فصْل بلدات وبناء استيطاني.. مشروعات متسارعة لتهويد القدس
على وقْع الكشف عن مشروع استيطاني جديد في القدس المحتلة، انطلقت حركة إسرائيلية جديدة تدعو لبناء جدار يفصل القرى الفلسطينية عن المدينة
على ْ الكشف عن مشروع استيطاني جديد في القدس المحتلة، انطلقت حركة إسرائيلية جديدة تدعو لبناء جدار يفصل القرى الفلسطينية المقدسية عن المدينة تحت شعار "إنقاذ القدس اليهودية"، ما رآه الفلسطينيون تصعيدًا جديدًا ضمن سياسة التهويد وتغيير الواقع الديموغرافي للمدينة.
مشروع استيطاني على أرض كنسية
ووفق أسبوعية "يروشاليم" العبرية، فإن سلطات الاحتلال تستعد لإقامة مشروع استيطاني جديد على أرضٍ تتبع للكنيسة الأرثوذكسية - اليونانية في منطقة أبو طور شرقي مدينة القدس.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من المستثمرين لأسبوعية "يروشاليم" أن المخطط في مراحل الإعداد الأولى، ويجري التنسيق مع سلطة الآثار الصهيونية، وستبذل مجهودات لحل مشاكل المواصلات.
ويتضمن المخطط –حسب الصحيفة– بناء وحدات استيطانية بطراز معماري فاخر لجذب المزيد من المستوطنين من الخارج، خاصة أنه في حال بنائه سيتمتع بإطلالة جميلة على أحياء مدينة القدس المحتلة، كما أن الحي سيقام بين دير قديم ومنطقة يدّعي الاحتلال أنها تتضمن مكان دفن كاهن كبير.
كما يتضمن المخطط، إقامة مساكن وفندق على مساحة تزيد عن 10 دونمات، تملكها الكنيسة اليونانية وأجّرتها لمدة مائة عام لمستثمرين يهود يعيشون في الخارج.
وفي أعقاب بدء الحديث عن المخطط الاستيطاني الجديد، أصدر قرابة 400 شخصية فلسطينية من سكان المنطقة عريضة يحتجون فيها على المسّ بالمكان التاريخيّ، والتأكيد أن المنطقة المنوي إقامة الحي الاستيطاني بها لا تتمتع بأي بنية تحتية.
إنقاذ "القدس اليهودية"!
وعلى وقْع الكشف عن هذا المشروع، دشنت حركة إسرائيلية جديدة نشاطها بالدعوة إلى فصْل القرى الفلسطينية المقدسية عن المدينة تحت شعار "إنقاذ القدس اليهودية"، من خلال بناء جدار يفصل هذه القرى عن مدينة القدس.
ووفقا لصحيفة "معاريف" العبرية، فإن عضو الكنيست والوزير السابق حاييم رامون والعديد من أعضاء الكنيست والقيادات العسكرية والأمنية السابقين، يقفون وراء الحركة الإسرائيلية الجديدة التي تسعى إلى فصل 28 قرية وبلدة فلسطينية عن مدينة القدس من خلال بناء جدار يمنع تواصل هذه البلدات مع مدينة القدس.
ويعني هذا الفصل حال تطبيقه عزل ما يقارب من 200 ألف فلسطيني عن مدينة القدس وضمهم إلى الضفة الغربية، والتعامل معهم طبقا لما تتعامل إسرائيل اليوم مع مناطق "سي و بي"، وهو ما يعد تكريسًا لسياسة تغيير الواقع الديموغرافي للمدينة المحتلة.
والحركة الجديدة تصنّفها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها "حركة مجتمعية ليست تابعة لحزب سياسي محدد في إسرائيل، وتهدف الى تجنيد رأي عام في إسرائيل لتطبيق هذا التوجه والذي يحمل شعار "إنقاذ القدس اليهودية".
تغيير ديموغرافي
ووفق صحيفة معاريف، فمن خلال فصْل هذه البلدات التي ضمتها إسرائيل للقدس فور احتلال عام 67، فإن مدينة القدس تصبح بعد ذلك يسكنها 80% يهود مقابل 20% فلسطينيين، وتتخلص إسرائيل حسب توجه هذه الحركة من المسؤولية الصحية والاجتماعية وغيرها عن 200 ألف فلسطيني يعيشون في هذه البلدات، والتي تكلف خزينة إسرائيل سنويا بين 2 إلى 3 مليار شيقل (الدولار 3.88 شيكل).
ويرى سليم تايه، الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، أن المخطط الإسرائيلي الجديد يهدف لإخراج أكبر عدد من الفلسطينيين، خارج حدود القدس المحتلة لكي تصبح المدينة يهودية خالصة مع عدد محدود من الفلسطينيين.
وأشار تايه في حديثه لبوابة "العين" أن طرح المخطط الجديد يأتي بعد إخفاق كل المخططات الإسرائيلية من سحب للهويات وإخراج عدد من الأحياء والقرى الفلسطينية خارج جدار الفصل العنصري الذي يحاصر مدينة القدس في تقليل نسبة الفلسطينيين في المدينة.
ويشكل الفلسطينيون حاليا 35% من سكان المدينة المحتلة، فيما لم تفلح سياسة التهويد المتصاعدة في إبراز الطابع اليهودي للمدينة.
ورأى تايه أن هذه الدعوة تأتي امتداد لمخططات الترحيل والتهجير وتهويد المدينة المتواصلة منذ اللحظة الأولى لاحتلال الجزء الشرقي من المدينة في أعقاب حرب عام 1967.
دعوات الانفصال
وتأتي دعوة الحركة الإسرائيلية بعد تصريحات رئيس حزب المعسكر الصهيوني إسحاق هرتصوغ التي دعا فيه إلى الانفصال عن الفلسطينيين من خلال بناء جدار يضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية كأمر واقع على الفلسطينيين دون إعطائهم دولة.
وقال تايه: "هذا ما ينادي به أيضا (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو، وهذا يشير إلى أن كل مكونات المجتمع الإسرائيلي متفقة فقط على ترحيل وتهجير الفلسطينيين".
ويرى الخبير الفلسطيني أن هذه الخطة وخطة الانفصال التي يطرحها هرتصوغ هي "تأكيد آخر على فشل الاحتلال في وقف الانتفاضة والعمليات الفلسطينية، وبعد اعتراف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعدم وجود حل عسكري للعمليات الفلسطينية".
واستشهد 173 فلسطينيًّا، و30 إسرائيليّا في موجة عمليات ومواجهات شعبية انطلقت مطلع أكتوبر الماضي؛ احتجاجا على اقتحامات الأقصى ومساعي تقسيمه؛ إضافة لتصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة.
تأثيرات الانتفاضة
بدوره، يرى وزير القدس السابق خالد أبو عرفة، أن الموضوع الأهم الذي تسعى له الحركة الصهيونية الجديدة هو "تغيير الوضع الديمغرافي في مدينة القدس من خلال التخلص من البلدات الفلسطينية".
وقال عرفة في حديثه لبوابة "العين": إن توجهات ومخططات الإسرائيليين حكومة ومجتمعا تُجمع على عزل القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني، لافتا إلى تنامي التطرف في المجتمع الإسرائيلي الذي أحد مؤشراته أن الحكومة باتت لا يمكن أن تشكل إلا بتحالفات مع اليمين واليمين المتطرف الذي فرض أجندته على مفاصل الحكم والحياة.
وأضاف "عندما يتوجه يساري مثل رامون فإنه يتوجه بقصد التخلص من 28 قرية وبلدة بسبب ضغط الانتفاضة على عصب الحياة الإسرائيلية".. مشددا على أن الانتفاضة أدت إلى حالة من الهوس الأمني في إسرائيل إذ 80% يشعرون بالرعب، و72% يفكرون مرارا قبل الخروج من البيت للشارع.. كل هذه المؤشرات دفعت بعض السياسيين للبحث عن حلول.
ورأى أن ذلك لن يشكل حلا للإسرائيليين، قائلاً: "على الإسرائيليين أن يكفّوا عن مخططاتهم واعتداءاتهم على الفلسطينيين والالتزام بقرارات الأمم المتحدة بخصوص الشعب الفلسطيني ومدينة القدس.. فمهما فعلوا يأتيهم الرد من خارج القدس مثلما رد 3 شبان من قباطية قبل أيام بعمليتهم".