دولار.
وفي عام 2012 بدأ القسم الذي تديره البروفيسورة في معهد ماساتشوستس في اختراع هذا الجهاز باستخدام الإشارات اللاسلكية لرصد حركة الأجسام، ثم طوره فريق العلماء حاليًّا لرصد حتى نبضات قلب الكائن الحي عن بعد وهو خلف الجدران، الأمر الذي يمكن استخدامه في مطاردة المطلوبين، من إرهابيين ومجرمين، في قفزة مهمة ضمن ما يسمى بالحرب على الإرهاب.
وتخترق الإشارات اللاسلكية الجدران، لترصد المحجوبين خلفها، وتعود للجهاز على شكل صورة تحدد مواقعهم، بل حتى يسمح الاختراع بتحديد مكان رأس المختبئ أو صدره أو أطرافه واستخراج صور ثلاثية الأبعاد له، لمعرفة ما إذا كان جالسًا أو واقفًا أو مرميًا على الأرض.
وطمأنت القتابي القلقين من حساسية استخدام Emerald في "رؤية" المحظور من حياة أشخاص آخرين والاطلاع على خصوصياتهم، بقولها الثلاثاء الماضي لمحطة CBS News الأمريكية إن في الجهاز موانع يمكن بها سد الطريق على أصحاب النوايا السيئة ممن قد يستخدمونه لغير هدفه الرئيسي.