أبرزها الرفض الدولي.. 4 عقبات أمام دولة الأكراد
المتغيرات التي يشهدها إقليم كردستان، كخسارة مناطق استراتيجية، والخلاف داخل البيت الكردي، واستمرار الرفض الدولي، تعوق قيام دولة الأكراد.
يشهد إقليم كردستان عدة متغيرات قد تحول- أو تصعّب- دون قيام الدولة الكردية في الوقت الحالي، كخسارة الإقليم لمناطق استراتيجية كان يسيطر عليها، والخلاف داخل البيت الكردي، واستمرار تعنت الموقف الدولي والإقليمي تجاه الانفصال، بحسب مراقبين.
فبعد أن سيطرت القوات العراقية على أغلب المناطق المتنازع عليها مع أربيل، أعلنت كردستان عن تصديها لهجوم آخر شنته تلك القوات على قرية نفطية كردية، ما يطرح تساؤلا حول عزم بغداد على تنفيذ وعدها بـ"إيقاف نتيجة الاستفتاء الكردي" بدخول مناطق تسيطر عليها الأكراد.
الهجوم الذي نفاه متحدث عسكري عراقي، قالت قوات البشمركة الكردية إنه وقع، الإثنين، في قرية المحمودية؛ حيث يوجد قطاع من خط أنابيب تصدير النفط".
وقال مختار محمد غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن سيطرة القوات العراقية على أغلب المناطق المتنازع عليها دون مقاومة تذكر من قوات البشمركة، أعطت بغداد "طموحا في السيطرة على مناطق أخرى، لذلك غير مستبعد اتجاه بغداد لفرض سيطرتها على مناطق أخرى خاضعة للأكراد.
ونظرا لقرب القرية النفطية "المحمودية" من الحدود، توقع غباشي أن يكون ذلك الهجوم، حال وقوعه بالفعل، ينم عن رغبة عراقية في السيطرة على المعابر الحدودية مع دول الجوار.
وتتنازع أربيل وبغداد السيطرة على عدد من المناطق الواقعة بينهما مثل كركوك وديالي ونينوي وسنجار ومخمور.
لكن انسحاب قوات البشمركة من مناطق كركوك وديالي ونينوي، الأسبوع الماضي، أمام تقدم القوات العراقية حسم مصير بعض تلك المناطق لصالح بغداد.
وتُعرف تلك المناطق باستراتيجيتها؛ نظرا لغنائها وخاصة كركوك بالنفط الذي يعد من أهم مصادر الدخل، التي اعتمدت عليها كردستان بعد سيطرتها على المدينة في 2014.
خلافات كردية:
وعلى إثر ذلك تبادل قادة الأكراد اتهامات بالخيانة نتيجة ذلك الانسحاب، ما عمق الخلاف الكردي الموجود أصلا نتيجة الخلافات حول إجراء استفتاء الإقليم في ذلك الوقت، والخطوات التابعة له.
والاستفاء الذي أجرته أربيل في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، اختلف حوله القادة الكرد ما بين مؤيد بزعامة بارزاني، ومعارض أبرزهم من حزب الرئيس الراحل جلال طالباني.
تلك الخلافات الكردية امتدت إلى الحديث حول مدى أولوية العراق في السيطرة على المناطق المتنازع عليها، وبرز ذلك بانسحاب بعض قوات البشمركة "التابعة لحزب طالباني" المسيطرة على تلك المناطق أمام القوات العراقية معارضة أوامر بارزاني.
وحول تلك الخلافات وصف "غباشي" الخلاف بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، والاتحاد الوطني الذي كان يقوده طالباني بـ"الكبير" والذي قد يعوق قيام الدولة الكردية؛.
وأوضح أن أنصار طالباني كانوا يرون بأن يكتفي بارزاني بأخذ أكبر قدر من المكاسب من بغداد دون الدخول في مواجهات معه العاصمة العراقية.
لكن بارزاني" أصر على الاستفتاء والتمسك بالمناطق المتنازع عليها، رافضا دعوات باقي الأكراد من التحول تدريجيا من "الفيدرالية" مع العراق إلى "الكونفيدرالية"، ما يسمح بقيام الدولة فيما بعد، وفقا لتصريحات غباشي.
موقف دولي معارض:
كذلك من ضمن المؤشرات على صعوبة قيام دولة للأكراد في الوقت الحالي، مؤشر آخر ألا وهو رفض المجتمع الدولي لقيام هذه الدولة ومعارضة ذلك بشدة.
فالويلاات المتحدة الأمريكية لم تتوان منذ اللحظة الأولى لإعلان أربيل عزمها على إجراء الاستفتاء في موعده، عن دعوة كردستان لتأجيل الاستفتاء لكون "الوقت غير مناسب"، وحتى لا تتشتت جهود مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
ومع إصرار أربيل على الاستفتاء، قالت وزارة الخارجية الأمريكية: إن الولايات المتحدة "تعارض بشدة" الاستفتاء المقرر على استقلال أكراد العراق، وتحث الزعماء الأكراد العراقيين على الدخول في مفاوضات مع الحكومة العراقية بدلا من ذلك.
كما أكد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أن بلاده لا تعترف بالقرار أحادي الجانب الذي اتخذته حكومة أربيل بالاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، مضيفا: "التصويت والنتائج يفتقدان إلى الشرعية، وسنواصل دعم عراق موحد واتحادي وديمقراطي ومزدهر".
ومع دخول الجيش العراقي كركوك، أبدت واشنطن موقفا حياديا، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بلاده لا تنحاز إلى أي طرف في الاشتباكات بين الأكراد وبغداد.
تضامن إقليمي مع العراق:
بدورها، عملت إيران وتركيا على الوقوف إلى جانب العراق مخافة امتداد النزعة الانفصالية لأكراد البلدين.
واتخذت البلدان عدة خطوات سياسية واقتصادية، بينها رفض نتائج الاستفتاء الكردي، والتهديد بإغلاق المجال الجوي وإغلاق الحدود، فضلا عن التهديد العسكري بإجراء مناورات مشتركة مع بغداد.
وإضافة لإيران وتركيا، عملت بغداد على كسب الدعم العربي لوحدتها، وهو الأمر الذي ركز عليه رئيس وزراء العراق العبادي في زيارته الخارجية لدول مصر والسعودية والأردن.
وأكدت القاهرة والرياض وعمان أهمية وحدة العراق واستقراره الإقليمي، كما أكدت حرصها على دعم تلك الوحدة.
واختتم غباشي متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة شدا وجذبا بين أربيل وبغداد، حتى يدخل الطرفان في مفاوضات تتحدد معالمها بناء على المؤشرات الأربعة السابقة.