"اختطاف أمريكيين" في بغداد ينكأ جراح القطريين والأتراك
خبراء لـ"العين": تحمل رسائل داخلية وإقليمية ودولية من جماعات مسلحة
يرى خبراء ومحللون أن اختطاف 3 أمريكيين في بغداد يبعث رسائل متعددة إلى أطراف داخلية وإقليمية ودولية
لا تتوقف رسائل الجماعات المسلحة التي تمارس الاختطاف وتتحدى سلطة الدولة العراقية على الداخل العراقي ومشكلاته المعقدة، بل تمتد وفق حسابات أخرى إلى ما وراء الحدود في إطار الصراع الإقليمي والدولي بالمنطقة، ولعل اختطاف ثلاثة أمريكيين في بغداد أمس، وقبلهم قطريين في السماوة جنوبي العراق وقبلهم الأتراك يصب في هذا الاتجاه وينكأ جراحا لم تندمل.
وشرعت قوات أمنية عراقية في عمليات دهم وتفتيش في منطقة الدورة جنوبي بغداد، بحثا عن ثلاثة أمريكيين أُعلن عن اختطافهم الليلة الماضية.
وقالت مصادر أمنية ومحلية اليوم الاثنين إن "قوات من الأمن الوطني وفوجا من رئاسة الجمهورية بدأت عملية أمنية في شارع الصحة بمنطقة الدورة بحثا عن الأمريكيين من أصل عراقي الذين اختطفوا خلال مرورهم بمنطقة الدورة متوجهين إلى مطار بغداد الدولي".
وقال الخبير الأمني المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي في حديثه مع "بوابة العين" إن "عمليات الاختطاف السابقة للقطريين والأتراك من قبل جماعات مسلحة محسوبة على الحكومة بوصفها جزءا من تشكيل "الحشد الشعبي التابع لمجلس الوزراء العراقي هي غالبا تقوم بهذه العمليات، ترتبط بتحقيق أهداف على الساحة السورية لتخدم شركاء لها هناك".
وأضاف أن اختطاف الأتراك كان يستهدف فك الحصار بالمناطق الغربية عن "حزب الله" من قبل جبهة النصرة، واختطاف القطريين بهدف تبادل لعناصر من حزب الله لدي جبهة النصرة.
وقال إن "الحكومة تعلم أنها لا تستطيع مواجهة هذه الجماعات وتعي بحجمها أمام الجماعات المسلحة وهي لا تستطيع عمل شيء سوي الطلب سياسيا من الكتل التي ترعي هذه الجماعات بالتدخل، وليس أدل على ذلك من طلب هذه الجماعات في البصرة مثلا بخروج قوات الجيش والشرطة وتطرح نفسها بديلا لحفظ الأمن".
وأشار إلى وجود رسالة أخرى من وراء عملية خطف الأمريكيين باتجاه رفض وجود قوات خاصة أمريكية بالعراق والتي طلبتها الحكومة العراقية.
وأوضح أن قيادات وكوادر هذه الجماعات تعلم قدرات القوات الخاصة الأمريكية التي سبق أن اعتقلتهم، من خلال عمليات الإنزال والمداهمة والاعتقال وأعلنت عن رفضها لوجود هذه القوات.
وقال إن "هذه الجماعات ترفض أيضا تحرك رئيس الحكومة حيدر العبادي للاستعانة بجهد دولي للسيطرة على منطقة الحدود السورية العراقية، وهو ما ظهر على السطح خلال زيارة رئيس الوزراء الأسترالي للعراق".
وكان رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول أكد دعم بلاده للعراق في حربه ضد الإرهاب، خلال لقاء العبادي ببغداد يوم السبت الماضي، وطلب العبادي ضرورة ضبط الحدود مع سوريا التي يتواجد بها مسلحو تنظيم داعش وأكد أهمية الحل السياسي في سوريا.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي طالما وصف جماعات الخطف المسلحة بـ" الميليشيات الوقحة"، فصائل الحشد الشعبي والسرايا المحبة للوطن والشعب والعشائر العراقية، اليوم إلى دعم الجيش العراقي في البصرة ضد من وصفهم "الضوضائيين" كما يدعمونه ضد تنظيم "داعش".. على ضوء طلب بعض الجماعات المسلحة خروج الجيش الذي شرع في نزع السلاح الثقيل من العشائر المتنازعة هناك.
كما أن رئيس مجلس النواب العراقي د. سليم الجبوري حذر من أن السلاح مازال منفلتا في قضاء "المقدادية" بمحافظة ديالي وهناك بعض المندسين الذين لم يستوعبوا الدرس، ويخلطون الأوراق في المناطق التي تم تحريرها من داعش، وقال: إن هناك من يحمل السلاح خارج إطار الدولة وللأسف بعلم الدولة، ويستهدفون خلق فتنة طائفية.
إحراج الحكومة العراقية
ومن جانبه، اعتبر الخبير الأمني العراقي إحسان الشمري أن عملية اختطاف الأمريكيين "رسالة تحذير" لأمريكا التي أعلنت عن إرسال قوة خاصة بناء على طلب الحكومة العراقية، حيث أعلنت فصائل من المقاومة الإسلامية التي سبق أن قاتلت القوات الأمريكية بالعراق رفضها قدوم القوة الأمريكية الخاصة واعتبروا وصولها استفزازا لهم .
وقال الشمري لـ"بوابة العين" إن هذه الجماعات المسلحة تريد إحراج الولايات المتحدة الأمريكية والعودة إلى مشهد مقاومتها على أرض العراق.
واستبعد وجود رابط ما بين إعلان تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى ورفع العقوبات عن طهران، واعتبر عملية الاختطاف تقف وراءها دوافع داخلية عراقية تستهدف أيضا إحراج حكومة حيدر العبادي وإظهارها في موقف "الضعيف" وهذا أيضا حدث في اختطاف القطريين والأتراك.
وأضاف أنه "ليس بيد الحكومة سوى التفاوض سياسيا مع القوى المرتبطة بها هذه الجماعات، لافتا إلى أن منطقة الدورة التي انطلقت منها أيضا عملية "بغداد الجديدة" التي نفذها داعش منطقة مختلطة وعلى أطراف بغداد تتيح إمكانيات لمن يرغب في تنفيذ مثل هذه العمليات حيث بها هامش من حرية الحركة بعيدا عن المناطق محكمة التأمين والسيطرة من القوات الحكومية.
يذكر أن مجموعة مسلحة اختطفت يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2015 مجموعة من الصيادين القطريين بمنطقة "ليا" في بادية السماوة في محافظة المثني جنوبي العراق المحاذية للسعودية، وقالت السلطات العراقية إنهم لم يلتزموا بالتعليمات وتحركوا في مناطق تجاوزت المناطق المؤمنة.
وكان العمال الأتراك المختطفين غادرو بغداد يوم 30 سبتمبر/ أيلول الماضي عقب العثور عليهم قرب قضاء "المسيب" في محافظة بابل بعد شهر من اختطافهم من موقع عملهم في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية شرقي بغداد، وأعلنت قيادة عمليات بغداد استمرار التحقيقات في قضية اختطاف العمال الأتراك التي لم يعلن عنها شيء حتى الآن، ولم تعرف ملابسات عملية الاختطاف.
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA== جزيرة ام اند امز