مهارة برشلونة تكبح شجاعة أتلتيكو في لقاء الهفوات البسيطة
تفاصيل تكتيكية عديدة يمكن أن تجيب عن سؤال حول سبب نجاح أتلتيكو في التقدم أولا، ثم فشله في الحفاظ على هذا التقدم
الحقيقة المؤكدة التي يمكن الخروج بها من لقاء برشلونة مع أتلتيكو مساء أمس على ملعب الكامب نو أن البارسا ابتعد في صدارة الدوري الإسباني بفارق مريح عن غريم مباراة الأمس، وغريمه التاريخي ريال مدريد.
ما بين سطور هذه الحقيقة تكمن تفاصيل عديدة يمكن أن تجيب عن سؤال حول سبب نجاح أتلتيكو في التقدم أولا، ثم فشله في الحفاظ على هذا التقدم، وهل كان الطرد المستحق لمدافعيه فيليبي لويز وجودين سببا في قتل المباراة إكلينيكيا كما يقال؟
تقدم الروخي بلانكوس بهدف في البداية عندما نجح رهان مدربه المجتهد سيميوني على الاندفاع البدني للاعبيه، وقدرته على تحجيم أهم أسلحة البارسا وهي التيكي تاكا، التي تعتمد على نقل الكرة بسرعة وسلاسة في منتصف الملعب لجذب المنافس من مناطقه الدفاعية ثم مباغتته بهجمة سريعة.
طوال الدقائق العشرين الأولى تفوق سيميوني بشكل واضح على إنريكي تكتيكيا، ووضح أنه ذاكر برشلونة بدقة تامة، وعرف كيف ينال منه عبر الضغط المكثف على دفاعه غير الصلب، وهو ما نجح فيه بالفعل فسجل هدفا بفضل استغلال سوء التغطية الدفاعية لظهيري الجنب خوردي ألبا ودانييل ألفيس.
كذلك ظهر برشلونة تائها طوال الربع ساعة الأولى، ولم يمارس لاعبوه طريقتهم السحرية، ببساطة لأن الكرات لم تكن تنتقل من الدفاع لوسط الملعب بالسلاسة المعتادة، وإنما اضطر مدافعو البارسا أمام الضغط الدفاعي المبكر عليهم لتمرير الكرة طوليا وعرضيا بطريقة أقرب للتشتيت منها إلى التمرير المنظم الأنيق المعروفين به.
لماذا أخفق سيميوني في مواصلة خطته؟ وكيف تمكن إنريكي من إعادة لاعبيه للمباراة؟ الإجابة ببساطة أن إنريكي قام بتعديل بسيط على التيكي تاكا، عبر إعادة بوسكتس وراكيتيتش ليتمركزا أمام لاعبي الدفاع، وليحققا الزيادة العديدة التي تحتاجها طريقة التيكي تاكا ليبدأ السحر من منطقته الدفاعية وليس من وسط الملعب كما هو معتاد.
إلى جانب ذلك تراجع كل لاعبي البارسا عشر خطوات للخلف ليبتعدوا قليلا عن المناطق الدفاعية المزدحمة لأتلتيكو، مقابل ضمان السيطرة على الكرة التي تعد مدخلا لأي بناء هجومي للبارسا.
في الجهة المقابلة، وبعد أن سجل هدف التقدم تراجع لاعبو أتلتيكو عن اندفاعهم البدني والضغط الدفاعي المبكر على مدافعي البارسا، لسببين أولهما تعديل إنريكي لخطته ومن ثم بدأ الضغط المبكر يفقد ميزته في إرباك لاعبي البلوجرانا.
السبب الثاني خوف سيميوني من عدم قدرة لاعبيه على الاستمرار بنفس الجهد البدني بقية المباراة، ما دفعه لتعديل خطته وتمركز لاعبيه داخل نصف ملعبهم، بنفس التوزيع الخططي المكتوب على الورق (4-3-3) مع فارق بسيط هو تقليل المسافات بين كل خط وآخر.
ما لم يضعه سيميوني في اعتباره فارق المهارات الهائل بين مدافعيه ومهاجمي البارسا وهو ما صنع الفارق لاحقا، ليس فقط في هدفي ميسي وسواريز اللذين لا يسجلهما سوى لاعبين قليلين جدا في العالم، ولكن في استغلال الفارق المهارى في المواجهات الثنائية لإجبار مدافعي الروخي بلانكوس على اللعب العنيف لإيقافهم، وهي نقطة مهمة حسمت الأمور لصالح برشلونة قبل طرد فيليبي لويز بكثير، وتحديدا مع تلقّي جودين وأريناس بطاقتين صفراوين في دقيقة واحدة (24 و25).
خروج البطاقات الصفراء وإظهار الحكم قدرا من الصرامة في مواجهة عنف لاعبي أتلتيكو أفقدا لاعبيه واحدا من أهم أسلحة سيميوني في مسيرته وإنجازاته مع الفريق وهو التفوق البدني.
شعور اللاعبين بفقدان هذه الميزة بسبب الخوف من البطاقات تسبب في هدفي برشلونة اللذين جاءا من موقفين هجوميين كان يمكن لمدافعي أتلتيكو مواجهتهما بالاندفاع البدني المعتاد في الظروف العادية.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA= جزيرة ام اند امز