قلق بين الجاليات الأجنبية بمصر بعد مقتل الطالب الإيطالي
الكثير من الأجانب المقيمين في مصر بدأوا يشعرون بالقلق على أنفسهم بعد التطور الأخير باستهدافهم من قبل الجماعات الإرهابية
في منتصف عام 2006 وفدت "جريتشن ماكوله"، من الولايات المتحدة الأمريكية موطنها الأصلي إلى القاهرة كي تنتهي من دراسة ميدانية عن المجتمع المصري، تستهدف من خلالها تطوير أبحاثها عن المجتمع المصري بجانب عملها الأساسي في تدريس مادة الكتابة الإبداعية بالجامعة الأمريكية في القاهرة.
"ماكوله" التي تبدأ عامها الثامن في القاهرة الشهر الحالي، انتهت خلال هذه الفترة من إنجاز بحث ميداني صدر كمجموعة قصصية بعنوان "ثلات قصص من القاهرة" تحكي فيه عن حياة الأجانب المقيمين في مصر، والذين يعتبرونها بلدهم، معتمدة في هذه المجموعة على رواياتهم في تجسيد حياتهم داخل مصر، مع بعض الأحداث التي كانت تشغل المجتمع المصري.
حماس "ماكوله" في استكشاف مصر خلال فترة اقامتها بدأ يتراجع كثيراً بعد تعرض عدد كبير من أصدقائها لمضايقات أمنية وحوادث خطف، كان آخر هذه الحالات صديقها باحث الدكتوراه الإيطالي بجامعة كامبريدج، المقيم في القاهرة، جوليو ريجيني، 28 عامًا، والذي عُثر عليه مقتولاً قرب مصرف مياه بمدينة السادس من أكتوبر، المتاخمة للعاصمة المصرية، وبها آثار "حروق وتعذيب واضحة بعد مرور حوالي 10 أيام على اختفائه.
تحكي "ماكولة" عن الأحوال التي تعيشها الجالية الأجنبية في مصر قائلة في تصريحات خاصة لبوابة "العين": "عشت تفاصيل مثيرة وحياة جديدة في منطقة وسط البلد، الحياة مليئة بتجسيدات وتفاصيل الحياة المتنوعة التي تُشبع أي رغبة باحث في أبحاثه، لكن هذه الحياة صارت تصطدم بواقع أكثر بؤساً للأجانب الذين يعيشون في مصر، كحملات التشويه التي تطالهم كونهم عناصر مؤامرات داخلية من جانب وسائل الإعلام، وتارة باستهدافنا من جانب الأمن خلال السير في الشوارع للتحقق من هويتنا، ثم أخذت هذه المسألة منحني خطيرا في عملية استهدافنا من جانب الجماعات الإرهابية وتصفيتنا كما حدث في أكثر من واقعة، مايجعلني حالياً أرغب في التفكير بجدية للعودة إلي بلادي".
كان العام الماضي شهد حوادث قتل للأجانب بمصر، تنوعت بين هجمات إرهابية، وسائحين قتلوا بالخطأ. ففي منتصف شهر أغسطس العام الماضي، اختطفت تنظيم "داعش" المهندس الكرواتي، توميسلاف سالوبيك 31 عاما، أثناء تواجده رفقة سائقه داخل سيارة مملوكة للشركة التي يعمل بها، على طريق الواحات بأكتوبر، واستمر الاختفاء حتى انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى، يُظهر ذبحه على أيدى التنظيم الذي أعلن عن العملية في الفيديو المُذاع.
وفي أغسطس من عام 2014 تعرض خبير البترول بشركة أباتشي الأمريكية، وليام هندرسون للوفاة، بعد مهاجمته أثناء تنقله بسيارته في الصحراء الغربية، والذي أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس عن تبنّيها هذه العملية، وكانت الحادثة الأبرز هي مقتل 12 شخصا وإصابة 10 آخرين، مصريين وأجانب أغلبهم يحملون الجنسية المكسيكية، في الصحراء بطريق الواحات، يوم 13 سبتمبر من العام الماضي، وذلك خلال تواجدهم بالخطأ في مكان اشتباكات بين قوات الأمن المصري ومجموعات مسلحة.
يتفق لورانس كاتريباك، 35 عاماً الذي يحمل الجنسية البريطانية، ويقيم بالقاهرة مع ارتفاع حجم المخاطر الذي صار يواجهونه خلال وجودهم في مصر قائلاً في تصريحات لبوابة "العين": "لم نكن نرغب في أن تسوء الحال داخل مصر لتصل لهذه الدرجة التي تُثير الفزع والخوف داخل نفوسنا، لكن ظروف الجاليات الأجنبية اتجهت للأسوأ بعد ثورة 25 يناير، وذلك بتراجع مساحات الأمن الشخصي، ونظرة استغرابية لنا من جانب الأمن الذي يشكك في سيرنا باستيقافنا دائماً، والتي انعكست بدورها علي المجتمع المصري الذي يعتبرنا "جواسيس" يتحتم عليه تسليم الأجانب للأمن.
"لورانس" الذي يعمل مترجماً بإحدى دور النشر بالقاهرة يواجهه صعوبة جديدة بجانب الصعوبات السابقة تهدد استمرار وجوده داخل مصر، يقول "أعمل في مصر منذ سنين، وتُجدد التأشيرة بشكل اعتيادي سنوياً، لكن هذا العام جدّ إجراء جديد يتمثل في الحصول على موافقة أمنية للاستمرار في البقاء، بجانب بعض الإجراءات الأخرى".
من جانبه، قال المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في تصريحات لبوابة "العين" نسعى لتأمين الجالية الأجنبية في مصر من كافة المخاطر التي تواجه أي مجموعات أجنبية بأي دولة، وأنه من الخطأ استخدام حالة فردية وتعميمها على أوضاع الأجانب داخل مصر" مستشهداً بدور مؤسسات الدولة في تجاوز حادثة مقتل الطائرة المكسيكية والحوادث السابقة من خلال التنسيق المشترك بين الحكومة المصرية وحكومات الأجانب واستكشاف الصورة الكاملة أمامهم حتى لا يختلط لديهم الأمور واستخدام الواقعة كدليل على سوء معاملة مُتعمد لهؤلاء الأجانب.
يضيف"أبوزيد" أن مصر بلد أمن لكافة الباحثين الأجانب، ولا نفرض قيوداً على أحد، وأن السلطات المصرية تسعى دوماً لتذليل كافة العقوبات التي تواجههم خلال فترات إقامتهم، وتقديم كافة سبل الراحة لهم مؤكداً كذلك أن الإعلام يتسبب في تضخيم المشاكل، وأن الخارجية كذلك تبذل جهوداً كبيرة من أجل التواصل مع الإعلام الغربي لإيضاح الصورة بشأن أي حادثة لمواطن أجنبي مقيم بمصر منعاً لتشويه الموقف المصري تجاه الحادث.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز