حان وقت تعظيم كبار الملاك لحصصهم في البورصات العربية
الانخفاض الشديد لأسعار الأسهم يمكن كبار المساهمين من تطبيق المبدأ الاستثماري القائل بأن الثروات تصنع وقت الأزمات
بدأت بورصات المنطقة تشهد تنامي مشتريات كبار الملاك للأسهم المتداولة في محاولة لاستثمار التدني الشديد لأسعار الأسهم تحت وطأة انهيار أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وتوقع خبراء سوق المال أن ترتفع مشتريات كبار المساهمين والمتعاملين الداخليين بصورة أكبر خلال الشهور المقبلة، خاصةً بعد تراجع مؤشرات البورصات العربية بمعدلات تتراوح بين 12.83% إلى 22.35% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط.
وتباين توقعات الخبراء إزاء بروز عروض الشراء التي تقدمها الشركات لأسهمها المتداولة تحت ما يعرف بـ"أسهم الخزينة"، حيث أوضحوا أن حجم السيولة المتوافرة وثقة الإدارة في القيمة العادلة للأسهم ستلعب دورًا أساسيًّا في تحديد إقبال الشركات من عدمه على تقديم عروض شراء أسهم الخزينة.
من جانبه، قال أحمد أبوحسين -العضو المنتدب لقطاع الوساطة المالية بشركة القاهرة المالية القابضة-: إن الانخفاض الشديد في أسعار الأسهم منذ العام الماضي وتداول عدد من الأسهم الآن أسفل قيمتها الأسمية والدفترية؛ أدى إلى تنامي نشاط عمليات الشراء لكبار الملاك والمساهمين في الشركات، وتحديدًا المساهمين بنسبة تتجاوز 5% في عدة أسواق عربية مثل السعودية ودبي مصر.
وأوضح أن هذه الفئة من المستثمرين وبالأخص المتعاملين الداخليين من أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية سيكونون أكثر إقبالاً على رفع حصصهم بالشركات لكونهم أكثر دراية عن غيرهم من المستثمرين بالقيمة العادلة لأسهم شركاتهم في ظل الاطلاع الدائم على تفاصيل الأداء التشغيلي وتطورات المركز المالي من حيث التدفقات النقدية وتطور التكاليف والأرباح.
وقد أوضحت إحصائية لموقع أرقام أن هناك عددًا كبيرًا من الأسهم بسوق تداول السعودية انخفضت تحت القيمة الدفترية، فعلى سبيل المثال يشهد قطاع التأمين تداول 24 شركة من أصل 34 شركة مدرجة تحت قيمتها الدفترية الآن.
وأضاف أبوحسين أن انخفاض أسعار الأسهم بهذه الصورة ينطبق عليه المبدأ الاستثماري القائل بأن الثروات تصنع وقت الأزمات، خاصة أن المخاطر غير مرتفعة عند الحديث عن استثمار طويل الأجل يمتد إلى عامين، وهو ما يعطي مؤشرًا بفرص قوية لارتفاع قيمة الأسهم خلال هذه الفترة.
وسجلت البورصات العربية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة معدلات هبوط شديدة، فعلى سبيل المثال انخفضت كل من سوق دبي المالي بواقع 21.75%، وأبوظبي بـ 12.83%، وتداول السعودية بنسبة 19.62%، والكويت بمعدل 14.20%، وقطر بنحو 22.35%، ومصر بنسبة14.73% ..
"أسعار الأسهم في بورصات الخليج ومصر سجلت مستويات تاريخية في معدل الانخفاض خلال الفترة الحالية في ظل هبوطها منذ العام الماضي، ثم تفاقم الخسائر منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حتى الآن، الأمر الذي يطرح بقوة الآن أمام إدارات الشركة فرص شراء واعدة لأسهم خزينة بغرض الاستثمار في أسهمها، حسب ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية.
وتابع عمارة: "بدأت شركات مصرية المضي قدمًا في هذا المضمار مثل عامر جروب، بهدف تحقيق أرباح رأسمالية عند بيع الأسهم مرة قبل انتهاء الفترة القانونية المحددة للاحتفاظ بالأسهم والمحددة بسنة واحدة في بورصة مصر".
وتعرّف الأسهم الخزينة بأنها الأسهم التي تقوم الشركات المصدرة بإعادة شرائها عن طريق عملية تتم من خلال سوق الأوراق المالية، علمًا بأنه لا يحق لهذه الأسهم الحصول على أية توزيعات أو حق التصويت خلال فترة ملكية الشركة لها.
وأضاف عمارة أن خلق قوة شرائية على الأسهم الآن عبر عروض شراء أسهم الخزينة من شأنه تدعيم أسعار الأسهم في بورصات المنطقة، في مواجهة موجة الهبوط التي تسيطر على الأسهم والمرتبطة بتطور حركة أسعار النفط عالميًّا.
وقد انخفض سعر النفط خلال عام واحد من مستوى 49.60 دولارًا إلى أسفل مستوى 32 دولارًا، أي بمعدل تراجع 35.5%.
واعتبر رئيس شركة إيجل للاستشارات المالية أن قدرة الشركات المدرجة في بورصات المنطقة على تحقيق نتائج أعمال جيدة ابتداءً من الربع الأول حتى نهاية العام الحالي سيعزز من جاذبية أسهم الخزينة للعب دور إيجابي في تشكيل قوة داعمة لأسعار الأسهم.
وبالفعل قامت سوق دبي المالي وبورصة مصر بدعوة الشركات لتبكير الإفصاح عن قوائمها المالية، في محاولة لبث الثقة في نفوس المتعاملين بقدرة الشركات على تحقيق نتائج طيبة رغم انخفاض أسعار النفط.
ورأى عمارة أن من أبرز المحددات التي ستلعب دورًا في اتخاذ الشركات قرار شراء أسهم خزينة من عدمه، هو مدى ثقة الإدارة في الأداء المالي والتشغيلي لشركاتها، فضلاً عن أنه في حال ارتفاع القيم السوقية للأسهم بدعم من مشتريات أسهم الخزينة سيعزز قدرة الشركات على الحصول على تسهيلات ائتمانية بضمان قيمة الأسهم.
على الجانب الآخر، استبعد إيهاب السعيد -عضو مجلس الإدارة، ورئيس قسم التحليل الفني بشركة أصول للوساطة المالية- أن تشهد أسواق المال العربية موجة شراء أسهم خزينة، مرجحًا أن تكون هناك حالات فردية فقط.
وبرر هذا الرأي بـ 3 أسباب؛ الأول هو عدم توافر السيولة الكافية بشريحة كبيرة من شركات المنطقة لتنفيذ عروض شراء أسهم الخزينة، خاصةً أن دعم سعر الأسهم في ظل الظروف الحالية يتطلب شراء كميات كبيرة من الأسهم المتداولة تدور حول 5% على الأقل.
وحدد السعيد السبب الثاني في أن حالة الهبوط المسيطرة على بورصات المنطقة مرتبطة بشكل وثيق بأسعار النفط، ومن الصعب في الوقت الحالي توقع اتجاه حركة النفط، ومن ثم يصعب بناء توقعات لارتفاع الأسهم استنادًا لأية عوامل أخرى.
وحسب السعيد يتمثل السبب الأخير في وجود بدائل استثمارية آمنة لتوظيف السيولة مثل الودائع وشهادات الادخار، الأمر الذي يضمن توفير السيولة في أي وقت حسب احتياجات الشركات.
وفي الوقت ذاته، أكد أن الفترة الراهنة تناسب المستثمرين ذوي الملاءة المالية المرتفعة لتكوين محافظ مالية طويلة الأجل بتكلفة متدنية للغاية، تنخفض في المتوسط بواقع 25-30% عن القيم السوقية لأسعار الأسهم في البورصات العربية قبل 6 أشهر إلى عام.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuNjQg
جزيرة ام اند امز