من أكثر الأخطاء شيوعا منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى هذه اللحظة أن كثيرين يربطون ربطا آليا بين جماعة الإخوان وثورة يناير
من أكثر الأخطاء شيوعا فى الحياة السياسية المصرية منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى هذه اللحظة أن كثيرين يربطون ربطا آليا بين جماعة الإخوان وثورة يناير، وكأنهما توأمان سياميان لا ينفصلان.
صار كثيرون يعتقدون أن جماعة الإخوان هى من صنعت ثورة يناير، ولولا الجماعة ما كانت الثورة.. هذا شرف لا يستحقه الإخوان ولا أى حزب أو جماعة أو قوة سياسية مصرية اخرى.
الذى صنع ثورة يناير وفكر فيها هم شباب أبرياء أنقياء، ملوا من فساد دولتهم وحكامهم وغالبيتهم لم يكن منتميا لاحزاب أو جماعات.
لمن لا يصدق ذلك، عليه ان يعود إلى التصريحات الرسمية لقادة جماعة الإخوان وقادة معظم الأحزاب والقوى السياسية المصرية قبل يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ أو حتى قبل خروج مظاهرات الشباب ظهر ذلك اليوم، وسوف يكتشف اكتشافا مذهلا وهو أن البعض سخر من دعوة الشباب للتظاهر فى هذا اليوم باعتبارها «لعب عيال»، فى حين أمسك آخرون بالعصا من المنتصف، وثالث قال إن حزبه لن يشارك فى مظاهرات تم الدعوة إليها من «جهات مجهولة».
لمن لا يصدق عليه ان يرجع إلى المواقف التى اتخذتها جماعة الإخوان قبل المظاهرات وأثناء الثورة وحتى يوم ١٠ فبراير، وسوف يكتشف بسهولة أنها كانت جماعة شديدة الانتهازية، هى لم تعلن مشاركتها الرسمية من البداية لأنها لم تكن تعرف إلى أين ستصل الامور، ثم تفاوضت مع عمر سليمان للحصول على مكاسب مقابل بيع الثوار فى الميدان بمن فيهم بعض شباب الجماعة.
إذا الذى أنجح الثورة هم الشباب خصوصا المستقلين الذين لم يكونوا منضمين إلى أى من الأحزاب، إضافة إلى شباب بعض الأحزاب الذىن كفروا بتكلس وشيخوخة أحزابهم.
نجحت الثورة وحاول الجميع ان يركبها، أو يوجهها، وتشاء الأقدار أنه عندما أجريت الانتخابات البرلمانية فى أواخر عام ٢٠١١، لم تكن هناك قوة أو جماعة أو حزب سوى الإخوان، إضافة إلى ائتلاف واسع للقوى السلفية، وكانت المفاجأة أن تيار الإسلام السياسى فاز بأكثر من ثلثى مقاعد البرلمان. وفاز أيضا بانتخابات الرئاسة ثم شكل الحكومة.
عند هذه اللحظة وخصوصا بعد إقالة محمد مرسى للمشير حسين طنطاوى والفريق أول سامى عنان، بدا يتسلل إلى وعى كثرين أن يناير هى الإخوان والعكس صحيح. لكن هؤلاء ينسون أن جماعة الإخوان باعت الثوار الحقيقيين لثورة يناير فى كل المحطات المفصلية خصوصا فى أحداث مجلس الوزراء الشهيرة وكذلك أحداث محمد محمود، وفى مظاهرات الاتحادية.
الخلاصة ان الإخوان لم تكن فى القلب من ثورة يناير، وبالتالى فلا يحق لها احتكار الحديث باسم هذه الثورة، بل يمكن القول باطمئنان شديد إنه لولا حماقة الجماعة ما تعرضت الثورة للانتكاسات.
صحيح أن هناك قوى نافذة ممن تضرروا من ثورة يناير وجهت سهاما متعددة إلى قلب هذه الثورة، لكن السهم الأكبر جاء من حماقة وقصر نظر هذه الجماعة الانتهازية، التى مكنت كل المتربصين بثورة يناير من الانقضاض عليها.
من الطبيعى أن يكره كل أنصار مبارك ثورة يناير لانهم تضرروا منها، ومن الطبيعى أن يحاولوا تشويهها ودمغها بأنها لصيقة بجماعة الإخوان حتى يجعلوا الشعب يكرهها. لكن ليس من الطبيعى أن يصدق الإخوان أو أنصارهم هذا الوهم، رغم أنهم أول من يعرف الحقيقة.
إذا صح كل ما سبق أو جزء كبير منه، فعلى الأقل لو كانت جماعة الإخوان مخلصة حقا لثورة يناير، فعليها ان تتوقف عن التشدق بذلك، لان السبب ببساطة هو ان هناك كثيرين فى المجتمع المصرى لا يصدقون جماعة الإخوان ولا يثقون فيها.
ثبت عمليا أن جماعة الإخوان هى أكثر من أساء للثورة، لأنه من دون حماقاتها وقراراتها الكارثية، ما كان يمكن لأكثر أنصار مبارك سوءا ان يعودوا إلى الواجهة مرة أخرى ويجعلوا الكثيرين يصابون باليأس والإحباط.
*نشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة