ارتفاع حظوظ إصدارات الدين الخليجية دوليًّا رغم أزمة النفط
توقعات بتوسع الخليج في إصدارات الديون السيادية بالسوق الدولية لسد عجز الموازنة، خاصةً في ظل تمتعها بتصنيف مرتفع ومركز مالي قوي..
قال خبراء تصنيف ائتماني ومديرو استثمار إن إصدارات الدين الخليجية سواء المحلية أو الدولية تتمتع بحظوظ قوية في تغطيتها مقارنة بأغلب الإصدارت الدولية بسبب احتفاظها بتصنيف مرتفع ومركز مالي قوي، رغم أزمة النفط والاضطرابات الجيوسياسية بالشرق الأوسط.
وتوقعوا أن تشهد دول مجلس التعاون الخليج توجهًا قويًا هذا العام في سوق إصدارات الدين الدولية سواء في صورة سندات أو صكوك أو قروض مشتركة لسد عجز الموازنات في الدول الخليجية الستة، والذي قدرته وكالة التصنيف الائتماني موديز بـ 140 مليار دولار في العام 2016.
قال عمرو حسنين رئيس شركة ميريس الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني لبوابة "العين" الإخبارية: إن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت منذ العام الماضي التوسع في إصدارات الديون السيادية، وقد يتوجه بعضها لتسويق طروحات سندات وصكوك في السوق الدولية هذا العام.
وأضاف أن السعودية على سبيل المثال تصدر تقريباً سندات محلية بقيمة 4 مليارات دولار شهرياً لتغطية العجز وما زالت تحظى بتصنيف ائتماني مرتفع يمكنها من تغطية إصدارتها والحفاظ على تكلفة معتدلة للتأمين على مخاطر السداد في ظل امتلاك احتياطي نقدي أجنبي يبلغ 675 مليار دولار.
واتجهت السعودية العام الماضي لأول مرة منذ العام 2007، إلى إصدار أدوات دين محلية بقيمة 31 مليار دولار، وتنتهج هذا الطريق خلال 2016 كإحدى أدوات تغطية العجز المتوقع بقيمة 87 مليار دولار هذا العام.
ورغم أن وكالة ستاندرد أند بورز خفضت التصنيف الائتماني للمملكة إلى( A+) نتيجة ارتفاع العجز، إلا أن وكالة موديز ما زالت تثبت تصنيف ديون الرياض عند درجة ائتمانية مرتفعة (AA3) مع نظرة مستقبلية مستقرة، مؤكدة تمتع المملكة بنظام مصرفي قوي.
وبحسب فوربس فقد ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السعودية عالميًا بواقع 79 نقطة أساس خلال العام 2015، تحت وطأة انهيار أسعار النفط.
وأوضح حسنين أن دول الإمارات وقطر وعُمان تتمتع هي الأخرى بتصنيف قوي يعزز قدرتها على تغطية إصدارات الدين سواء محليًا أو خارجيًا، وبتكلفة جيدة.
وعند النظر للتصنيف الائتماني بالإمارات، فسنجد أن إماراة أبوظبي على سبيل المثال حصلت على تصنيف مرتفع عند (AA/+A-1) بحسب وكالة ستاندرد آند بورز، في الوقت ذاته ثبتت وكالة فيتش تصنيف أبوظبي الائتماني طويل الأجل عند (AA).
وهذا يأتي في ظل اعتماد حكومة الإمارات الميزانية الاتحادية للسنة المالية 2016 بقيمة 48.557 مليار درهم، دون توقعات بتسجيل عجز.
ورأى رئيس ميريس للتصنيف الائتماني أن بإمكان دول الخليج اللجوء إلى البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي للحصول على قروض طويلة الأجل بأسعار فائدة تدور حول 1%، ولكن مازال المركز المالي لدول الخليج قويا ولا يستدعي سلوك هذا المضمار الآن.
وتسعى دول خليجية هذا العام لتدبير قروض مشتركة من السوق الدولية يتم تمويلها من قبل بنوك عالمية، مثل عُمان وقطر اللتين تخططان لاقتراض مليار دولار و10 مليارات دولار على التوالي.
كما أكد حمود سنجور الزدجالي محافظ البنك المركزي العُماني في ديسمبر/ كانون 2015 أن بلاده تتوقع إصدار سندات سيادية دولية وصكوك إسلامية جديدة خلال العام 2016.
ويأتي ذلك استكمالاً لسياسة السلطنة في الاعتماد على سوق الدين منذ العام الماضي، والذي شهد إصدارات سيادية محلية بقيمة 2.95 مليار دولار، خاصةً أن الميزانية تستهدف عجزًا هذا العام بنحو 8.6 مليار دولار.
من جانبه، قال أيمن أبوهند رئيس قطاع الاستثمار لمنطقة الشرق الأوسط بشركة كارتل كابيتال الأمريكية لبوابة "العين" الإخبارية إن الديون السيادية الخليجية بوجه عام تحظي بتصنيف ائتماني مُرتفع مقارنة بإصدارات أغلب دول العالم سواء في شرق آسيا أو أوروبا أو الأمريكتين، الأمر الذي يدعم قدرة الخليج على التوسع في سوق الدين العالمية.
وتابع أبوهند أن المستثمرين يعتمدون في تحديد جاذبية العائد على السندات على عدة معايير مثل مخاطر العجز في السداد ومؤشرات النمو الاقتصادي وفرص الاستثمار المطروحة بكل دولة، وقوة العملة، فضلاً عن المخاطر السياسية.
ولفت إلى أن الإمارات هي الدول الخليجية الأكثر خبرة في سوق الدين الدولية، ومع ذلك العائد على إصدارات دبي المقومة بالدولار قد تتراوح بين 3-4% نظراً لمروها بتجربة سلبية في سوق الدين عالمياً بعد الأزمة المالية العالمية، فضلاً عن أن المستثمرين يترقبون خطة الإمارات إزاء مستقبل ملف الضرائب المعفاة حتى إقامة معرض أكسبو 2020 .
وبحسب فوربس بلغ العائد على السندات المستحقة 2021 في دبي 3.64٪ خلال العام 2015 مسجلة ثباتاً طوال العام.
وأضاف أبوهند أن الوضع أفضل لإصدارات أبوظبي نظراً لامتلاكها واحدًا من أكبر الصناديق السيادية حول العالم بقيمة 773 مليار دولار، وهو ما يجعل العائد على إصدارات الدين بين 2-3% سنويًا.
وتستكمل الإمارات خطة التوجه لسوق الدين العالمية، إذ ذكرت رويترز أن إمارة الشارقة تمضي في إصدار صكوك دولية بقيمة 500 مليون دولار، ويأتي ذلك بعد أن جمعت إمارة رأس الخيمة العام الماضي مليار دولار من سوق السندات الدولية.
وقدّر رئيس الاستثمار المباشر بكارتل كابيتال العائد على الإصدارات السعودية الدولية بين 2- 3% في حال طرحها نظراً لقوة مركزها المالي، وتوجهها نحو تحرير الاقتصاد، خاصةً أن الأجانب يترقبون هذه الخطوة منذ أكثر من 10 سنوات.
ورأى أن الإصدارات الدولية لقطر قد تكون عائداتها مماثلة لنظيرتها السعودية، نظراً لأنها تمتلك فرص نمو جيدة وسط الاستثمارات الضخمة التي تعمل الحكومة على ضخها في البنية التحتية والسياحة والعقارات.
ووفقًا لفوربس، فقد شهد العام 2015 تراجع العائد على السندات المستحقة بقطر في العام 2022 بواقع 19 نقطة أساس لتهوى إلى 2.81٪.
وتمتلك قطر تجارب دولية في إصدارات الدين، بدأت في العام 1999 بإصدار سندات قيمتها مليار دولار ذات أجل 10 سنوات، ثم طرحت في العام 2000 إصدار ثاني طويل الأجل بقيمة 1.4 مليار دولار يستحق سداده في 2030.
وطرحت قطر في العام الماضي سندات وأذون خزانة سيادية بين البنوك المحلية بقيمة 13 مليار ريال خلال العام الماضي، ليصل حجمها الإجمالي إلي 120 مليار ريال حتى مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2015.
وقد أعلن عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي في سبتمبر/ أيلول 2015 التوجه نحو إصدار سندات بقيمة 15 مليار ريال قطري، ما يعادل 4.12 مليارات دولار.
أما على صعيد البحرين، قال أبوهند: إن المنامة يمكن أن أن تتحول لمركز مالي دولي بالشرق الأوسط لجمع الأموال بهدف توظيفها في قنوات استثمار دولية، ومن ثم تحصل رسوم جيدة بالنقد الأجنبي من هذه الخدمات، ويتطلب ذلك تطوير البنية التشريعية.
وأكد أن هذا التوجه سيكون أفضل من التوسع في إصدارت الدين الدولية بسبب تأثرها الشديد بأزمة النفط وكذلك المخاطر الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.
وقد أشارت فوربس إلى أن تكلفة التأمين على مخاطر الديون للبحرين ارتفعت العام الماضي بواقع 106 نقطة أساس.
وجمعت المنامة في العام 2015 نحو 1.5 مليار دولار من سوق السندات الدولية، وبحسب بيانات دليل الإصدارات على الموقع الإلكتروني لمصرف البحرين المركزي، فمن المخطط طرح 28 إصدار أذون خزانة بين البنوك المحلية خلال العام 2016 بإجمالي قيمة 1.960 مليار دينار لمواجهة عجز الموازنة المقدر بـ 1.56 مليار دينار هذا العام.
وفيما يتعلق بالكويت، أشار أبوهند إلى أن موقفها غير واضح إزاء سوق الدين، فهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تصدر العام الماضي أية سندات سيادية طويلة الأجل.
وقد صرح أنس الصلح وزير المالية الكويتي نهاية سبتمبر/ أيلول 2015، بأن بلاده قد تضطر لإصدار سندات مقومة بالدولار أو الدينار للمؤسسات المالية لسد العجز المتوقع بقرابة 13 مليار دينار في السنة المالية 2016 – 2017.
من جانبه، قال الدكتور وليد حجازي الشريك بمكتب حجازي وشركاه كرويل آند مورينج، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية في مصر لبوابة "العين" الإخبارية: إن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع ببنية قانونية جيدة في مجال إصدارات الدين.
وأوضح أنه يمكن تصنيف دول الخليج من حيث متانة الضوابط المنظمة لسوق الدين كالآتي، الفئة الأولى تحتلها الإمارات ثم تأتي في الفئة الثانية كل من السعودية وتحديدًا في مجال الصكوك وقطر، بينما تأتي البحرين وسلطنة عمان في الفئة الثالثة.
واعتبر حجازي أن البنية القانونية في الكويت هي الأقل بين الدول الخليجية وإن كانت تتمتع بموقف مالي واستقرار سياسي أفضل مقارنة بالبحرين.
aXA6IDMuMjMuMTAxLjYwIA== جزيرة ام اند امز