"الملاكمة" وسيلة الشباب السوري لنسيان ويلات الحرب
الشباب والأطفال في سوريا يُقبلون على ممارسة رياضة الملاكمة كمُتنفس لهم في ظل معاناة البلاد من الحرب
تنهمك مجموعة من الفتيان والشبان السوريين بإجراء تمارين رياضية وتسديد اللكمات إلى أكياس ملونة تتدلى من السقف بإشراف بطلين سوريين سابقين داخل قبو في مدينة حلب، في محاولة لنسيان يوميات القصف والمعارك المستمرة منذ العام 2012.
وتكاد أصوات المتدربين خلال إجرائهم التمارين تطغى في أحيان كثيرة على دوي الانفجارات الناجمة عن القصف والغارات الجوية التي تستهدف الاحياء الشرقية في مدينة حلب، حيث مقر نادي الشهباء للملاكمة.
ويقول عمر وهو أحد الأطفال المتدربين في النادي لوكالة فرانس برس "أرتاد النادي لأتدرب على رياضة الملاكمة لأن حلمي أن أصبح بطلا في رياضة الملاكمة".
ويوضح "منذ افتتاح نادي الشهباء وأنا اتدرب بشكل جيد كي أحقق حلمي" مضيفا "منذ أربع سنوات لم نكن نعرف الرياضة وكل ما كان لدينا هو القصف والدمار".
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا بدأ بحركة احتجاج سلمية قبل أن يتحول إلى حرب متعددة الأطراف، تسببت بمقتل أكثر من 260 ألف شخص وبتشريد ونزوح أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من مليوني طفل سوري هم خارج المدارس، في وقت أن مدرسة من بين كل أربع مدارس تعرضت للدمار جراء الحرب.
ومنذ صيف 2012، تدور معارك مستمرة في مدينة حلب بين قوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية والفصائل المقاتلة المعارضة التي تسيطر على الأحياء الشرقية.
وباتت الأحياء الشرقية شبه محاصرة إثر هجوم شنه الجيش مطلع شباط/فبراير في ريف حلب الشمالي حيث تمكن من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيسي يربط المدينة، بالريف الشمالي نحو تركيا.
-أبطال المستقبل-
ومنذ افتتاحه خلال الصيف، بات نادي الملاكمة مقصدا لعشرات الأطفال والشبان الذين يجدون فيه فسحة لنسيان يوميات الحرب المدمرة.
ويقول شعبان قطان (31 عاما) وهو بطل سابق في الملاكمة ومدرب في النادي لوكالة فرانس برس: "بسبب الحرب في سوريا عموما وحلب خصوصا، توقفت النشاطات الرياضية بشكل عام ومن ضمنها رياضة الملاكمة".
واحترف قطان الذي شارك صديقه أحمد مشلح في افتتاح النادي خلال الصيف، رياضة الملاكمة في العام 1994 وفاز بالمركز الأول في بطولة سوريا في العام اللاحق، قبل أن يحصد ميداليات ذهبية في منافسات عدة في المنطقة.
ويقصد قطان يوميا النادي سيرا على الأقدام في الشوارع التي لم تسلم أبنيتها من القصف والمعارك، قبل أن يعود أدراجه إلى منزله المتواضع الذي تملأ جدرانه ورفوفه صور البطولات والميداليات والكؤوس.
ويقول: "افتتحنا نادي الشهباء الرياضي لكي نستعيد مستوانا الرياضي ونشارك من جديد في البطولات العربية والأسيوية ونحصد نتائج كما السابق وأفضل منها".
وفي السياق ذاته، يؤكد مشلح وهو صاحب فكرة افتتاح النادي ولاعب فاز ببطولات عدة: "هناك إقبال على النادي من كافة الأعمار".
واستأجر كل من قطان ومشلح الطابق السفلي من أحد الأبنية بعدما كان يتم استخدامه كمستودع، وعملا على تجهيزه بمعدات رياضية اشتروها من ناد رياضي آخر في المدينة أقفل أبوابه.
وخلال حصة تدريب، يجري نحو عشرة مراهقين يرتدون لباسا رياضيا تمارين في حلبة الملاكمة قبل أن يسلم قطان كلا منهم زوجا من قفازات الملاكمة.
ويتقدم كل منهم بدوره إلى الحلبة موجها اللكمات إلى قطان الذي يقيم أداء كل منهم تباعاً.
ويشارك هؤلاء الفتيان في بطولات محلية تستضيفها قاعة النادي.
ونظم مديرو النادي نهاية العام 2015 مسابقة ملاكمة للأطفال الأصغر سنا والفئة العمرية الأكبر بقليل، شارك فيها متبارون من ادلب (شمال غرب) وحمص (وسط) والرقة، أبرز معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال سوريا.
ويخطط الملاكمون الأكبر سنا بما فيهم المدربون للمنافسة في بطولة مفتوحة للرجال الذين يقيمون في مناطق تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في سوريا.
ويقول مشلح: "أصبحت لدينا مستويات جيدة بالنسبة للأطفال وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشبان".
ويضيف: "نحن الآن جاهزون للمشاركة في بطولات خارج سوريا والمنافسة على المراكز المتقدمة سواء على المستوى العربي أو الأجنبي".
ويعرب عن اعتقاده بأنه بات لدى المتدربين "ما يخولهم أن يصبحوا أبطالا في المستقبل".
aXA6IDE4LjExOS4xMTkuMTE5IA== جزيرة ام اند امز