العالم يُجمِع على مأساة مضايا.. وإعلام الأسد ينفي
الإعلام المؤيّد لرئيس النظام السوري يغضّ الطرف عن مأساة مضايا وينفي تقارير دولية بشأن حصارها وتجويع سكانها
الحصار المطبق على بلدة مضايا السورية، وصور الأطفال والجوعى التي ضجّ بها العالم مؤخرا، والتفاعلات العربية والعالمية الداعمة على مواقع التواصل الاجتماعي، لقضية المتهم الأول بتطبيقها هو جيش بشار الأسد بالتعاون مع ميلشيا حزب الله اللبناني، وضعت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام السوري أمام مأزق تبرير ما يحدث في مضايا من مأساة إنسانية، ثم إنكار وجودها أساسا على لسان مندوب سوريا في مجلس الأمن.
ففي حديث لقناة سما الفضائية المؤيدة، وصفت نهلة عيسى، الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة دمشق، الواقع المعاش في بلدة مضايا بقولها "بالتأكيد هناك تضييق على مضايا، والأمور ليست سليمة 100%، وما يحصل هناك هو تداعيات طبيعية لبلد يعيش حالة حرب متعددة الأضلاع".
وعما تقوله وسائل الإعلام المحلية عن موافقة الأسد على إدخال المساعدات الإنسانية لمضايا، علقت عيسى أن "النظام الحاكم لم يقف يوما في وجه دخول أية مساعدات لتلك البلدة السورية".
وعن سياسة الحصار المتبعة في المناطق الساخنة، وجّهت عيسى أصابع الاتهام، لمن سمتهم "العصابات المسلحة" التي تقطن هذه البلدات، وتقاتل ضد جيش الأسد، واتهمتهم أيضا بسرقة المساعدات الموجهة للأهالي والمتاجرة بها، مستغلين حاجة المواطنين لهذا الإمداد ليتمكنوا من الصمود وممارسة "إرهابهم" لأطول فترة ممكنة، حسب قولها.
وتعود عيسى لتنفي وجود أي حصار في حديثها عن صور الجوعى التي تناقلتها وسائل الإعلام، عندما تساءلت "كيف تم تسريب هذه الصور؟ فلو كان هناك حالة حصار بالفعل، لما تمكن الناس من تسريب صور"، معللة ذلك بقولها "إن أولى مبادئ الحصار من الناحية العسكرية على الأقل هي قطع الاتصالات".
وتحت عنوان "من سرق المساعدات الغذائية في مضايا؟" تحدث مدير مكتب "قناة العالم" في سوريا، الإعلامي حسين مرتضى، في لقاء على أثير إذاعة النور المؤيدة للنظام السوري عن سرقة المساعدات الغذائية التي دخلت إلى بلدة مضايا تنفيذا لاتفاق الهدنة حول بلدات الزبداني والفوعة وكفريا.
واتهم المرتضى ما وصفهم بـ"الجماعات المسلحة" مثل جيش الفتح وحركة أحرار الشام بسرقة هذه المساعدات.
كما حمّل مرتضى مسؤولية الحصار الذي تعاني منه مضايا للجماعات المسلحة، معللا ذلك أن مضايا مفتوحة من ناحية القلمون وأن المسلحين يستطيعون الوصول إلى بلدة عرسال اللبنانية، معربا أن "من يستطع إدخال المحروقات والسلاح إلى جرود القلمون، يستطيع إدخال مواد غذائية إلى مضايا".
كذلك الأمر كان بالنسبة لقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني، حيث جرّمت هي الأخرى –في تقرير إخباري- المسلحين بقضية مضايا، واستنكرت ما يقومون به بحسب زعمها، من تحكم بالمساعدات الغذائية وتخزينها في مستودعات تابعة لهم، وبيعها بأسعار جنونية.
كما ادّعت المنار أن قوافل المساعدات الغذائية التي تم إدخالها لبلدات مضايا وسرغايا وبقين في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بالتزامن مع إدخال كميات مماثلة لبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، كانت تكفي لعدة أشهر.
كما نفى تقرير المنار وجود أي حالة وفاة بسبب نقص الغذاء في مضايا، الذي وصفه الممثل الأعلى لمفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، ساجد مالك "بالمعاناة التي لم يشهد لها مثيل"، مقارنة بما عاينه الطاقم الأممي بمناطق أخرى من سوريا.
تعامي صريح
من جهته نفى مندوب سوريا في مجلس الأمن، بشار الجعفري، وجود أي أزمة إنسانية في مضايا، واتهم قنوات تلفزيونية بـ"الفبركة الإعلامية".
إذ قال الجعفري عقب جلسة مغلقة حول المدن المحاصرة في سوريا، عُقدت في نيويورك، الأسبوع الماضي، إنه "لا صحة مطلقاً لوجود أزمة إنسانية في مضايا"، مشيراً إلى أن "العناصر الإرهابية داخل البلدة هي من تقوم بسرقة المساعدات والاستيلاء عليها واستخدامها كوسيلة ضغط للتفاوض".
إلا أن نظام الأسد كان قد أعلن صراحة عن حصاره لمدينة مضايا، عندما وافق لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، على إدخال المساعدات في أقرب وقت ممكن إلى 3 بلدات سورية، بينها مضايا المحاصرة في ريف دمشق الغربي.
وجاء هذا في بيان صادر عن الأمم المتحدة مفاده "ترحب الأمم المتحدة بالموافقة التي تلقتها اليوم من الحكومة السورية بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مضايا والفوعة وكفريا، وتعمل على تحضير القوافل لانطلاقها في أقرب فرصة".
كما أقرّت الأمم المتحدة في تقرير لها "إن هناك مجاعة في مضايا"، معتبرة أنه "من الضروري إجلاء 400 مدني وتقديم العلاج لهم بصورة مستعجلة".
فيما أشار سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى أنه "يجب عقد اجتماع بأسرع وقت ممكن لبحث مصير مدن سورية محاصرة يوجد فيها 400 ألف مدني وبحث الوضع الإنساني في البلاد".
من جانبه، حثّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي -في تصريحات صحفية- نظام الأسد على تنفيذ تعهداته المعلنة، برفع حصاره والسماح بالمساعدات والمعونات إلى مضايا، وكذلك إلى الفوعة وكفريا.
ووصف متحدث الخارجية الأمريكية الوضع الذي وصلت إليه مدينة مضايا السورية "رمزاً لسلوكيات النظام السوري"، فيما اعتبر متحدث البيت الأبيض جوش إيرنست أن ما يحدث في المدينة المحاصرة "مثير للغثيان".
أما وزير بريطانيا لشؤون الشرق الأوسط "توباياس إلوود"، فقال قبيل جلسة نقاش في مجلس الأمن حول أزمة المناطق المحاصرة في سورية: "سوف نُبقي تركيز المجتمع الدولي في الجلسة على تعمّد عرقلة نظام الأسد لإيصال المساعدات الإنسانية".
وحتى اليوم قضى أكثر من 50 شخصا في مضايا، نتيجة نقص التغذية والأدوية، فيما قتل آخرون إما قنصاً أو بالألغام المحيطة بالبلدة خلال محاولاتهم لكسر الحصار وإدخال مواد غذائية.
aXA6IDE4LjIyNi45My4xMzgg جزيرة ام اند امز