6 زيارات متبادلة في عامين.. الإمارات وإيطاليا تعززان شراكة استراتيجية

«زيارة دولة» يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى إيطاليا، تتوج شراكة استراتيجية بين البلدين وتدفعها لآفاق أرحب.
وتعد تلك الزيارة الثالثة لرئيس دولة الإمارات إلى إيطاليا منذ توليه مهام منصبه في 14 مايو/أيار 2022، فيما أجرت جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، أيضًا 3 زيارات لدولة الإمارات منذ توليها مهام منصبها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أحدثها قبل نحو شهر.
- شراكة استراتيجية بين الإمارات وإيطاليا لمكافحة الجرائم المالية
- الإمارات وإيطاليا.. تعاون مثمر في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
6 زيارات متبادلة شهدت عقد 6 قمم ولقاءات بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وجورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، أولها كان في أبوظبي في مارس/آذار 2023، وتم خلالها إعلان البلدين الارتقاء بالعلاقات إلى «شراكة استراتيجية».
وعقب تلك القمة، عقدت 4 قمم ولقاءات في يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2023، ويونيو/حزيران 2024، ويناير/كانون الثاني 2025، فيما عقدت القمة السادسة اليوم الإثنين خلال «زيارة دولة» يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى إيطاليا.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وميلوني اليوم، مختلف مسارات التعاون بين دولة الإمارات وإيطاليا في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين.
واستعرض الجانبان، خلال اللقاء، التطور المستمر الذي تشهده علاقات البلدين خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والاستدامة إضافة إلى الجوانب الثقافية في ظل شراكتهما الاستراتيجية التي تعد إطاراً مهماً لدفع علاقاتهما التنموية إلى الأمام وتحقيق تطلعات شعبيهما.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إن العلاقات الإماراتية ـ الإيطالية تعود إلى العام الأول لتأسيس دولة الإمارات وتطورت على مدى العقود الماضية حتى وصلت إلى مستوى شراكة استراتيجية، مؤكداً حرص دولة الإمارات على تحقيق أهداف هذه الشراكة والارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة لمصلحة البلدين والشعبين.
وقال في هذا السياق، إن حجم التجارة غير النفطية بين البلدين وصل إلى 14.1 مليار دولار خلال عام 2024 بزيادة 21.2% مقارنة بعام 2023، ومن خلال تعزيز العمل المشترك ستستمر الزيادة في التبادل التجاري بين البلدين.
وأشار إلى اهتمام الإمارات وإيطاليا بالتعاون في مجال الاستدامة والطاقة المتجددة إضافة إلى الذكاء الاصطناعي والابتكار، منوها بالبعد الثقافي للعلاقات الإماراتية ـ الإيطالية والحرص على تعزيز جسور التفاعل والتعاون الثقافي بين البلدين وشعبيهما.
وقال: "نتطلع إلى أن يسهم الاستثمار الإماراتي في إيطاليا بقيمة 40 مليار دولار الذي أعلن عنه في تحقيق التنمية والازدهار للبلدين وشعبيهما".
يناير 2025.. مباحثات واتفاقية ثلاثية
وتأتي «زيارة الدولة»، التي تعد أرفع أنواع الزيارات الرسمية، بعد نحو شهر من زيارة ميلوني لدولة الإمارات، تم خلالها توقيع دولة الإمارات وإيطاليا وألبانيا اتفاقية شراكة إطارية ثلاثية للتعاون في مشاريع الطاقة النظيفة.
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 15 يناير/كانون الثاني، جورجيا ميلوني، خلال قيامها بزيارة عمل إلى دولة الإمارات للمشاركة في فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025».
ورحب رئيس دولة الإمارات بضيفة البلاد، وشكرها على حرصها على المشاركة في فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، مؤكدًا اهتمام دولة الإمارات بتعزيز علاقات التعاون مع دول العالم، وبناء شراكات تنموية تحقق المصالح المشتركة للجميع.
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية، والعمل المشترك على توسيع آفاقها في المجالات المختلفة، خاصة الاقتصادية والاستثمارية والاستدامة.
كما تناول اللقاء أهمية الموضوعات المطروحة على أجندة «أسبوع أبوظبي للاستدامة» في تعزيز الوعي الدولي بقضية الاستدامة، إضافة إلى كونه منصة عالمية لتبادل الرؤى والخبرات، بما يخدم التنمية المستدامة، ويسهم في تعزيز العمل الجماعي في مواجهة التحديات العالمية المشتركة، وفي مقدمتها التغير المناخي.
من جانبها، عبرت ميلوني عن شكرها لرئيس دولة الإمارات على حفاوة الاستقبال، مؤكدة حرصها على مواصلة تعزيز علاقات بلادها مع دولة الإمارات.
وخلال الزيارة، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وجورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، وإيدي راما، رئيس وزراء جمهورية ألبانيا، توقيع دولة الإمارات وإيطاليا وألبانيا اتفاقية شراكة إطارية ثلاثية للتعاون في مشاريع الطاقة النظيفة.
وتحدد الاتفاقية الإطارية مجالات التعاون الرئيسية بين دولة الإمارات وألبانيا وإيطاليا، والتي تشمل تنفيذ مشاريع طاقة متجددة واسعة النطاق في ألبانيا، مع التركيز على الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وطاقة الرياح، والحلول الهجينة، كما سينقل جزء من هذه الطاقة المتجددة إلى إيطاليا.
ويمثل هذا التعاون خطوة مهمة نحو تعزيز أمن الطاقة، ودفع عجلة التنمية المستدامة، وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة في منطقة البحر المتوسط، كما يعزز خلق شراكات استراتيجية في القطاعات والمجالات ذات الأولوية، بما في ذلك الطاقة المتجددة، ونقل الطاقة، والبنية التحتية ذات الصلة.
يونيو 2024.. مشاركة عالمية
جاءت زيارة ميلوني لدولة الإمارات بعد نحو 7 أشهر من زيارة رئيس دولة الإمارات إلى إيطاليا، في 14 يونيو/حزيران الماضي، حيث شارك خلالها في جلسة مجموعة السبع بشأن الذكاء الاصطناعي والطاقة التي تستضيفها إيطاليا، تلبية لدعوة جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية.
مشاركة تأتي في إطار حرص دولة الإمارات على المساهمة في تعزيز الجهود الهادفة إلى ترسيخ الحوار والتعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة التي يشهدها العالم، في سبيل بناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة وأكثر ازدهارًا.
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمة خلال الاجتماع، أكد خلالها أن العالم يمر اليوم بالعديد من التحديات التي تنعكس بشكل أكبر على منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، خاصة في مجال الطاقة، مشددًا على أن المطلوب منا جميعًا التعامل مع هذا التحدي من خلال التعاون والعمل على تسخير التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي في تقديم حلول مستدامة في مجال الطاقة.
وأكد حرص دولة الإمارات على إيجاد منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي، سواء من خلال البرامج والتشريعات أو المبادرات والشراكات مع الأصدقاء، بما يسهم في توظيف هذه التقنيات في إيجاد الحلول الفاعلة لاستدامة الطاقة، وضمان أمنها، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وكذلك الانتقال العادل والمنطقي في قطاع الطاقة، وذلك انطلاقًا من «اتفاق دولة الإمارات للمناخ»، الذي كان نموذجًا للتعاون وتضافر الجهود الدولية.
وأعرب عن أمله في أن يؤسس هذا الاجتماع الهام لمرحلة جديدة من العمل الجماعي، تضمن التعامل المسؤول مع التقنيات الناشئة، حتى لا تكون مدخلًا لاتساع الفجوة التنموية بين دول العالم، أو سببًا في تصاعد الاستقطاب الدولي، بل رافدًا للتنمية المستدامة والأمن والازدهار للجميع.
2023.. 3 قمم ولقاءات
شهد عام 2023 عقد 3 قمم ولقاءات بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيسة وزراء إيطاليا، اثنتان منهما في دولة الإمارات.
وأجرت ميلوني زيارة لدولة الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2023 للمشاركة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28».
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على هامش القمة، ميلوني، حيث تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دفعها إلى الأمام في مختلف المجالات، خاصة التنموية، إضافة إلى بعض القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وقبيل ذلك اللقاء، أجرى رئيس دولة الإمارات زيارة لإيطاليا في يوليو/تموز 2023، شارك خلالها في أعمال «المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة».
قمة الشراكة الاستراتيجية
أما أول قمة جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وميلوني، فجاءت خلال أول زيارة لها لأبوظبي 4 مارس/ آذار 2023، بعد 5 شهور فقط من توليها مهام منصبها في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وخلال تلك القمة، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإيطالية، الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى شراكة استراتيجية.
كما شهدت القمة توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون بينهما في مجالات عدة.
وبحث الجانبان خلال اللقاء مسارات التعاون والفرص المطروحة لبناء شراكة استراتيجية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية إضافة إلى أمن الطاقة والطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، والتنمية المستدامة إضافة إلى التصدي لتداعيات التغير المناخي، والأمن الغذائي، والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها من الجوانب التي يوليها البلدان اهتماماً مشتركاً.
واتفق الجانبان على "تعزيز الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين تجسيداً لعزمهما المشترك والقوي للتعاون على جميع المستويات".
وقال إعلان الشراكة الاستراتيجية: "تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا أهداف مشتركة، من بينها تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي والازدهار والاستقرار والقيم التقليدية للسلام والتسامح والأخوة البشرية والتعايش المشترك والحوار والانفتاح".
وأضاف :"وستمكن هذه الشراكة الاستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيطاليا من تركيز جهودهما المشتركة نحو توسيع وتعميق آفاق التعاون في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك، ومن بينها التعاون السياسي والدبلوماسي والدولي والاقتصادي والتجاري، إضافة إلى التعاون في مجال الاستثمار المباشر والشراكات بين القطاعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتنمية المستدامة، والأمن الغذائي والمائي، والتعاون في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والدفاع والتغير المناخي، والطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، وأمن وانتقال الطاقة والتعليم والثقافة والتبادلات الشعبية والرياضة وغيرها من المجالات الحيوية ".
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال القمة، أن العلاقات بين دولة الإمارات وإيطاليا عميقة وتجمع بينهما شراكات قوية ومهمة، مشيرا إلى حرص الإمارات على تطويرها وتنميتها بما يخدم مصالح البلدين الصديقين.
كما شدد على أن دولة الإمارات تدعم السلام والتعاون وتسوية الأزمات عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، مؤكداً استعدادها التام للتعاون مع إيطاليا الصديقة في هذا المجال وفي كل ما يحقق الاستقرار والتنمية سواء في المنطقة أو في العالم.
من جانبها أكدت رئيسة وزراء إيطاليا حرص بلدها على تعزيز علاقات التعاون والعمل المشترك مع دولة الإمارات لما يخدم مصلحة البلدين ويسهم في ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار في العالم أجمع، مشيرة إلى توافق رؤى البلدين حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك خاصة في ما يتعلق بحل الأزمات والنزاعات بالطرق السلمية والحوار والتفاوض؛ وقالت إن الإمارات تعد شريكاً مهماً لإيطاليا على مختلف المستويات.
علاقات تاريخية
قمم ولقاءات تعزز العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين، وتدعم تعاونهما المشترك لمواجهة مختلف التحديات، ودعم ركائز التنمية والاستقرار والازدهار والسلام في المنطقة والعالم.بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1971، فيما افتتحت دولة الإمارات سفارتها في العاصمة الإيطالية روما في العام 1981، بينما افتتحت إيطاليا سفارتها في أبوظبي في العام 1979.
وتقوم العلاقات بين دولة الإمارات وإيطاليا على أسس متينة من الرؤى والمصالح المشتركة، وهذا هو شأن علاقات دولة الإمارات الخارجية بشكل عام، ما يجعلها قادرة دائماً على التطور والنمو وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
يجسد افتتاح المقر الجديد لسفارة الدولة "فيلا دورانتي" في روما 14 يوليو/ تموز 2017، حرص حكومة دولة الإمارات على تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة مع إيطاليا، وتطويرها والمضي بها قدماً بما يخدم مصالح شعبي البلدين.
وتمثل الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة دفعة مهمة لعلاقات الصداقة والتعاون الإماراتية-الإيطالية في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها المجالان السياسي والاقتصادي، ما يعكس حرص البلدين على تطوير علاقات التعاون وتطلعهما إلى مزيد من الشراكات الثنائية التي تلبي طموحات قيادتَي البلدين وتستفيد من الفرص والمقومات المتاحة لتعميق الروابط الاستراتيجية وتوسيعها.
وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى إيطاليا اليوم الإثنين بعد أيام من لقائه جويدو كروسيتو وزير دفاع الجمهورية الإيطالية على هامش فعاليات معرض الدفاع الدولي "آيدكس 2025" في أبوظبي .
وبحث الجانبان علاقات التعاون بين البلدين في المجالات الدفاعية .. كما تطرق اللقاء إلى أهمية معرض "آيدكس" بما يمثله من منصة دولية مهمة للشركات والجهات الدفاعية المتخصصة من مختلف دول العالم لعرض ابتكاراتها والتعرف على آخر ما توصلت إليه الصناعات الدفاعية في العالم.
أيضا التقى الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، وذلك على هامش انعقاد أعمال قمة قادة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وجرى خلال اللقاء بحث سُبل تعزيز التعاون الثنائي بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وإيطاليا في المجالات المختلفة.
وأكَّد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في ظل العلاقات الوثيقة التي تربط بينهما.
وأكد الجانبان، خلال اللقاء، أن هناك توافقاً مشتركاً بين دولة الإمارات وإيطاليا حول العديد من الملفات والقضايا الدولية الهامة، وأن هذا التوافق يعكس متانة العلاقات الثنائية ويعزز التعاون بين البلدين على الساحة الدولية، بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم .
aXA6IDE4LjIyMi4xMDcuMTAzIA== جزيرة ام اند امز