دراسة بحثية لمركز القدس حول الانتفاضة وتأثيراتها على المناعة الإسرائيلية، وتضع فيها سيناريوهات الوضع الإسرائيلي.
خلصت دراسة بحثية إلى أن عام 2016 الجاري يحمل للاحتلال الإسرائيلي الكثير من الألغام على المساحة الأمنية والتحولات التي يمكن أن تتضح في الربع الأخير من العام، ورأت أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية أفقدت الاحتلال شعوره بالهدوء، وجعلته من أكثر أماكن العالم التي تواجه مخاطر أمنية.
وذهبت الدراسة التي أعدها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي، وحملت عنوان "استراتيجبة إسرائيل لعام 2016 في مواجهة التحديات الأمنية"، وتلقت بوابة "العين" الإخبارية نسخةً منها، إلى أن الاحتلال يواجه خطرًا متزايدًا من التحديات الأمنية والداخلية، تدفعه في كل عام إلى بلورة استراتيجية أمنية تلائم التغيرات، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.
ورأى أن إسرائيل تُعد من أكثر دول العالم التي تواجه مخاطر أمنية كونها دولة احتلال؛ "فمنذ قيامها لم تعرف فترة طويلة من الهدوء، ويرجع ذلك لأسباب موضوعية أهمها سعي الشعب الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي".
دولة اتكالية:
وأشارت إلى أن كثرة التحديات التي تواجه دولة الاحتلال، جعلت منها دولة اتكالية من الناحية الأمنية في ظل عجز جيشها عن مواجهة العديد من الملفات، بعد أن كانت دولة مبادرة لا تناقش فيما يتعلق بأمنها أبرز حلفائها.
وذهب رئيس قسم دراسات الشأن الإسرائيلي في مركز القدس عماد أبو عواد، إلى أن إسرائيل تواجه 7 تحديات أساسية، أولها يتعلق بالملف الأمني الداخلي؛ حيث أظهرت الحرب الأخيرة على غزة 2014 عدم قدرتها على الردع، فلم تستطِع طيلة 51 يومًا من المعارك من تحقيق أهدافها المعلنة، ليدور الحديث مؤخرًا بأن غزة استعادت قوتها بل استطاعت أن تمتلك قوة صاروخية أكبر، وشبكة متطورة من الأنفاق التي وفق تعبير بنت وزير الاقتصاد الإسرائيلي وزعيم حزب البيت اليهودي، بأن لا فائدة من طائرات ف 35 التي لا تستطيع مواجهة تلك الأنفاق.
وأكد أن أحداث الانتفاضة في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني أظهرت ضعف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والتي قال حولها "بنيامين نتنياهو" إننا لا نملك حلولًا سحرية، ملوِّحًا باتخاذ خطوات قمعية أكبر لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية.
وأشارت الدراسة إلى أن التحدي الثاني هو التغيرات الإقليمية، وأنها لن تكون في صالح إسرائيل، رغم توظيفها الحروب في محيطها لإضعاف خصومها.
حزب الله والمستنقع السوري:
واتفق الباحثون في المركز على أن حزب الله من الممكن أن يفتعل حربًا حال أراد الهروب من المستنقع السوري ليعيد البوصلة باتجاه إسرائيل، و"إن كان هذا الأمر مستبعدًا على المستوى التكتيكي في هذه المرحلة على الأقل".
ورأى أن التحدي الثالث بتعلق بالملف النووي الإيراني، لافتًا إلى وجود التقاء مصالح بين الدولتين في العديد من القضايا، "إلا إن سعي إيران لتكون دولة مفتاحية في المنطقة وسعيها إلى السيطرة على العديد من العواصم العربية، يدفع إسرائيل إلى الشعور بالخطر".
المقاومة الفلسطينية وتسريع المواجهة:
وأكدت الدراسة أن المقاومة الفلسطينية لا تزال الباعث الأكثر حيوية في التأثير على منظومة الأمن الإسرائيلي من حيث تأثيرها على البيئة المقاومة في المنطقة واستدعاء الجبهات على الأرض، الأمر الذي من شأنه تسريع حالة المواجهة مع إسرائيل.
وبيَّنت أن التحدي الخامس وهو النظرة الغربية لإسرائيل، إذ "بعد الحروب الثلاثة الفاشلة لإسرائيل على غزة، وعدم قدرتها على خلق متغيرات واضحة في الملفات (لبنان سوريا) وتخوفها من عدم ثبات البيئة السياسية العربية المحيطة، جعل الغرب يرى أن القوى الناضجة في المنطقة دولًا يمكنها القفز إلى حسم مواقف تضر النفوذ الغربي.
استراتيجية إسرائيل الأمنية المقبلة:
وتوقفت الدراسة عند تعدد المخاطر الأمنية ضد إسرائيل، فخلصت إلى أن الملف الإيراني، لم يعد تهديدًا في المرحلة الحالية.
وأشارت إلى أن إسرائيل أبقت استعدادها لإمكانية استمرار الأوضاع الحالية في سوريا والشرق الأوسط لسنوات طويلة مع إمكانية عدم عودة سوريا كدولة واحدة، والوصول إلى تفاهمات مع روسيا من أجل رسم خريطة المنطقة بما يتناسب مع مصالحها ولتفتيت أي خطر من الممكن أن يحدقها.
ورأت الدراسة أن الاحتلال يسعى للعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين للوصول إلى حل سياسي، وفي حال فشل ذلك فإن إسرائيل قد تقوم بعملية انفصال فعالة عن الفلسطينيين، من أجل حفظ أمن سكانها.
وقالت: "هذا الحل لم ينضج بعد، لكن خيارات إسرائيل تقوم على نمطين من الفعل (إضعاف القيادة السياسية، بأكثر مما هي عليه الآن لصالح خيارات اقتصادية وأمنية)".
ورأت الدراسة أن الغرب بدأ يتجهز لمرحلة سياسية ليس فيها الرئيس عباس، لذلك ترى إسرائيل بالخيارات السياسية الضعيفة خيار ممكن، مع حالة أمنية قوية.
ونبَّهت أن جيش الاحتلال يجري إعداده لمواجهة رابعة مع غزة في ظل تعاظم وازدياد قوة حماس الصاروخية وبنائها للأنفاق.
وأكدت الدراسة أن إسرائيل تتبنى استراتيجية أمنية تقوم على ركنين "الإضعاف التصاعدي"، وتعني هذه السياسة "إبقاء الحصار"، مرجحة ثبات الجبهة في هذا العام مع غزة، لكن مصير الثبات إلى مواجهة ستكون أوسع من سابقاتها".
ورأت الدراسة أن عام 2016 سيكون للواقع في الضفة الغربية والقدس، والداخل حضورًا يوازي حجم البيئات الأخرى بل يزيد عليها، فيما ستعمد إسرائيل إلى مواصلة سياسة القبضة الأمنية، لكن في الوقت ذاته ستحافظ على دور أمني محوري من خلال التنسيق الأمني.