تنظيم داعش الإرهابي وإنعاش ما قبل الموت
قبل أن يلفظ التنظيم أنفاسه الأخيرة، تسعى فلوله للظهور مجددا وتصعيد الهجمات في المناطق المحررة بالعراق وسوريا.
مع اقتراب موعد المعركة الأخيرة ضد تنظيم "داعش" في دير الزور السورية، يكثف التنظيم الإرهابي هجماته الإرهابية بين سوريا والعراق وأفغانستان، وتعد معركة هجين الواقعة بدير الزور شرق سوريا من أهم المعارك، خاصة أن تحريرها يعزز مكاسب التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية على مدار الأشهر الماضية.
وقبل أن يلفظ التنظيم أنفاسه الأخيرة، تسعى فلوله للظهور مجددا وتصعيد الهجمات في المناطق المحررة بالعراق وسوريا، إضافة إلى هجمات أخرى خارج المنطقة، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة المحاولات التي يلجأ لها داعش للعودة مرة أخرى، وإلى أين يتجه فلول التنظيم؟
وفي الـ7 من أغسطس/آب 2014، شن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حرباً دولية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، معلناً توجيه ضربات مباشرة ضد أهداف التنظيم، إضافة إلى دوره الاستشاري في وضع خطط المعارك وتطويق المدن المحررة.
الصحراء ملاذ داعش
بعد تحرير مدينتي الموصل والرقة من التنظيم الإرهاب، تكبد داعش خسائر فادحة في صفوفه وحجم الأراضي التي وقعت تحت سيطرته، ما دفع مسلحي التنظيم للبحث عن ملاذ آخر جديد.
ويرى العميد خالد عكاشة، الخبير العسكري المصري ومدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، أن الانتصار في معركتي الموصل والرقة لا يعني نهاية تامة لداعش، بل يعني تقدما ملحوظا وخطوة حاسمة في الحرب ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن فكر التنظيم الإرهابي يدفعه للبحث عن مأوى بالقرب من المناطق المحررة.
وأوضح عكاشة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن داعش يغير من نمط الهجمات خاصة بعد أن فقد أكثر من 90% من الأراضي التي سيطر عليها خلال 2014، وطرق الإمدادات الرئيسية بين العراق وسوريا وعشرات قيادات التنظيم، واصفاً استراتيجية "داعش ما بعد الهزيمة" بـ حرب العصابات والكر والفر التي تجد في صحراء سوريا والعراق بيئة مناسبة.
ورجح الخبير العسكري أن يتوجه فلول داعش إلى المناطق النائية مثل صحراء بادية الشام، وجنوب السويداء في سوريا، إضافة إلى الحدود السورية – العراقية وصحراء الأنبار وحدود كردستان وجبل سنجار بالعراق، منوها بأن استمرار الصراع السياسي وتدهور الوضع الأمني أسباب تمركز مسلحي داعش على أطراف المدن السورية والعراقية.
واتفق اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع الأسبق والخبير العسكري المصري مع تحليل عكاشة السابق، قائلًا "المناطق الأضعف في سوريا والعراق تصبح المأوى الأنسب لهؤلاء الإرهابيين، خاصة وأن هناك وعيا لدى الدول في التحالف وخارج التحالف لضرورة تحصين أراضيها من عودة فلول داعش أو تسللها بطريق غير مشروعة".
تنظيم بلا حلول
وخلال العاميين الماضيين، ذهبت توقعات بعض التقارير الدولية إلى أن المدن الليبية وسيناء في مصر ربما تصبح مأوى لفلول داعش الهاربين من المعارك، الأمر الذي بات مستحيلا مع انحسار داعش في هذه المناطق.
وفي هذا الإطار، أكد عكاشة وفؤاد أن جهود القوات المسلحة المصرية في الحرب ضد الإرهاب وإطلاق عملية سيناء 2018، دليل واضح على أن سيناء لن تكون ساحة بديلة لعناصر داعش المسلحة.
وأضاف عكاشة: "التحركات الأخيرة ضد داعش ليبيا ساهمت في تحرير درنة وسرت والهلال النفطي، ما يعني أن صحراء ليبيا لن تكون وجهة لهؤلاء الإرهابيين"، ملمحاً إلى أن الخناق يضيق على التنظيم، وهو الأمر الذي يجبره على تغيير الأداء لضعف الإمكانيات.
وتبنى داعش الهجوم الإرهابي الذي استهدف قوات حرس الحدود التونسية على الحدود مع الجزائر خلال الشهر الماضي، وتطرق اللواء نبيل فؤاد في تحليله إلى أن دول شمال غرب أفريقيا لن تصبح بديلا لداعش، مستبعداً أن يكون هذا الهجوم الإرهابي مؤشراً على انتقال مسلحي داعش لهذه الدول.
صحوة ما قبل النهاية
وعلى الأطراف الشمالية الشرقية لمحافظة السويداء جنوب سوريا، شن مسلحو داعش هجوماً انتحارياً، أسفر عن سقوط أكثر من 250 مدنياً بين قتيل وجريح خلال الشهر الماضي. وخلال الأسبوع الماضي، ذبح التنظيم الإرهابي نحو 19 طالباً من بين 30 رهينة من الدروز.
بينما شهد العراق 6 هجمات إرهابية ضد مناطق كركوك وصلاح الدين والأنبار وديالي وشمال بغداد منذ فبراير/شباط الماضي.
واعتبر اللواء نبيل فؤاد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية، أن تصعيد الهجمات ضد المدنيين ما هو إلا وسيلة لإثبات وجود، نظراً لأن عام 2017 كان عام الخسائر لداعش على كافة الأصعدة، مشيراً إلى أن توسع التنظيم إلى داخل المدن العراقية والسورية غير وارد حدوثه.
ووفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية، قام داعش بشن أعنف الهجمات ضد أفغانستان، رداً على توقف خطوط الإمدادات لمسلحي التنظيم بين أفغانستان وباكستان، ما يشير إلى أن هجمات داعش انتقامية وتستهدف اشعال جبهات خارج سوريا والعراق.
بينما حذرت صحف فرنسية من تغير استراتيجية داعش، وأن تصبح أكثر وحشية باستهداف الأقليات، مشيرين إلى عمليات الاختطاف والإعداد التي وجهت ضد مجتمع الدروز في السويداء، من أجل نشر الفوضى والاضطرابات. وخلال شهر يوليو/تموز الماضي، شن داعش 22 عملية إرهابية بمناطق جغرافية مختلفة، مستهدفا المدنيين من النساء والأطفال.