سهيل النشاش..أول كفيف عربي تسلق أعلى قمة في إفريقيا
أول عربي كفيف تسلق جبل كليمنجارو، وأول كفيف على مستوى العالم في رياضة القفز الحر بالمظلات "سكاي دايف" على ارتفاع 13 ألف قدم لعام 2014.
"الظلام مخيف ومزعج، حرمني من رؤية ابتسامة أمي وملامحها الجميلة والتمتع بالألوان المحيطة بي، فأصبحت خطواتي حذرة وخائفة من العثرات، وإزعاج من حولي، لقد كنت مبصرًا واتمتع بالحياة كما ترونها، لكن خطأً طبيًّا حين كان عمري 14 عامًا أفقدني البصر بالتدريج، وبقيت لي الذاكرة وما بها من صور، والبصيرة تلهمني الطريق الذي أريد الوصول إليه".
بهذه الكلمات يلخص العداء الكفيف سهيل النشاش في سرد حكايته..
سهيل الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، يدرس حالياً تخصص الترجمة في الجامعة العربية المفتوحة، وحصل في مطلع 2016 على الترتيب 7 على مستوى العالم في رياضة الماراثون، وتأهل رسمياً لأولمبياد البرازيل 2016.
ويعد سهيل أول عربي كفيف تسلق جبل كليمنجارو في تنزانيا عام 2015، وهذا الجبل هو أعلى قمة في إفريقيا، ويقع على ارتفاع 20 ألف قدم من مستوى البحر، كما أنه أول كفيف على مستوى العالم في رياضة القفز الحر بالمظلات "سكاي دايف" على ارتفاع 13 ألف قدم لعام 2014.
إنجازات كثيرة حققها سهيل في الرياضة بأنواعها المختلفة من وثب وجري وقفز وغيرها، ليبرهن للعالم أن الإنسان الكفيف قادر كغيره على تحقيق أهدافه وخططه المستقبلية. ويقول: "عند فقداني البصر تركت الدراسة وبقيت في المنزل، وأصبحت أملك وقت فراغ كبير، هذا الفقدان ولد لدي طاقة كبيرة، ولجأت إلى الرياضة السويدية لتفريغها، ومن ثم تعرفت على شاب كفيف، ساعدني على التعرف بالجمعية الخاصة بالمكفوفين، ومن خلالها اكتشفت أن الكفيف يمكن أن يدرس ويلعب الرياضة ويمارس حياته بشكل طبيعي، ومن وقتها التحقت في النادي الرياضي التابع للجمعية، ولاحظ المدرب أنني مميز ومختلف ويجب أن أطور قدراتي واستثمرها".
انخراط اجتماعي
يضيف سهيل: "في البداية لعبت كرة الهدف الخاصة بالمكفوفين، ومن ثم توجهت إلى ألعاب القوى، ومن بينها جري مسافات قصيرة، وحطمت في 2001 الرقم الأردني والعربي في جري مسافة (100-200) متر، وبعد هذا الإنجاز توجهت لرياضة الوثب الطويل، وتوالت علي النجاحات بفضل الله تعالى".
يجد سهيل أن الأنسان الكفيف بحاجة الى دعم الدولة عبر تقديمها التسهيلات ليطور من نفسه، ولا يبقى يشعر بأنه منعزل ومختلف عن الآخرين، مؤكدًا أن العائلة تلعب دورًا كبيرًا في زيادة الثقة في نفس الكفيف، يتابع سهيل: "عائلتي ساعدتني بدون شك للوصول إلى هذه النجاحات، ووفرت لي كل الإمكانيات لأتطور، الآن أنا متزوج ولدي طفلة صغيرة تدعي إليانا، وأكمل تعليمي بعدما انقطعت عنه سنوات عديدة، وأعمل موظفًا في شركة زين للاتصالات التي تدعمني وتقدم لي كل ما أحتاجه لكي أتطور، وأمثل الأردن في المنافسات العالمية، لقد انخرطت اجتماعيًّا ولم أنعزل بفضل جهود من حولي وإرادتي في تحقيق النجاح، وأتمنى أن يجد كل كفيف طريقه".
لحظة النصر
وتعرض سهيل مؤخراً لحادث دهس، ولكن بفضل عزيمته وإصراره كان قادرًا أن يتشافى بأسرع وقت ممكن، ويقول: "يجب أن أتمرن بشكل يومي في قطع المسافات الطويلة، وللأسف لا توجد لدينا مسارات خاصة في الشوارع للمكفوفين، أو حتى للمشاة، ومن هنا تعرضت للدهس أنا ومرافقي، وأتمنى أن توفر الدولة مسارات خاصة جانبية في كل شارع، حتى نتمكن من ممارسة حياتنا بشكل طبيعي ودون خوف".
في بداية كل سنة جديدة، يخط سهيل الأهداف التي يريد أن يصل لها، ليعرف ما خطته الجديدة، والهدف الذي يرجو أن يصل له، يقول: "الإنسان بدون أهداف لا غاية من وجوده، ويجب أن يبحث كل شخص في داخله ما الذي يرغب بتحقيقه، ويسخر كل الظروف المحيطة به لينجزها، وأن يتمتع بالصبر والمثابرة والجلد، حتى يجد ما يريده. لا أنكر أنني واجهت صعوبات كثيرة من بينها تعبي في التمارين والتدريب، ولكن لحظة النصر لحظة جميلة تشعر الشخص بأهميته".
المخيف أكثر
يطمح سهيل إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها تسلق أعلى قمة في أوروبا، وأن يقطع مساحة الأردن كاملة مشيًا على الأقدام، بالإضافة إلى النجاح في أولمبياد البرازيل لعام 2016، وأن يدرب المكفوفين في مجالات التنمية البشرية لزيادة معرفتهم حول تنمية الذات والقيادة وغيرها من المفاهيم التي تزيد الثقة بالنفس.
ويقول لكل شخص كفيف: "فقدان البصر مخيف حقًّا، لكن الخوف الأعظم يكون من فقدان البصيرة، فلتبحث أيها الكفيف عن هدفك، وتثبت لمن حولك أنك جزء من هذا العالم، وأن لوجودك غاية ورسالة".
aXA6IDMuMTQ0LjI5LjIxMyA= جزيرة ام اند امز