السلع الممنوعة .. قائمة إسرائيلية توقف عجلة الصناعة بغزة
400 سلعة ممنوعة من الدخول بذريعة "الاستخدام المزدوج"
قائمة "السلع الممنوعة" بقرار إسرائيلي من دخول قطاع غزة، تهدد بوقف عجلة دوران الصناعات الفلسطينية المتعثرة
تهدد قائمة "السلع الممنوعة" بقرار إسرائيلي من دخول قطاع غزة بوقف عجلة دوران الصناعات الفلسطينية المتعثرة، وتهدد ما تبقى من حياة في شرايين الاقتصاد الهش في القطاع المحاصر منذ 10 سنوات.
فمن بين حوالي 10 آلاف سلعة تدخل عبر المنفذ التجاري الوحيد في قطاع غزة (معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي جنوب شرق قطاع غزة)، تمنع سلطات الاحتلال أكثر من 400 سلعة من الدخول إلى قطاع غزة منذ 4 أشهر تقريبًا بذريعة "استخدامها المزدوج".
والاستخدام المزدوج مصطلح أطلقته سلطات الاحتلال، مؤخرًا، على السلع التي يمكن استخدامها في صناعات السلاح والمتفجرات، علاوةً على استخدامها في الصناعات المدنية.
ويقول صناعيون فلسطينيون: إنه على الرغم من قلة قائمة "السلع الممنوعة" قياسًا بالمسموح دخولها، إلا أنها تعتبر على قلتها "سلعًا استراتيجية"، يؤدي غيابها إلى وقف العمل في مختلف الصناعات التحويلية في غزة المحاصرة.
وتعتمد الصناعات الفلسطينية على المواد الخام المستوردة من الخارج، وتحتل إسرائيل المساحة الأكبر من الموردين لأراضي السلطة الفلسطينية وفق اتفاق "باريس" الاقتصادي. وهي بذلك تتحكم في مجمل الحياة الاقتصادية الفلسطينية.
قيود على مواد الإنشاءات
تقف معظم الصناعات الفلسطينية على توفر مادة "الأسمنت"، بحسب رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية المهندس فريد زقوت، إذ الخشب والحديد والألمونيوم ومواد الطلاء وتمديدات الكهرباء والمياه وغيرها يقف على إقامة مبنى بالأسمنت.
ويضيف " سلطات الاحتلال وافقت على إدخال مواد البناء والإنشاءات إلى قطاع غزة عقب حرب 2014، بشروط"، أهمها " خضوع تلك المواد لمتابعة مراقبة مؤسسة " الأمم المتحدة لخدمة المشاريع" للتأكد من استخدامها في إعادة الإعمار فقط.
ويبين زقوت لبوابة "العين" الإخبارية أن المؤسسة الأممية تتحكم في سير العمل في قطاع الصناعات الإنشائية الذي يضم حوالي 600 منشأة في غزة، مضيفًا " زادت تلك المؤسسة تدخلها قبل شهرين بقرارها وقف توريد مواد البناء لـ70 مصنع باطون وبلوك" تعمل في غزة بحجة مخالفتها لمعايير العمل.
وقطاع صناعات الإنشاءات يندرج تحته خمس قطاعات فرعية كلها تدخل في صلب إعادة إعمار قطاع غزة، وهي قطاع الباطون، وقطاع البلوك، وقطاع البلاط، وقطاع الرخام والجرانيت، وقطاع الأسفلت، وتشغل هذه القطاعات حوالي 6 آلاف عامل، 60% منهم فقوا أعمالهم، فيما النسبة المتبقية يعملون جزئيًّا.
وأوضح زقوت أن سلطات الاحتلال تمنع دخول "الأسمنت، والحديد، والشيد، والديبق، والمنشف" للقطاع الخاص الفلسطيني في غزة، وتصر على آلياتها التي وضعتها مع المؤسسة الأممية.
وأضاف رئيس اتحاد الصناعات الانشائية، لا يقف المنع على المواد فقط، إذ يطال منع "المعدات والآلات وقطع الغيار" من الدخول لغزة، مشيرًا إلى حاجتهم إلى حوالي 300 آلية وجهاز، لتحديث منشآتهم التي حرمها الحصار المطبق من إدخال المواد منذ عشر سنوات.
وتوقع زقوت أن تؤدي سياسات التقييد الإسرائيلية إلى وقف قطاع الصناعات الإنشاءات والبناء على العمل بشكل كلي.
شلل صناعة الأخشاب
وحال الصناعات الخشبية ليس أحسن حالاً؛ إذ تمنع سلطات الاحتلال إدخال الأخشاب التي تزيد سماكتها عن 1.5سم، وهو ما يؤدي إلى شلل قطاع الصناعات الخشبية بشكل شبه كامل وفق رئيس الاتحاد وضاح بسيسو.
وأوضح بسيسو لبوابة "العين" الإخبارية أن سلطات الاحتلال حظرت الأخشاب التي يزيد سمكها عن 1.5 سم إلى 15 سم، ومكملات صناعة الأثاث مثل المنشفات والغراء، مشيرًا أن الاحتلال وضع استثناءً لحالات التنسيق وحصول التجار على تصريح خاص ومفصل، إلا أنه لا ينفذ، ما يعرض التجار لخسائر فادحة في كثير من الأحيان.
و بين أن العمل يقتصر على 15% من بين 700 منشأة تعمل في الصناعات الخشبية في غزة، لافتاً أن تلك المنشآت تعمل بطاقة إنتاجية منخفضة جدًّا لا تتجاوز في أحسن حالاتها حاجز الـ20%.
وأشار بسيسو إلى أن قطاع الصناعات الفلسطينية يتعرض لخسائر أخرى تفاقم الخسائر الناجمة عن منع السلع من الدخول، مثل زيادة تكلفة شحن السلع من غزة إلى الضفة عبر المعبر الإسرائيلي إلى أربعة أضعاف، إضافةً إلى ضياع الفرص التسويقية، فضلاً عن خسائر قطاع الصناعات جراء الحروب الإسرائيلية على غزة.
وبلغ عدد المصانع في قطاع غزة حوالي 3500، مصنع موزع على مختلف القطاعات الإنتاجية، وتعمل هذه المصانع بمتوسط طاقة إنتاجية تتراوح ما بين 10-50 % من طاقتها الإنتاجية الكلية نتيجة للحصار، فيما تعمل في غزة حوالي 15 ألف شركة.
وتشغل المصانع والشركات نحو 52% من نسبة القوى العاملة في غزة المقدرة بـ350 ألف، بحسب المتحدث باسم غرفة صناعة وتجارة غزة ماهر الطباع.
ويجزم الطباع بأن سلطات الاحتلال أعدت قائمة السلع الممنوعة بحجة الاستخدام المزدوج لها بشكل "متعمد" لضرب الصناعات الفلسطينية، وشل حركة الاقتصاد الهش في غزة.
واتهم سلطات الاحتلال بالعمل "منهجيًّا" لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، مشيرًا إلى استهدافه لأكثر من 6 ألاف منشأة خلال حرب 2014، ما كبد الاقتصاد الهش خسائر قدرت بنحو ربع مليار دولار.
وأشار الطباع في حديثه لبوابة "العين" إلى أن قيود الاحتلال لم تقف على منع السلع من دخول غزة فقط، وإنما شرعت سياسات كثيرة لتقييد حركة الاقتصاد الفلسطيني، ومن بينها اعتقالها التجار ورجال الأعمال خلال تنقلهم عبر معبر بيت حانون/ ايرز الإسرائيلي الواقع شمال قطاع غزة.
ذرائع واهية
ويؤكد بسيسو، أن سلطات الاحتلال تختلق ذرائع واهية، في إطار حرب إسرائيلية تستهدف الاقتصاد الفلسطيني في غزة من " أجل عدم تمكين نفسها" ودفعها غزة إلى الانهيار التام وفق خطة إسرائيلية باتت واضحة المعالم.
وقال بسيسو، إنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي، وتحركوا في كل الاتجاهات لحث الجهات المختصة محليًّا وإسرائيليًّا ودوليًّا للتدخل لكبح سياسات الاحتلال التدميرية لغزة.
وأضاف، لقد وجهنا رسائل تدق ناقوس الخطر، للأمم المتحدة، وللجنة الرباعية الدولية، ولمنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، ولهيئة الشؤون المدنية الفلسطينية (المسؤولة عن التنسيق مع الإسرائيليين)، واجتمعنا بالإسرائيليين مؤخرًا، في معبر بيت حانون/ ايراز.
وقال بسيسو، طالبنا في رسائلنا المجتمع الدولي برفع الحصار عن قطاع غزة، والتعامل معه حسب الأعراف والقوانين الدولية، داعيًا المؤسسات الدولية "ألا تكون أداة من أدوات إدارة الحصار على غزة".
وأكد الطباع أن المؤشرات والدلائل تؤكد أن الوضع الاقتصادي في غزة على وشك الانهيار. مشدداً على ضرورة تدخل الدول المؤثرة و المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال لإنهاء الحصار وفتح المعابر التجارية وإدخال ما يحتاج إليه قطاع غزة دون قيود أو شروط.
وحذر من أن استمرار الحصار ومنع السلع والقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية الحركة ستؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية، مما يؤدي إلى ارتفاع في معدلات البطالة والفقر، وأكد بسيسو أن توقف الصناعات عن العمل سيؤدي لارتفاع البطالة إلى نسب غير مسبوقة، وهذا "ما يشكل عبئًا كبيرًا على المجتمع المحلي".