صناديق الاستثمار الخيرية تطرق أبواب السوق المصرية
مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية يضع في اجتماعه النظام الأساسي لضواطب عمل الصناديق الخيرية لتمكين الجمعيات من سرعة إصدارها
فتحت مصر الباب أمام الجمعيات والمؤسسات الأهلية لإصدار صناديق الاستثمار الخيرية "صناديق الأوقاف" في تجربة جديدة تستهدف وضع نظام مؤسسي لإدارة الأموال المخصصة للأنشطة الخيرية.
وجاء ذلك بعد أن أصدر أشرف سالمان وزير الاستثمار في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي ضوابط عمل الصناديق الخيرية، ضمن مجموعة من الأدوات المالية الجديدة بالسوق المصرية.
ومن المرتقب أن يصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية في اجتماعه المقبل النظام الأساسي لعمل صناديق الاستثمار الخيرية لإتاحة الفرصة أمام المؤسسات الخيرية لإطلاق صناديق الاستثمار، وإسناد إدارتها إلى شركة إدارة أصول متخصصة لوضع استراتيجية استثمارية تناسب هدف كل صندوق.
وحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعي فإن عدد الجمعيات الخيرية يتجاوز 45 ألف جمعية، منها 10 آلاف جمعية متوقفة عن العمل.
من جانبه، قال شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لـبوابة "العين" الإخبارية: إن مجلس إدارة الهيئة سيعتمد النظام الأساسي المنظم لعمل صناديق الاستثمار الخيرية في اجتماعه المقبل، بعد أن اعتمد وزير الاستثمار ضوابط عمل هذه الصناديق قبل أسبوعين.
وأضاف نسعى لإصدار النظام الأساسي سريعًا لتمكين الجمعيات والمؤسسات الأهلية المسجلة بوزارة التضامن الاجتماعي وكذلك الجهات الحكومية ذات الصلة بالأنشطة الخيرية من البدء في إصدار الصناديق الخيرية.
وأوضح أن الصناديق الخيرية حققت انتشارًا في الدول الخليجية، ومن المرتقب أن تلعب دورًا مهمًّا في خلق استدامة للأعمال الخيرية، لأن الجمعيات لن تكون مسئولة عن إدارة الصندوق، بل سيتم إسناد هذه المهمة إلى شركات متخصصة في إدارة الأصول مسجلة بهيئة الرقابة المالية.
وأشار سامي إلى أن دور مدير الاستثمار يكمن في الترويج للصندوق بين المتبرعين، ثم وضع استراتيجية استثمارية تهدف إلى الحفاظ على أصل قيمة الصندوق وتوليد فوائض مالية توجه للأنشطة الخيرية والاجتماعية، مع اشتراط عدم حصول المتبرعين على أن نصيب من هذه الفوائض.
ولفت إلى أن هناك جانبًا آخر بالغ الأهمية يتمثل في توفير الشفافية بشأن أسلوب إدارة الصناديق الخيرية وأدائها المالي، وأوجه صرف الفوائض النقدية؛ لأن اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال تلزم مدير استثمار الصندوق بتقديم إفصاحات دورية عن الأداء.
وتابع رئيس الرقابة المالية: إن حملة الوثائق الاستثمارية وهم المتبرعون لهم الحق في متابعة أداء الصندوق ومناقشة أوجه صرف فوائضه المالية، وكذلك تغيير مدير الاستثمار.
وأكد أن الصناديق الخيرية ستتمتع بحرية الاستثمار في الأدوات المختلفة دون التقيد بوعاء استثماري معين، فمن الممكن الاستثمار في أذون وسندات الخزانة والأسهم والأصول الملموسة؛ حيث يتم تحديد هذه الأدوات الاستثمارية بناءً على حجم العائدات المستهدف وهامش المخاطرة المسموح به داخل كل صندوق.
وأوضح سامي أن النظام الأساسي للصندوق ونشرة الاكتتاب سيحددان تفاصيل عمل الصندوق؛ مثل الجهة التي تؤول إليها قيمة الوثائق عند استردادها أو أصول الصندوق عند انقضائه، سواء بسبب انتهاء مدته أو تحقيق غرض الصندوق أو مواجهة الصندوق صعوبات حالت دون مزاولة النشاط.
وتنتشر الصناديق الخيرية في السعودية والكويت والإمارات وتعمل على توفير الأموال اللازمة للمساهمة في تأسيس المشروعات وصرف مخصصات للمبعوثين بالخارج وتوفير مرتب مؤقت للعاطلين، وسداد الديون، والتكفل بمصاريف المتزوجين، وتكاليف العلاج، والإنفاق على الأبحاث العلمية والطبية.
في حين توجهت البحرين نحو تحويل الصناديق الخيرية إلى جمعيات خيرية، فبحسب لطيفة المناعي خبيرة المركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية التابع لوزارة التنمية الاجتماعية فإن عدد الجمعيات الخيرية في البحرين يصل إلى نحو 100 جمعية خيرية، كانت على شكل صناديق وتحولت إلى جمعيات.
من جانبه، قال عمر رضوان -العضو المنتدب لقطاع إدارة الأصول بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار، لبوابة "العين" الإخبارية-: إن الصناديق الخيرية ستضع نظامًا مؤسسيًّا لعمل الجمعيات الخيرية فيما يتعلق بالجانب المالي، خاصة الجمعيات التي تضع برامج تمويل طويلة الأجل لبعض الأنشطة؛ مثل التعليم والصحة.
وأضاف أن هذه الجمعيات تستهدف تقليل مخاطر استثمار هذه الأموال والحفاظ على قيمتها قدر الإمكان بالتزامن مع السعي لخلق فوائض نقدية تمكنها من مزاولة أنشطتها الخيرية، وهو الأمر الذي بإمكان شركات إدارة الصناديق والمحافظ المالية أن تفعله لصالح المؤسسات الأهلية والخيرية.
وتوقع رضوان أن تشهد السوق المصرية إقبالًا جيدًا من جانب الجمعيات الخيرية والمؤسسات الحكومية ذات الصلة بالأنشطة الخيرية على إصدار الصناديق الخيرية، لأنها تمتلك فرصًا أكبر في إقناع المتبرعين بالمساهمة في الصناديق، لكونها تخضع لرقابة المتبرعين وهيئة الرقابة المالية، فضلًا عن التزام مدير الاستثمار بالصندوق بالإعلان عن القوائم المالية والمعلومات الجوهرية.
ورأى العضو المنتدب لإدارة الأصول بشركة "أتش سي" أن الصناديق الخيرية ستسهم في تنشيط عمل شركات إدارة الأصول، خاصة في ظل تراجع إيراداتها نتيجة انخفاض أسعار الأسهم، وإصدار البنك المركزي قواعد تقضي بتقليص حجم الأموال المستثمرة في الصناديق النقدية، وصناديق أدوات الدخل الثابت التي تصدرها البنوك من 5% إلى 2.5% قياسًا إلى حجم الودائع بكل بنك.
وحسب دراسة شاركت في إعدادها الجمعية المصرية للأوراق المالية والجمعية المصرية لإدارة الاستثمار العام الماضي فإن إجمالي حجم الصناديق في السوق المصرية يبلغ 60 مليار جنيه، تستحوذ الصناديق النقدية بمفردها على 52 مليار جنيه، ما يعادل 87% من حجم هذه الصناديق.
من جهته، أوضح الدكتور عصام خليفة -رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار، لبوابة "العين" الإخبارية- أن مصر شهدت بالفعل تجربة إطلاق مؤسسة "مصر الخير" بطريقة غير مباشرة لصندوق استثمار متوازن برأسمال 50 مليون جنيه عبر شركة مساهمة مملوكة للمؤسسة الخيرية.
كما لفت إلى أن مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357 أعلنت قبل إصدار الضوابط الجديدة عن رغبتها في تأسيس صندوق استثمار.
وأكد خليفة أن هذا قد يكون توجهًا بين الجمعيات الخيرية خلال الفترة المقبلة لإطلاق صناديق تستطيع من خلالها جمع الأموال اللازمة لممارسة أنشطتها، فضلاً عن إمكانية تنازل أو خفض بعض شركات إدارة الأصول أتعاب إدارة الصناديق الخيرية كجزء من المسئولية الاجتماعية لهذه الشركات.
وتوقع أن تسهم الصناديق الخيرية في جذب استثمارات جديدة للبورصة المصرية، في ظل إمكانية الاستثمار في الأسهم والسندات وأذون الخزانة.