مركز محمد بن راشد للفضاء.. إنجازات متميزة وطموح لا حدود له
استثمرت الإمارات منذ سنوات في تكنولوجيا عالم الفضاء، ونجحت حتى الساعة في إرسال قمرين صناعيين ويتوقع أن ترسل الثالث سنة 2018.
لم يعد الاستثمار في علوم الفضاء وتصنيع وإرسال الأقمار الصناعية لاستكشاف الفضاء ومراقبة وتصوير كوكب الأرض والاستفادة مما تراه وترسله هذه الأقمار ترفا تكنولوجيا كما كان في ستينيات القرن الماضي، فقد أصبحت اليوم جزءا من الحياة لا غنى عنه، يماثل الاستثمار فيه الاستثمار في القطاعات الحيوية المختلفة حيث أصبحت محددا رئيسيا لتقدم ورفاهية الدول والشعوب.
ورغم تكاليف الاستثمار الباهظ لتصميم وصناعة وإرسال هذه الأقمار إلى الفضاء، فإن الإقبال على اقتنائها واستخدامها في ازدياد، فبعد أن كانت آحاد من الأقمار الصناعية تجوب الفضاء البعيد في ستينيات القرن الماضي، تطور العدد حتى أصبحت اليوم الآلاف من الأقمار الاصطناعية تجوب الفضاء للدراسة والمراقبة لإشباع الشغف المعرفي للبشر بما تقدمه من حقائق وصور عن الكون الفسيح وعن تاريخه، زيادة على ما تقدمه من خدمات لحظية بما في ذالك الاتصالات والبث التليفزيوني ومراقبة وتصوير الأرض لتوفير المعطيات البيئية والطبيعية لها، ومراقبة الكوارث الطبيعية وتوقع حصولها مما يساعد في تجنبها أو تقليل أضرارها.
ويدل على التنافس الحثيث بين الدول والشركات على ولوج الفضاء ما نشرته مجلة "فيتير أسباس" المختصة في شؤون الفضاء، حيث توقعت أنه سيتم إرسال 1155 قمرا صناعيا إلى الفضاء خلال العقد 2014 - 2023.
كما يبرهن على الاستخدام المكثف لهذه الأقمار أن شركة "أريديوم للاتصالات" تستخدم لوحدها في الوقت الحالي 66 قمرا اصطناعيا، ووقعت منذ سنوات عقدا مع شركة "تالس النيا سبيس" لاقتناء 81 قمرا صناعيا جديدا من فئة "أريديوم نكست" ستنضم إلى ما لديها في الوقت الحالي.
في ظل هذا الاهتمام العالمي بالفضاء ولأهميته الكبرى، قامت الإمارات منذ سنوات بالاستثمار في تكنولوجيا عالم الفضاء، ونجحت حتى الساعة في إرسال قمرين صناعيين هما "دبي سات 1" و"دبي سات 2" ويتوقع أن ترسل الثالث "خليفة سات" سنة 2018.
فقبل أيام أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء -الذي يمتلك ويدير الأقمار الصناعية الإماراتية - عن اكتمال صناعة الهيكل الهندسي التجريبي وأنظمة قمر "خليفة سات"، هذا القمر الذي انطلق العمل في تصميمه وتصنيعه سنة 2013 بالتعاون بين مركز محمد بن راشد للفضاء وشركة "ساتراك انيشياتيف" الكورية الجنوبية ويقوم بتصميمه وتصنيعه وتركيب أجزائه فريق من المهندسين الإماراتيين، وهو مصمم لتوفير خدمات التصوير عبر الأقمار الصناعية لدولة الإمارات وللمراكز والجهات الخاصة في الإمارات وغيرها من الدول عن طريق التقاط صور بالغة الدقة لكوكب الأرض ومن ثم يقوم بإرسالها إلى مركز الشيخ محمد بن راشد للفضاء، وستشمل الخدمات التي سيوفرها صورا ضرورية لدراسة ومراقبة المناخ والبيئة والتخطيط العمراني والزراعي والمياه ورسم الخرائط والمساعدة في حال الكوارث.
ومن المقرر له أن يتموضع ويدور في المدار الأرضي المنخفض وهو المدار الذي يبعد ما بين 200 كلم و1000 كلم عن سطح الأرض حيث سيدور على ارتفاع 613 كلم، وهو نفس المدار الذي يدور فيه مقراب "هابل" الفضائي بينما سيرتفع بـ200 كلم عن المدار الذي تدور فيه المحطة الفضائية الدولية.
وتبلغ زنته حوالي 330 كغ وبعمر افتراضي قدره 5 سنوات، مع أنه من الشائع في عالم الفضاء أن تتجاوز الأقمار الاصطناعية عمرها الافتراضي بأضعاف المدة المقررة لها أصلا، وستبلغ سرعته في الفضاء 7.5 كلم/ثانية أي ما يعادل 27 ألف كلم في الساعة، ومزود بأجهزة تصوير واستشعار بالغة الدقة والتطور، ومن المزمع إرساله إلى الفضاء سنة 2018، وسيحمله إلى مداره في الفضاء صاروخ من صناعة مجموعة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة اليابانية.
وقد قامت الإمارات بإرسال قمرين صناعيين منذ سنوات، هما "دبي سات 1" الذي أطلق سنة 2009 الذي تم إنتاجه بالتعاون بين مركز محمد بن راشد للفضاء وشركة "ساتراك انشياتف" الكورية وشارك في تصميمه عشرة مهندسين من الإمارات، وتم إطلاقه من قاعدة "بايكونور" في كازاخستان ويزن 200 كغ، ويدور حاليا على ارتفاع 680 كلم مقدما صورا ومعلومات تساعد في التخطيط العمراني والمراقبة الجوية والتغيرات المناخية.
كما تم في 2013 إرسال القمر الصناعي "دبي سات 2" الذي تم تصنيعه أيضا بالتعاون بين مركز محمد بن راشد للفضاء وساتراك الكورية وشارك في صناعته 16 من المهندسين الإماراتيين وأطلق من قاعدة يازني الروسية لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء بصاروخ "دنبر" الروسي ويوجد على ارتفاع 600 كلم ويزن 300 كلغ ويبلغ طوله 2 م ويدور بسرعة 7.55 كلم /الثانية ويتميز بجودة فائقة في الصور تصل إلى نسبة جودة تعادل 300% أكثر من صنوه "دبي سات 1".
والحقيقة أن الاستثمار في علم ودراسة الفضاء وتصميم وإرسال الأقمار الصناعية بمختلف أنواعها إلى الفضاء، أصبح مطلب ملحا لجميع الدول في سباق الأمم وتنافسها في إنجاز البحوث المرتبطة بالفضاء، وتسيير الرحلات إليه وهي استثمارات –زيادة على أنها مطلب أخلاقي- ستؤتي أكلها لا محالة، أولها ولوج التكنولوجيا من بابها الواسع، وهو ما يراكم خبرات عالية ومعارف وتدريبا نوعيا سيسهم في تطوير المجتمع، إضافة إلى الخدمات المباشرة التي تقدمها هذه الأقمار من خدمات علمية وخدمية وأمنية وعسكرية.
فجميع البشر اليوم يرتبطون بشكل مباشر بخدمات الأقمار الصناعية، فعن طريقها تجرى الاتصالات الهاتفية ويشاهد البث التليفزيوني، وباختصار خدمات الأقمار الصناعية أضحت لا غنى عنها لاعتماد قطاعات حيوية عليها كالاتصال والبحث العلمي والإعلام، زيادة على المعلومات التي توفرها في حقل الزراعة والبيئة والمياه والعمران، والطقس، والمساعدة في عمليات الإنقاذ.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE5MiA=
جزيرة ام اند امز