تعديل ضريبة الأرباح يستحوذ على اهتمام المستثمرين بمنطقة قناة السويس
يترقب المستثمرون بالسوق المصرية والأجانب حسم الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس عددًا من الملفات المهمة.
يترقَّب المستثمرون بالسوق المصرية والأجانب حسم الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس عددًا من الملفات المهمة في إعداد دراسات جدوى الاستثمار بالمنطقة، وعلى رأسها ملف ضرائب أرباح الشركات المقررة بنحو 22.5% داخل المنطقة، خاصةً بعد إعلان رئيس الهيئة الدكتور أحمد درويش إعادة دراسة النظام الضريبي قبل الدخول في مفاوضات مع وزارة المالية حول أية تعديلات.
ففي أول اجتماع لدرويش مع مجتمع الأعمال بغرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة عقب توليه منصبه الجديد في ديسمبر الماضي، أكد العمل على تكليف مكتب استشاري لدراسة الحد الأقصى للضريبة التي تدفعها الشركات متعددة الجنسيات في بلادها والمناطق الاقتصادية المنافسة، للوصول إلى السعر الضريبي الأمثل وتطبيقه في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وجاء تحديد نسبة الضريبة بواقع 22.5% بدلًا من 10% في تعديلات قانون المناطق الاقتصادية الخاصة ومنها منطقة قناة السويس، بناءً على توجه وزارة المالية لسد عجز الموازنة، لا سيما أن الدراسات التي تقدمت بها الوزارة للحكومة خلال مناقشة تعديلات القانون أشارت إلى أن معظم الشركات المستهدفة للاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي شركات متعددة الجنسيات وتدفع ضرائب تصل إلى 80% في بلادها الأصلية.
الضرائب المصرية الأعلى بين المناطق الاقتصادية العالمية:
بحسب الدكتور هاني سري الدين المستشار القانوني بتحالف دار الهندسة الفائز بتصميم مُخطط مشروع منطقة قناة السويس، فإن المُعاملة الضريبية التي ينُص عليها القانون الآن تُشكِّل تحديًا حقيقيًّا لجذب الشركات الدولية.
ويُضيف أن قانون المناطق الاقتصادية الخاصة قبل تعديله كان يتضمَّن فرض ضريبة 10% على المشروعات المُنشأة بهذه المناطق، وفرض ضريبة كسب عمل قدرها 5% فقط على المرتبات لجذب العاملين لهذه المناطق، وهي سياسات ضريبية مُطبقة في أغلب دول العالم التي تستهدف استثمارات أجنبية مُباشرة.
ويتفق هذا الحديث، مع ما أعلنه رئيس هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بأن المناطق الاقتصادية المُنافسة حول العالم تفرض ضرائب أقل من 22.5% مثل هونج كونج بالصين وسنغافورة وبنما، وكذلك جبل علي بالإمارات التي تبلغ بها ضرائب الأرباح صفر.
ووفقًا لبيانات تقرير ممارسة الأعمال 2016 الصادر عن مجموعة البنك الدولي، فإن نسبة ضريبة أرباح الشركات في سنغافورة تبلغ 2%، في حين تفرض هونج كونج ضريبة نسبتها 17.5%، مقارنة بضريبة قدرها 12.4% في بنما.
ويؤكد هاني سري الدين أنه كان هُناك رأيًا جيدًا طُرح خلال مُناقشات تعديلات قانون المناطق الاقتصادية الخاصة استهدف تعزيز تنافسية منطقة قناة السويس بين المناطق الاقتصادية العالمية، عبر تقديم حوافز ضريبية مؤقته لجذب الاستثمارات خلال فترة وجيزة.
ويتابع: الحوافز التي تم طرحها تتمثل في تثبيت الضرائب عند 10% لمدة 5 سنوات ثم رفعها بعد ذلك إلى 15% لفترة 5 سنوات أخرى، على أن تخضع المناطق الاقتصادية في نهاية هذه المدة إلى نسبة الضريبة الموحدة بنحو 22.5%.
تثبيت النظام الضريبي لمدة 10 سنوات لطمأنة المستثمرين:
وهناك بُعد آخر بالغ الأهمية للمستثمرين وتحديدًا الشركات الأجنبية والعربية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ألا وهو تثبيت الضريبة لعدة سنوات، إذ يقول محمد ماهر الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار برايم، إنه من واقع العمل في مجال ترويج المشروعات، فإن المطلب الرئيسي للمستثمرين هو وضع تصور ثابت لمنظومة الضرائب لفترة طويلة تصل لـ10 سنوات بغرض تحديد تكلفة الاستثمارات والعائد عليها.
ويقترح ماهر أن تتمتع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بمزايا ضريبة خلال السنوات العشر الأولى من عُمر المنطقة، بحيث تخفض الضريبة المفروضة على الشركات التي تُنشئ مشروعاتها خلال أول 5 سنوات بالمنطقة إلى 10%، على أن ترتفع الضرائب المفروضة على غيرها من الشركات التي تُقيم مشروعاتها خلال السنوات الخمس التالية إلى 15%، وذلك لمُدة 10 سنوات من تاريخ التشغيل.
ويُشير إلى أن هذه الحوافز الضريبية ستلعب دورًا مؤثرًا في تسريع وتيرة تنمية منطقة قناة السويس، ومؤكدًا أن مصر لديها تجربة ناجحة في جذب الاستثمارات خلال فترة وجيزة للمناطق الصناعية بالعاشر من رمضان والعبور عبر تقديم إعفاءات ضريبية خلال أول 10 سنوات من بدء تشغيل المشروعات.
ويشدد ماهر أنه ليس شرطًا منح اعفاءات ضريبية كاملة الآن لمنطقة قناة السويس على غرار منطقة جبل علي، نظرًا لأن نموذج تحقيق الإيرادات في الإمارات لا يعتمد على ضرائب الشركات بقدر تحصيل رسوم مقابل تقديم الخدمات مثل استصدار تراخيص تأسيس الشركات وتجديدها وتصاريح الإقامة.
إلا أنه في المُقابل ساقت وزارة المالية رأيًا مُعارضًا لتقديم حوافز ضريبية لمناطق اقتصادية بعينها بهدف تفادي تفتيت النظم الضريبية بين المناطق الاقتصادية؛ نظرًا لأن ذلك سيؤدي إلى تركز الاستثمارات في مناطق مُحددة على حساب المناطق الأخرى.
ويُعلق الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار برايم محمد ماهر، على هذا الرأي قائلًا، إنه طالما هُناك هدف رئيسي بتنمية منطقة اقتصادية تُشكل المشروع القومي الحالي للبلاد أو تنمية مناطق محرومة مثل الصعيد، فينبغي تقديم حوافز استثمارية استثنائية لهذه المناطق لفترة مؤقتة لتوفير الاستثمارات الضخمة التي تحتاجها.
وبحسب تصريحات الفريق مُهاب مميش، فإن مشروع تنمية منطقة قناة السويس يستهدف توفير مليون فرصة عمل وخلق مُجتمع عمراني جديد في الإقليم الذي يضم 3 محافظات هي الإسماعيلية وبورسعيد والسويس.
ووفقًا لتقديرات وزير الاستثمار المصري فإن ترسيم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الممُتدة على مساحة 481 كم2 يتضمَّن إنشاء بنية أساسية بتكلفة تتراوح بين 120- 150 مليار دولار، تشمل 6 موانئ تبلغ تكلفتها أكثر من 60 مليار دولار، إلى جانب ترفيق مناطق وأراضٍ صناعية على طول 192 كيلومترًا بتكلفة تربو على 50 مليار دولار.
وتتمثل الموانئ المخطط تطويرها لخدمة المشروعات الاستثمارية التي ستقام في المنطقة في موانئ شرق وغرب بورسعيد والعين السخنة والأدبية والطور والعريش، وتم البدء بالفعل في تطوير ميناء شرق بورسعيد.
فيما تغطي المشروعات المقترحة بالمنطقة مجموعة من المجالات الصناعية مثل تجميع السيارات والإلكترونيات وتكرير البترول، ومصانع البتروكيماويات والمنتجات المعدنية الخفيفة والصناعات الخشبية وصناعة الأثاث، وصناعة المنسوجات، والصناعات الزجاجية، فضلًا عن إقامة مراكز توزيع وإعادة توزيع لوجيستية، ومستودعات تموين وخدمات السفن وبناء وإصلاح وصيانة السفن، وتصنيع وصيانة الحاويات.
الضرائب عُنصر واحد ضمن منظومة استثمارية:
ورغم الأهمية التي تحظى بها الضرائب في تحديد الجاذبية الاستثمارية للمناطق الاقتصادية، غير أن عمرو علوبة الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين، يُشير إلى أن خفض الضريبة ليس شرطًا لرفع جدوى الاستثمار بمنطقة قناة السويس.
ويقول علوبة، إن المستثمرين يعدون دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات بناءً على حزمة عوامل لتحديد التكلفة والعائد المُمكن تحقيقه في كل مُنطقة اقتصادية بالعالم.
ويُحدد هذه العوامل في أسلوب المُعاملة الضريبية والتعريفة الجمركية ورسوم ومدة استخراج التراخيص وتكلفة الخدمات اللوجيستية والتصدير للأسواق المستهدفة وسعر تخصيص الأراضي وتوصيل المرافق وتكلفة العمالة سواء على صعيد الأجور أو التدريب.
ويطالب أمين جمعية رجال الأعمال المصريين، إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بدراسة عنصر الضرائب ضمن هذه المنظومة ومقارنتها بالمناطق الاقتصادية المُنافسة قبل مُخاطبة المستثمرين الأجانب والعرب؛ نظرًا لأنهم الشريحة الأكثر استهدافًا بمشروعات قناة السويس.
وقد منحت تعديلات قانون المناطق الاقتصادية الخاصة عدة حوافز اقتصادية للمستثمرين مثل إنشاء نظام جمركي خاص لكل منطقة لتسريع إجراءات التفتيش والإفراج الجمركي.
كما لا تخضع للضرائب أو الجمارك كل من المعدات والآلات والأجهزة والمواد الخام وقطع الغيار ومكونات الإنتاج اللازمة لمزاولة النشاط داخل المنطقة، وكذلك السيارات والمركبات بجميع أنواعها طالما كانت مخصصة لنشاط إنتاجي أو سلعي أو خدمي داخل المنطقة.
ولكن ستسدد شركات المناطق الاقتصادية رسوم الجمارك والضرائب على المكونات المستوردة وحدها في حالة بيع المُنتج في السوق المحلية.
كما تستهدف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التغلب على البيروقراطية التي تُعاني منها جهات منح تراخيص المشروعات وتخصيص الأراضي، إذ صرح رئيس المنطقة أحمد درويش بأنه سيتم تمكين المستثمرين من استصدار التراخيص عن طريق الإنترنت.
aXA6IDE4LjE5MS4xOTUuMTA1IA== جزيرة ام اند امز