لست هنا بصدد تقديم موجز تاريخي لتاريخ الولايات المتحدة، بل لتقديم نموذج موجود في عالمنا العربي، إنه نموذج جيمس بوكانان
اشتهرت عبارة "ليس في عهدي" على لسان الرئيس الأمريكي الخامس عشر، جيمس بيوكانان، الذي حكم الولايات المتحدة بين عامي 1857و1861، وهو الرئيس الأمريكي الأعزب الوحيد حتى الآن، حيث ترك البيت الأبيض بدون سيدة في عهده، بعد أن قتلت خطيبته نفسها بالإدمان على المخدرات، لما علمت أنه كان يخونها خلال فترة الخطبة، مع ثلة من النساء. ولم يتزوج بعدها.
كان الرجل -على ذمة المؤرخين- ضعيف الشخصية، ولم يتخذ أي قرار قطعي في أي موضوع هام. المشكلة أن حروبا مدمرة اشتعلت بين الشمال والجنوب في بلده وفي عهده، راح ضحيتها 620 ألف كائن حي على الأقل، ولما كان القادة يجتمعون به لاتخاذ القرارات التاريخية، وكان بيوكانان يحسم النقاش، بدون تقديم أي مبررات أو حجج منطقية، أو حتى غير منطقية.. كان يحسم النقاش بعبارة:
- ليس في عهدي.
ولما طلبوا منه أن يتخذ قرارا بشان إلغاء العبودية قال لهم:
- ليس في عهدي
بشأن التفاوض بين المتحاربين
- ليس في عهدي
العلاقات مع الدول الأخرى
- ليس في عهدي
في كل شيء تقريبا، كان الرجل يجيب بعبارة:
- ليس في عهدي
وكان أن أدى ضعف الإدارة إلى تفويت فرض السلام وتقويض إمكانية الحسم، وإنهاك الاقتصاد، وتعاظم المشاكل الاجتماعية. ولولا انتهاء ولايته، لكانت الولايات المتحدة، حتى الآن، عدة كانتونات متصارعة.
لست هنا بصدد تقديم موجز تاريخي لتاريخ الولايات المتحدة، بل لتقديم نموذج موجود في عالمنا العربي، إنه نموذج جيمس بوكانان، نموذج:
- ليس في عهدي
هذا النموذج أعتبره المسؤول الأكبر عما آلت إليه أوضاعنا في العالم العربي، حيث تم تأجيل وتسويف جميع المشاكل العالقة -من جميع الأصناف والأنواع- وتغطية القبح بالمساحيق والكريمات، حتى انفجرت جميع المعضلات في وجوهنا.. جميعها معا.
أستدرك، لا بل هناك معضلات ومشكلات، لم تنفجر بعد، وسيكون دوي انفجارها هو الصوت الأخير الذي يصدر عن عالمنا العربي، قبل الانهيار التام... هذا، إذا لم نصحُ من غفوتنا، ونتخذ قراراتنا.. ونتحمل مسؤوليتها.
هكذا علينا أن نفعل.. وإلا فعلينا السلام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة