المخرج محمد خان لـ"العين": أروي تجربتي فقط.. لا أعِظ
المخرج المصري محمد خان، فتح خزانة الذكريات والأسرار وتدفّق في الحكي عن رحلته الطويلة مع السينما في واحدة من أمتع ندوات القاهرة للكتاب.
فتح المخرج المصري محمد خان خزانة الذكريات والأسرار وتدفّق في الحكي عن رحلته الطويلة مع السينما، في واحدة من أمتع ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ47. الندوة التي نُظمت مساء الأحد، أدارها الناقد السينمائي محمود عبد الشكور، تحت عنوان "مشوار نجم". ربما كانت هذه الندوة مختلفة عن كل اللقاءات التي تحدث فيها خان سابقا، أبرز ما فيها قدرة المخرج المخضرم على الحكي والسرد المتدفق، تتخللها قفشاته ومداعباته المحببة التي يتجاوب معها الحاضرون بشدة.
«العين» التقت المخرج الكبير قبل ندوته، وقال في تصريح خاص لها إن حضوره للمشاركة في أحد فعاليات معرض الكتاب بالتأكيد أمر مهم "لكنني لست من أنصار إلقاء الدروس والمواعظ، لا أجيد ذلك، فقط يمكنني الحديث عن مشواري وتجربتي السينمائية". خان تابع "تحت عنوان «مشوار نجم» تأتي هذه الندوة التي سيديرها محمود عبد الشكور، قبلها كنت في جناح دار الكتب خان لتوقيع كتابي «مخرج على الطريق»".
وحول أزمة استبعاد فيلم «قبل زحمة الصيف» من مهرجان مسقط السينمائي، قال خان "وصلني خبر رفض مهرجان مسقط السينمائي الدولي فيلمي الأخير قبل عدة أيام بناء على رفض الرقابة الحكومية هناك لاحتوائه من وجهة نظرهم على بعض المشاهد غير اللائقة. الجدير بالذكر أن اشتراك «قبل زحمة الصيف» كان بناء على دعوة الفيلم من المهرجان والمؤكد أن مندوبا لديهم قد شاهد الفيلم قبل ذلك في مهرجان دبي، والعُرف في جميع المهرجانات السينمائية الدولية عرض الأفلام دون الخضوع لأي رقابة حكومية. فيلمي أنا فخور به وكان يجب على هيئة مهرجان مسقط مراعاة تاريخي الفني واحترامه".
ندوة خان، استهلها عبد الشكور بعرض موجز لسيرته في الحياة والسينما معاً، وربط بين عنوان الندوة وسيرة مخرج على الطريق في تحليل ذكي، قائلاً إن المشوار كان غنيا وعامرا؛ الميلاد كان في حي من أحياء القاهرة وبها كان الشغف بالسينما والولع بها، سافر إلى لندن لدراسة الهندسة، واكتشف بالمصادفة البحتة أن هناك دراسة للسينما فقرر أن يدرس السينما بدلاً من الهندسة، ثم يعود إلى مصر للعمل مع صلاح أبو سيف في قراءة سيناريوهات الأفلام، يسافر بعدها إلى بيروت ويعمل كمساعد مخرج في عدد من الأفلام التجارية، لكنه يعاود السفر مرة أخرى إلى لندن، وهناك يكتب أول مؤلفاته بالإنجليزية «مقدمة في السينما المصرية»، ويعود بعدها إلى مصر ويخرج أول أفلامه القصيرة "البطيخة".
عبد الشكور تابع أن جذور وملامح سينما محمد خان تظهر في هذا الفيلم الذي تعاون فيه مع صديق عمره المصور الكبير سعيد شيمي، لكن النقلة الحقيقية كانت عندما تعرف على المونتيرة الكبيرة نادية شكري في لندن، وهي التي أقنعته بالعودة لإخراج أول أفلامه الروائية الطويلة «ضربة شمس» 1978، كان خان مصممًا على أن ينتج بنفسه فيلمه الأول بتحويشة العمر، لكن الفنان الراحل نور الشريف تحمس لكي يتحمل المخاطرة الإنتاجية بدلا من خان، وحقق الفيلم نجاحا ساحقا عند عرضه، ومن هنا بدأ المشوار. ومن الفيلم الأول وحتى الفيلم الأخير «قبل زحمة الصيف» (لم يعرض بعد في دور العرض السينمائي) تشكلت ملامح وأسلوبية سينما خان التي دشنت ما اصطلح على تسميته بـ تيار الواقعية الجديدة في السينما المصرية.
من جانبه، لم يراع محمد خان أي تسلسل زمني فيما كان يحكيه، كان حراً ومتحرراً تماماً، ينتقل من قصة إلى أخرى، عن علاقته بالفنان الراحل أحمد زكي التي كانت قوية لا تخلو من مشاكسات و"مناقرة"، قال خان "إن موهبته استثنائية وجبارة وهو ممثل لن يعوّض". حكى خان مشاهد من ذكرياته مع أحمد زكي، الذي تعاون معه في ستة أفلام.. "علاقتي بأحمد زكي كانت صحيح زي ناقر ونقير لكنها أيضا حب كبير. أحمد زكي كان أول من يخطر على بالي لأداء دور البطولة في معظم أفلامي. عملنا معا في «طائر على الطريق»، و«موعد على العشاء»، وعندما بدأت التحضير لفيلم «الحريف» اتفقت مع زكي أن يقوم بدور البطولة".
يتابع خان "طلبت منه أن يطلق شعره وشاربه، لكنه عاندني وراح حلق رأسه "زيرو"، تضايقت بشدة، وقررت تغييره، وبالفعل اتفقنا مع عادل إمام لبطولة الفيلم، ذهبت بعدها لأحمد زكي في بيته، وقلت له صباح الخير يا حمام، أنا غيّرتك خلاص ومضينا مع عادل إمام، رد زكي علي بكل هدوء طيب مبروك. ثم تركني وذهب إلى الحمام. أخبرني بعد ذلك أن كان يشتمني بعنف تعبيرا عن غضبه وانفعاله الشديد من تغييره".
ومن ذكرياته عن فيلم «أحلام هند وكاميليا»، كشف خان أنه كان يريد الجمع بين النجمتين فاتن حمامة وسعاد حسني لبطولة هذا الفيلم، قال إن ذلك لو تحقق لكان شيئا عظيما في تاريخ السينما. أيضا روى خان قصة اختياره لنجلاء فتحي لأداء دور كاميليا، ذهب إليها في منزلها ليعرض عليها الدور، منتظرا أن تقرأ السيناريو ثم تبدي رأيها، استأذنته دقائق وعادت وهي ترتدي ملابس خادمة فقيرة، لم يعرف خان أنها نجلاء فتحي إلا حين اقتربت منه.
خان قال إن كثيرين لا يعلمون أن شخصية "هند" في الفيلم مستلهمة من شخصية حقيقية اسمها "هند علي خضر" كانت تعمل كخادمة ومربية في منزل أسرتي وأنا طفل، كانت من أصول ريفية (من إحدى قرى مركز قويسنا بالمنوفية).
حكاية أخرى يرويها خان عن علاقته بالمخرج الراحل عاطف الطيب.. "في سنة من سنوات شرم الشيخ الجميلة، اقترب مني جرسون بأحد مطاعمها المتواضعة يسألني خجلا: "حضرتك الأستاذ عاطف الطيب؟" وبعد لحظة صمت وشجن داخلي عميق، وذكريات عديدة تمر في لحظة خاطفة، كان ردي سريعا ومختزلا: "لي الشرف، ولكني فلان.. اكتشفت في تلك المرة كم هي بريئة هذه المغالطة، بل في منتهى الشاعرية والجمال، فهي تعكس بعفوية مطلقة الجيل كله الذي أنتمى بفخر إليه، وهذه المغالطة الجميلة تؤكد قوة وبقاء السينما التي أنتمى إليها مع زملائي، وقدمناها منذ الثمانينيات. داخل خصوصية هذه السينما ذابت وجوهنا، وأصبحنا في أذهان الكثيرين صورة واحدة، على الرغم من تنوع الأفلام التي قدمناها على حدة، ولكل خصوصيته".
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTA5IA==
جزيرة ام اند امز