وعد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، بأن يكون هذا العام 2016 عام نهاية تنظيم «داعش». قال ذلك خلال زيارته مدينة الرمادي بعد تحريرها.
وعد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، بأن يكون هذا العام 2016 عام نهاية تنظيم «داعش». قال ذلك خلال زيارته مدينة الرمادي بعد تحريرها أوائل الأسبوع الماضي من قبضة التنظيم الإرهابي الذي استولى عليها في أيار (مايو) الماضي.
من حيث المبدأ، كان يفترض بعملية التحرير هذه أن تعزز معنويات قوات الأمن العراقية التي شاركت فيها، وأن تشكل مدخلاً لتحرير بقية المدن والمناطق العراقية من سيطرة «داعش»، وعلى الأخص الفلوجة والموصل، ثانية مدن العراق، التي سيطر عليها «داعش» في حزيران (يونيو) 2014 وألقى فيها أبو بكر البغدادي خطبته الشهيرة معلناً نفسه من مسجدها «خليفة للمسلمين».
غير أن تحرير الرمادي فتح الباب أمام جدل واسع بين مختلف المكونات العراقية حول: من يجب أن يعلّق على صدره وسام التحرير؟ وفي الوقت الذي أكدت الحكومة العراقية أن قواتها بالتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب وبدعم من غارات المقاتلات الأميركية التي تستهدف مواقع «داعش» في العراق وسورية، هي التي نجحت في النهاية في تحرير الرمادي، انبرى قادة «الحشد الشعبي» لتأكيد مشاركتهم في العملية، معتبرين أن عناصرهم جزء أساسي من القوات العراقية، وأن دورهم في هذه العمليات هو دور وطني، وليس طائفياً أو مذهبياً. وذهب أحد قادة «الحشد» إلى القول إن مشاركتهم كانت أساسية في قطع طرق الإمداد عن التنظيم، واصفاً دورهم بأنه «أدى إلى قطع رأس الحية، فيما قامت القوات العراقية بدفنها».
غني عن القول إن جدلاً من هذا النوع يعكس حال التفكك الذي يعيشه العراق اليوم، حيث الأولوية ليست، في نظر البعض، لتحرير البلد واستعادة سيادة الدولة على شعبها ومختلف مناطقها، بل هي، في نظر هؤلاء، لمن يكسب الحصة الأكبر في عملية التنازع الطائفي ومعارك المحاصصة القائمة. هذا التنازع هو الذي أدى منذ البداية إلى انهيار الدولة العراقية، وأتاح المجال لتنظيم مثل «داعش» أن يخترق النسيج الوطني، وهو ما ثبت عندما تعرضت القوات العراقية لهزيمة مدوية كانت أشبه بالفضيحة، وانتهت بانسحابها من الموصل، بأوامر من نوري المالكي، رئيس الحكومة آنذاك، إذ شعرت الوحدات الموجودة في الموصل بأنها غير مسؤولة عن حماية المدينة والدفاع عن أهلها.
في هذا المناخ الطائفي، يصبح تحرير الرمادي ورفع العلم العراقي من جديد فوق مؤسساتها الحكومية مجرد عملية رمزية تهدف الى رفع المعنويات الحكومية، وربما الشعبية في تلك المناطق. لكن ما هو أهم من استعادة المدينة سوف يكون استعادة أهلها الذين شُردوا نتيجة الحرب، وإعادة إعمار المنازل التي تهدمت والبنية التحتية التي دُمّرت.
باستعادة الرمادي من قبضة «داعش» تشعر عشائر الأنبار أنها تستعيد قرارها وحرية حركتها في مناطقها. وهو ما كانت محرومة منه في ظل سيطرة جماعة البغدادي. ومن حق هذه العشائر الآن على حيدر العبادي وحكومته أن تعاملها بغير ما تمت معاملة أهل تكريت بعد استعادتها في نيسان (أبريل) الماضي، فأبناء الأنبار كانوا مغلوبين على أمرهم مرتين، مرة على يد حكومة بغداد، التي يفترض أنها حكومتهم أيضاً، لكنها تعاملت مع أبناء العشائر على انهم متهمون إلى أن يثبتوا العكس، ومرة على يد عصابات «داعش» التي اعتبرت العشائر ورقة في يدها للمساومة أو لممارسة النفوذ.
وما لم يشعر أهل الأنبار بأن الانتصار على «داعش» هو انتصار لهم أيضاً، فستبقى معركة استعادة الفلوجة معركة صعبة، ناهيك عن المعركة الأصعب في الموصل، حيث التحدي الأكبر للدولة العراقية بسبب المساحة الكبيرة للمدينة وعدد سكانها الذي يفوق المليون ونصف المليون عراقي، يمكن أن يحولهم «داعش» إلى دروع بشرية، كما حاول أن يفعل بأهل الرمادي. هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت لاستعادة ثقة السنّة في العراق بدولتهم وبمؤسساتهم، ليقفوا إلى جانبها في المعركة التي وعد بها حيدر العبادي لهزيمة «داعش» هذا العام.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الحياة وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة