التنين الصيني يواصل "ابتلاعه" للشركات الأوروبية
عمليات استحواذ الصين على أصول الشركات الأوربية تجري على قدم وساق، ولا يجد الأوربيون إزاء ذلك إلا إبداء القلق.
تواصل الصين استحواذها على شركات أوروبية مهمة، مستغلة احتياطاتها الضخمة من الصرف وحالة الركود التي تشهدها بلدان القارة العجوز، لكن هذه الاستراتيجية باتت تثير مخاوف حقيقية حول مستقبل الصناعة الأوربية في حال استمر التمدد الصيني.
في آخر صفقة لها بأوروبا، اشترت الشركة الصينية العملاقة شمشينا نظيرتها السويسرية سنجينتا المتخصصة في صناعة الأسمدة الفلاحية، بقيمة إجمالية بلغت 43 مليار أورو، وهي أكبر عملية استحواذ تجريها شركة صينية في أوربا .. وكانت شركة شمشينا نفسها، قد استحوذت مؤخرًا على شركة بيرلي الإيطالية المتخصصة في صناعة العجلات المطاطية، في صفقة وصلت قيمتها إلى 7 مليارات دولار.
وفي عالم السيارات، دخلت الشركة الصينية دونغ فانغ في رأسمال الصانع الفرنسي بيجو سيتروان بعد أن كان بحاجة ماسة للإنقاذ، وسبق لشركة فورد السويدية أن بيعت بالكامل لشكة جيلي الصينية سنة 2010 في صفقة تجاوزت المليار دولار.
أما في ميدان الفندقة، فقد حصلت شركات صينية على مجمعات فرنسية مثل أكور وكلوب ماد وفندق اللوفر، ولم يسلم حتى قطاع التجميل والملابس الفاخرة من شهية الصينين الذين استحوذوا على شركة سونيا ريكييل المعروفة في هذا المجال.
وتسجل هذه الصفقة وغيرها في الآونة الآخيرة، تحولًا في استراتيجية الصين إلى التركيز على الشركات الكبرى في أوروبا التي تمتلك التكنولوجيا في ميادين دقيقة من الصناعة وخبرة واسعة تصل إلى عشرات السنوات، وهو ما تفتقده الشركات الصينية رغم امتلاكها لرأس لمال.
ويأتي حصول الشركات الصينية على نظيراتها الأوربية، في وقت تشهد العديد من قطاعات الصناعة في القارة العجوز إعادة هيكلة بسبب جو الركود الذي فرضته الأزمة على الاقتصاديات، مما أدى إلى تباطؤ نمو هذه الشركات وضعف قدرتها على المنافسة.
في المقابل، تستغل الشركات الصينية هذا الظرف، خاصة أن بلادها تمتلك احتياطي صرف ضخمًا يُقدَّر بـ3.32 ترليون دولار، وهو ما شجعها على اقتناص فرصة حاجة الشركات الأوربية لرأس المال لإعادة هيكلة نفسها، وبالتالي الاستثمار فيما تطرحه من أصول للبيع، بما يصل إلى حد السيطرة على الشركة في بعض الحالات.
وبدأت تظهر أصوات عديدة رافضة للوجود الصيني في رأسمال الشركات الأوربية، بحجة أن استمرار هذا التمدد يهدد مستقبل الصناعة والتكنولوجيا الأوروبية، فمن جانب السياسيين تنادي مارين لوبان زعيمة أقصى اليمين في فرنسا مثلا، بوضع حواجز أمام البضائع الصينية وأصولها التي تزحف على شركات بلادها، ومن ناحية الاقتصاديين باتت المقالات المحذرة من التساهل مع الصين ببيعها شركات تملك خبرة لا تقدر بثمن، تغزو الصحف الأوروبية، لكن الصين تبدو مرتاحة من أمرها؛ لأنها تقوم بعمليات شراء عادية وفق ما تتيحه القوانين في ظل الاقتصاد الحر.