الأولى أن هيلارى لا تبدو أقل تأثرًا بالمحافظين الجدد من روبيو! أما الثانية فهى، لمن سينضم المحافظون الجدد لو انسحب روبيو
أعرف أن دونالد ترامب يتصدر كل استطلاعات الرأى بين الناخبين الجمهوريين قبل أيام من بدء الانتخابات التمهيدية.
لكن رغم أن ترامب، الذى يخاطب فى جمهوره أسوأ أفكار «التفوق الأبيض» عنصرية، فى حين أن تيد كروز، التالى له مباشرة فى الاستطلاعات، يسعى لأصوات اليمين الدينى والأكثر تطرفًا من بين جمهور حركة حفل الشاى اليمينية، إلا أن المرشح الجمهورى الأكثر خطورة على العالم هو ماركو روبيو، ببساطة لأنه صاحب فرصة حقيقية فى الفوز بمنصب الرئاسة، أمام مرشح معتبر من الحزب الديمقراطى.
فلا دونالد ترامب ولا تيد كروز لديه فرصة حقيقية للفوز بمنصب الرئاسة. فالفوز بالمنصب له متطلبات وشروط تختلف كثيرًا عن متطلبات الفوز بترشيح الحزب.
بل قد تتناقض متطلبات الاثنين.
ففى المرحلة التمهيدية، التى نعيشها اليوم، تكون المعركة بين عدد من المرشحين داخل كل حزب على الفوز بترشيحه.
وهى معركة يحسمها الناخبون الأكثر ارتباطًا بالحزب.
وهم فى حالة الحزب الجمهورى، الناخبون الأكثر يمينية.
وحين يفوز أحدهم بترشيح الحزب، يكون عليه منافسة مرشح الحزب الآخر فى الخريف للفوز بمنصب الرئاسة.
وتلك هى الانتخابات الحاسمة. والناخبون فيها هم عموم الأمريكيين، أى أنصار الحزب الآخر والمستقلين.
لذلك، فإن التطرف الذى يكون مزية تسمح بالفوز بترشيح الحزب يصبح عبئا على المرشح وحزبه فى انتخابات الخريف، التى يلزم فيها بالضرورة مناشدة الجمهور الأمريكى الأوسع.
ومن هنا، فحتى لو فاز ترامب أو كروز بترشيح الحزب الجمهورى، سيكون صعبًا على أيهما الفوز بالرئاسة، لأن عليه اجتذاب جمهور أوسع من جمهوره الحالى.
أما ماركو روبيو، فالقصة معه مختلفة.
ففضلا عن أنه شاب ومن أصول كوبية، أى يسهل من قصة حياته نسج دعاية تستلهم أسطورة «الحلم الأمريكى» المحببة لنفوس الأمريكيين، فإنه يخدم فى مجلس الشيوخ فى لجنتى السياسة الخارجية والاستخبارات، ويزعم خبرة معقولة فى السياسة الخارجية ويقدم نفسه باعتباره البديل الحقيقى لاستعادة حلم «القرن الأمريكى الجديد». وهنا مكمن الخطورة.
فتعبير «القرن الأمريكى الجديد» مستمد مباشرة من قاموس المحافظين الجدد الذين أشعلوا العالم بالحروب حين تولى بوش الابن الرئاسة.
وهم أصحاب فكرة غزو العراق واحتلاله وتغيير النظم بالقوة وأفكار «الفوضى الخلاقة» «والصدمة والرعب» وغيرهما. ومستشارو روبيو للسياسة الخارجية رموز مهمة خدمت مع بوش الابن مثل إليوت أبرامز أو من منظرى المحافظين الجدد مثل بيل كريستول. لكن الأخطر من هذا وذاك، أن على رأس ممولى روبيو، شيلدون أدلسون وبول سينجر وهما من أكثر أنصار إسرائيل تطرفا، بما انعكس بوضوح فى موقف روبيو المؤيد للاستيطان فى الأرض الفلسطينية المحتلة.
ومن يستمع لخطاب روبيو المتشدد فى السياسة الخارجية يشعر وكأنه يستمع لبوش الابن لو أنه ظل فى الحكم حتى اليوم. فهو يدعو للمواجهة ليس فقط مع روسيا والصين وإنما إلى «خلق كيان سنى» فى العراق، ويرفض، مثل نتنياهو، حل الدولتين.
وحتى الآن يبدو فى الاستطلاعات أن روبيو هو الأكثر قدرة بين كل الجمهوريين على منافسة هيلارى كلينتون، إذا ما فازت بترشيح حزبها، وهو ما لم يتأكد بعد. وهنا مفارقتان، الأولى أن هيلارى لا تبدو أقل تأثرًا بالمحافظين الجدد من روبيو! أما الثانية فهى، لمن سينضم المحافظون الجدد لو انسحب روبيو أو إذا فاز ترامب أو كروز بترشيح الحزب!.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة