طوابع بريد من 63 دولة تروي 5 آلاف عام من تاريخ مصر وفلسطين وشبه الجزيرة العربية
المعرض الإقليمي الثالث يختتم الأربعاء في ساحة "دار الأوبرا"
آلاف الطوابع توثق تاريخ مصر عبر 5 آلاف عام، حيث تحمل صور رموزًا فرعونية، ومؤسس مصر الحديثة محمد علي والملك فاروق وعبد الناصر وغيرهم
آلاف الطوابع هنا في "المعرض الإقليمي الثالث لطوابع البريد" الذي يقام في مركز "الهناجر للفنون" في ساحة "دار الأوبرا" في مصر، تنقل الزائر إلى الماضي وتدعوه للتفاعل مع معروضاته التي جمعها الهواة وتعرض ضمن احتفال بمرور 150 عامًا على صدور أول طابع بريدي مصري.
ويشارك في المعرض 63 عارضًا هاويًا من دول عربية وأجنبية، منها بريطانيا وقبرص واليونان وإيطاليا والمغرب والكويت وموريتانيا وسوريا والعراق والجزائر ولبنان والإمارات والسعودية وسلطنة عمان والبحرين إضافة إلى مصر.
وبدأت فكرة البريد في مصر بإنشاء الإيطالي كارلو ميراتي إدارة "البوستة الأوروبية" في مدينة الإسكندرية الساحلية لتصدير وتسلم الخطابات المتبادلة مع الدول الأجنبية، وانتبهت الحكومة إلى أهميتها واشترتها في أكتوبر تشرين الأول 1864، وانتقلت ملكية "البوستة الأوروبية" إلى الحكومة في 2 يناير كانون الثاني 1865 الذي أصبح "يوم البريد المصري"، وفي عام 1866 صدر أول طابع لتصبح مصر ثالث دولة تصدر طوابع بريدية.
هنا في المعرض يجد الزائر بعض الطوابع التي تلقي أضواء على مسميات "تاريخية" لمناطق جغرافية في شبه الجزيرة العربية مثلًا، كما تنقل وكالة "رويترز" مشيرة إلى أن إحدى المجموعات توجد طوابع تحمل اسم "بريد الحجاز ونجد" وقيمتها "قرشان" أو "نصف قرش" وترجع إلى عام 1926 قبل ست سنوات من إعلان عبد العزيز آل سعود قيام المملكة العربية السعودية عام 1932.
كما توجد صيغ لكتابة العناوين على الخطابات تنتمي إلى مراحل لم تكن المصطلحات فيها واضحة، مثلما جرى في مصر بعد إنهاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية عام 1953.. ففي خطاب يحمل طابعًا بريديًا قيمته 10 مليمات (الجنيه المصري يضم 1000 مليم) مرسل من خان يونس في فلسطين إلى الإسكندرية يوم 3 أكتوبر تشرين الأول 1957 كان العنوان "الجمهورية المصرية-الإسكندرية".
وفي نهاية الأربعينيات سيحمل خطاب مرسل من "الإدارة المصرية لفلسطين" إلى "مصر - القاهرة" طابعي بريد للملك السابق فاروق.. أحدهما قيمته 22 مليمًا وكتب عليه "مصر" والآخر قيمته 13 مليمًا وكتب أعلى الصورة "فلسطين". ويضم المعرض طوابع تنتمي إلى تلك الفترة قيمة كل منها ستة مليمات، وكتبت كلمة "فلسطين" بالعربية أعلى صورة الملك فاروق وأسفل الصورة كتبت "فلسطين" بالإنجليزية.
وستعود "فلسطين" إلى الواجهة في طوابع البريد المصرية بعد العدوان الثلاثي عام 1956 وإعلان الوحدة بين مصر وسوريا؛ إذ حملت طوابع قيمتها تراوحت بين 5 و25 و55 مليمًا اسم (الجمهورية العربية المتحدة) أسفل الطابع الذي كتب أعلاه "فلسطين"، بما في ذلك طابع يحمل صورة التمثال النصفي الشهير للملكة نفرتيتي.
وفي عام 1960 صدرت مجموعة أخرى تحمل كلمة "فلسطين" قيمتها 10 و35 مليمًا بمناسبة "سنة اللاجئين الدولية"، وفيها يشير فتى وفتاة إلى خريطة فلسطين التاريخية تحت الانتداب البريطاني.
وتميزت كتابة العناوين على الخطابات بالدقة والجمال بخطي الرقعة أو الديواني وبعضها كتب بالآلة الكاتبة بالعربية والإنجليزية، ومنها خطاب يحمل عنوان "السويس.. البوستة نمرة 8.. حضرة صاحب العزة محمد بك محمد الديدي وأولاده" وهو مرسل من مدينة جدة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وعليه طابعا بريد قيمة كل منهما "نصف قرش" وكتب عليهما "مكة المكرمة" ويرجعان لعام 1334 هجري (1916 ميلادي).
وفي المراحل الأولى للبريد كانت العناوين تكتب بالفرنسية أو الفرنسية والعربية حتى في المراسلات داخل مصر.. ففي خطاب من مدينة الزقازيق بوسط الدلتا إلى الإسكندرية في 17 أبريل/ نيسان 1967 كتبت "الإسكندرية" بالفرنسية وبالخط نفسه كتب بالعربية "إلى الإسكندرية.. الأخ المحترم كوجدا جرجس الطوا المكرم" أما الطابع فيحمل كلمات "تمغاي - بوستة مصرية". كما تؤرخ بعض الطوابع لعملات لم تعد مستعملة ومنها "البارة".
وقال عصام الصغير رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد في كتيب خاص بالمعرض، إن أول مجموعة طوابع عادية صدرت أول يناير 1966، وكانت تضم سبعة طوابع قيمة كل منها 10 و20 بارة (البارة تساوي ربع المليم والجنيه يساوي 100 قرش والقرش يضم 10 مليمات) و5 و2 و1 قرش، وإن تلك الطوابع كانت تحمل نقوشًا عثمانية وكتب عليها "بوستة - تمغاي".
وأضاف أن "تمصير" طوابع البريد بدأ عام 1867 بمطبعة أبناسونب الحجرية بالإسكندرية بعد أن كان يطبع في مدينة جنوة الإيطالية، ثم بدأت مطبعة بولاق إصدار طوابع البريد عام 1872 وإن طوابع المناسبات "التذكارية" صدرت للمرة الأولى عام 1925، وقال، إن طوابع البريد توثق تاريخ مصر "عبر خمسة آلاف عام" حيث يحمل الكثير منها صور ملوك ورموزًا فرعونية.
وقال أحمد يوسف أحمد عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لهواة طوابع البريد -التي تأسست عام 1929- لرويترز يوم الاثنين، إن المعرض الذي يضم "أقوى مجموعة في العالم عن الإصدار الأول للبريد المصري" يقام بعد نجاح تنظيم المعرض الإقليمي الأول لطوابع البريد في يناير 2015 والمعرض الإقليمي الثاني بجامعة الدول العربية في يونيو/ حزيران 2015.
وإلى جانب الطوابع حرص المعرض على وجود صور مكبرة داخل إطارات جذابة لطوابع تذكارية تحت عنوان (تاريخ مصر من خلال طوابع البريد) وقيمة أحدها 10 مليمات، ويحمل صورة مؤسس مصر الحديثة محمد علي وصدر عام 1928 بمناسبة (المؤتمر الدولي لأمراض المناطق الحارة)، وطابع قيمته 10 مليمات يحمل صورة تمثال نفرتيتي وصدر في أكتوبر 1956 بمناسبة أسبوع المتاحف الدولي، كما يوجد طابع قيمته 10 مليمات وصدر عام 1958 تخليدًا لذكرى الزعيم مصطفى كامل، ويحمل مقولته "لا قوام لأمة ولا سلامة لبلاد إلا بقوة العقيدة الوطنية". وبعد وفاة أم كلثوم عام 1975 صدر طابع تذكاري يحمل صورتها وقيمته 20 مليمًا.
وينظم المعرض اقتراحات لطوابع صممها طلاب مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، حيث صمم أدهم طابعًا يحمل صورة الكاتب عباس العقاد وآخر يحمل صورة الموسيقي الرائد سيد درويش، وأكثر من طابع استلهم "عين حورس". بدوره قال أحمد، إن لجنة من الخبراء ستختار أحد تصميمات الطلاب ليرشح كطابع بريد مقترح في ختام المعرض الذي ينتهي الأربعاء القادم.
ويضم المعرض -الذي يقام برعاية الاتحاد الأوروبي (فيبا)- طوابع صدرت في الفجيرة بدولة الإمارات تخليدًا لذكرى الرئيس المصري جمال عبد الناصر وتتراوح قيمتها بين 10 و30 و40 و50 درهما، وبعضها يحمل صورة عبد الناصر شابًّا وضابطًا وآخر عليه صورته مع زوجته وأبنائه، وثالث يحمل صورته في سنواته الأخيرة وهو يطل على أعلام الدول العربية.
ويضم المعرض طابعًا تذكاريًّا صدر في سوريا عام 1971، وكتب أسفل صورته "ذكرى مرور عام وفاة الزعيم جمال عبد الناصر" وطابع لعبد الناصر صدر في العراق عام 1982 وقيمته 50 فلسًا، وطابع صدر في غانا ويحمل صورة عبد الناصر.
كما يضم المعرض طوابع تذكارية صدرت في ليبيا قيمة كل منها 500 درهم، وتحمل صورة القارة السمراء وأسفلها كلمتا "الآباء المؤسسون"، وتتغير في عمق إفريقيا صور كل من عبد الناصر، وأحمد بن بلة أول رئيس جزائري بعد الاستقلال عام 1962، وكينيث كاوندا أول رئيس لزامبيا بعد الاستقلال عام 1964.