بعد حكم "العدل الدولية".. 7 رسائل قوية من الإمارات لقطر والعالم

رسائل تؤكد في مجملها بشكل واضح وحاسم أن الدول الأربع لا تساوم على مبادئها ولا أمنها الوطني، وأن حل أزمة قطر بالرياض وليس في مونتريال
رسائل قوية حازمة وجهتها الإمارات لقطر عقب الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية تؤكد على أن حل الأزمة في السعودية وليس بمدينة مونتريال الكندية (مقر منظمة الإيكاو).
ويقضي الحكم باختصاص مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" بالنظر في المزاعم القطرية الخاصة بالطيران المدني ضد الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر).
ولم يتطرق الحكم إلى موضوع الشكوى جملة وتفصيلا، وهو ما يعني أنه لم يتم الفصل في المزاعم القطرية التي لا أساس لها من الصحة، كما لم يفرض على الدول الأربع فتح أجوائها أمام الطيران القطري، كما يحاول أن يروج تنظيم الحمدين وإعلامه، إضافة إلى أنه ليس له أي آثار أو تبعات قانونية.
وفي أعقاب صدور الحكم التي أكدت الإمارات احترامها لها، أطلقت الدكتورة حصة عبدالله العتيبة، سفيرة الإمارات لدى هولندا، تصريحات تضمنت 7 رسائل إماراتية لقطر والعالم.
رسائل تؤكد في مجملها بشكل واضح وحاسم أن الدول الأربع لا تساوم على مبادئها ولا أمنها الوطني ولا سيادتها، وأن حل أزمة قطر في الرياض، وليس في مونتريال الكندية، وأن الخلاف لن يحل عن طريق الإيكاو أو أي منظمة دولية أخرى، ولا سبيل أمام الدوحة سوى التزامها بتعهداتها، وما وقعت عليه في "اتفاق الرياض 2014" ووقف دعمها للإرهاب.
تلك الرسائل تستعرضها "العين الإخبارية" في التقرير التالي:
ولكن لفهم أكثر لتلك الرسائل وأهدافها ومبرراتها، يجب وضعها في سياق الأزمة القطرية بشكل عام، وفي سياق رحلة الشكاوي القطرية من "الإيكاو" إلى "العدل الدولية" .
وفي استعراض تلك الرحلة سيكشف التقرير التناقضات القطرية المتواصلة، كما سيبرز بالوقائع حجم تعاون الدول الأربع مع "إيكاو" بشكل متواصل لضمان سلامة الأجواء العالمية، وإشادة المنظمة الدولية بذلك، في مقابل استمرار قطر في إساءة الآليات الدولية، أيضا سيتم استعراض المبررات التي دفعت الدول الأربع لفرض حظر جوي على قطر، ثم رفع ملف قضية المجال الجوي السيادي لها إلى محكمة العدل الدولية.
رحلة قطر من الرياض إلى "الإيكاو" إلى العدل الدولية
لفهم أزمة قطر الثانية (5 يونيو/حزيران 2017)، لابد من العودة إلى أزمتها الأولى (5 مارس/آذار 2014)، لارتباطهما ببعضهما بعضا.
في 5 مارس/آذار 2014 أعلنت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، لعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالعاصمة السعودية الرياض، ووقّعه أميرها تميم بن حمد آل ثاني، بحضور العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأيده بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
وانتهت الأزمة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بتوقيع قطر اتفاقا جديدا في اليوم نفسه، وتعهدها بالالتزام بكلا الاتفاقين (اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014).
وأبرز بنود الاتفاقين اللذين تعهد تميم آل ثاني بالالتزام بهما: (وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر، وعدم إيواء عناصر من دول مجلس التعاون تعكر صفو العلاقات الخليجية، وعدم تقديم الدعم لأي تنظيم أو فئة في اليمن يخرب العلاقات الداخلية أو مع الدول المحيطة).
كما تعهد تميم أيضا بالالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولم تلتزم قطر بتعهداتها بل أطلقت الحبل على الغارب لدعم الإخوان، وإيواء الإرهابيين وتوفير ملاذات آمنة لهم، وتنفيذ أجندات مشبوهة تضر بالأمن القومي الخليجي والعربي بالتعاون مع حلفاء الشر (تركيا وإيران).
وبعد أن استنفدت دول الرباعي العربي كل الوسائل لإقناع قطر بالرجوع إلى طريق الحق والالتزام بما تعهدت به ووقف دعمها للإرهاب، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يوم 5 يونيو/حزيران 2017 قطع علاقتها مع قطر.
وضمن إجراءات عديدة لحماية أمنها الوطني من دولة داعمة للإرهاب، قررت الدول الأربع عقب مقاطعتها لقطر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية.
وفيما كانت تنتظر الدول الأربع من قطر، التراجع عن سياساتها الداعمة للإرهاب، وإبداء حسن النية والبدء بتنفيذ ما سبق أن تعهدت به ووقعت عليه تمهيدا لحل الأزمة.
أبت الدوحة إلا أن تتمسك بسياساتها، وآثرت تعميق أزمتها، وبدأت تتخبط في تصريحاتها وتصرفاتها.
ففي البداية أكدت أن الحظر الجوي المفروض عليها لا يشكل أي مشكلة لها وأن لديها البدائل ، ولكن سرعان ما بدأت تصرخ، وتوجهت إلى منظمة الإيكاو في الشهر نفسه زاعمة انتهاك الدول الأربع اتفاقية الطيران المدني الدولي " اتفاقية شيكاغو 1944".
وحرصا من الدول الأربع على وضع المنظمة في صورة الوضع الحقيقي، توجه وفد رفيع المستوى من الدول الأربع في 15 يونيو/ حزيران من الشهر نفسه، بزيارة لمقر منظمة " إيكاو " بمدينة مونتريال الكندية.
وأكدت الدول الأربع خلال الزيارة قانونية ونظامية الإجراءات التي اتخذتها بشأن قطر و المستمدة من حقوقها السيادية المنبثقة من القانون الدولي والمتوافقة مع قرارات مجلس الأمن ومنها القراران 2309 و 1373 المتعلقان بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله واحترام اتفاقية الطيران المدني الدولي " اتفاقية شيكاغو 1944 "وجميع ملاحقها.
ورد الوفد على استفسارات المنظمة وفند كل الادعاءات القطرية ومحاولتها تضليل المنظمات بمعلومات غير صحيحة.
وبعد أسبوعين من الزيارة، عقد مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" في مطلع يوليو/ تموز 2017 جلسة غير رسمية قدمت فيها الأمانة العامة للمنظمة معلومات محدثة عن سلامة الأجواء فوق المياه الدولية للخليج العربي.
وأشادت "إيكاو" بإجراءات السعودية ومصر والإمارات والبحرين لسلامة الملاحة الجوية فوق مياه الخليج.
والتزاما من الدول الأربع بسلامة الملاحة الجوية العالمية ، أعلنت في 30 يوليو/ تموز 2017، تخصيص 9 ممرات طوارئ جوية لتستخدمها الشركات القطرية كما هو معمول به في حالات إغلاق المجالات الجوية الإقليمية.
ورغم تعاون الدول الأربع المتواصل مع "إيكاو" للحفاظ على أمن وسلامة الأجواء، مع الاحتفاظ بحقها السيادي في حماية سلامة أجوائها من دولة داعمة للإرهاب، لجأت قطر – كعادتها- إلى إساءة استخدام الآليات الدولية، و قامت في 20 أكتوبر 2017 ، بتقديم شكويين أمام مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو".
وجددت قطر خلال الشكويين مزاعمها بشأن عدم امتثال الدول الأربع لأحكام اتفاقية شيكاغو والاتفاقية الدولية لخدمات العبور الجوية، وطلبت من "الإيكاو" الفصل في قضية حظر الطيران وإعلانه كإجراء غير قانوني.
وفي يونيو/ حزيران 2018 قرر مجلس "إيكاو" منح قطر الفرصة للاستماع لمطالبها دون أن يتضمن القرار تأييد تلك المطالب أو مطالبة الدول الأربع بأية إجراءات .
مبررات وأسباب
وحرصا منها على ضمان تطبيق قواعد القانون الدولي بشكل صحيح ، قررت الدول الأربع في أوائل يوليو/ تموز 2018 رفع ملف قضية المجال الجوي السيادي لها إلى محكمة العدل الدولية للنظر في اختصاص منظمة الطيران المدني "إيكاو" بنظر ذلك النزاع.
قرار الدول الأربع جاء كونها ترى أن المنظمة قد مارست اختصاصها الفني بشكل كامل من خلال تعاون الدول الأربع مع المكتب الإقليمي للمنظمة بالقاهرة في وضع خطوط طيران دولية بديلة للطائرات القطرية في الأجواء الدولية مع مراعاة أعلى معايير الأمن والسلامة الجوية.
كما ترى الدول الأربع إن النزاع مع قطر يتعلق بمسائل لا علاقة لها كليا بالطيران المدني أو سلامة الطيران وإن جوهر القضية هو أن قطر لم تلتزم بتعهداتها بموجب اتفاق الرياض 2014، وتقوم بانتهاكات مستمرة و جسيمة للحقوق السيادية كافة للدول الأربع بما في ذلك تدخلها في شؤونها الداخلية ودعم الإرهاب واستخدام إعلامها لنشر خطاب الكراهية، مما يجعل هذا النزاع سياسيا أمنيا بالدرجة الأولى.
وأمس الثلاثاء، قررت محكمة العدل الدولية أن مجلس "الإيكاو" هو المختص للنظر في المزاعم القطرية الخاصة بالطيران المدني ضد الدول الأربع، مما يعني إعادة القضية برمتها إلى المربع الأول.
والحكم الصادر من محكمة العدل الدولية لا يتناول بأي حال من الأحوال قبول الادعاءات القطرية أو فرض فتح أجواء الدول الأربع أمام الطيران القطري ، كما أنه ليس له أي تبعات قانونية كونه لم يتناول جوهر النزاع بين الدول الأربع وقطر.
وفي أعقاب الحكم أعلنت دول المقاطعة احترامها لها، وأنها ستواصل معركتها القانونية أمام "الإيكاو" لكشف مزاعم قطر.
رسائل ودلائل
وجاءت تصريحات الدكتورة حصة عبدالله العتيبة، سفيرة الدولة لدى هولندا، تعقيبا على الحكم، متضمنة العديد من الرسائل الهامة للعالم ولقطر.
رسالة توضيحية جاءات للعالم أجمع لشرح الحكم، وتجنب إساءة قطر – كما اعتادت- بإعادة تأويله كذبا وتضليل كما اعتادت .
وفي هذا السياق أوضحت العتيبة أن " قرار محكمة العدل الدولية تقني ومقتصر على المسائل الإجرائية والولاية القضائية لمعالجة النزاع، وقد نظر في الأسس الإجرائية للقضية فحسب".
وهو ما يعني بشكل واضح وصريح أن الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية لا يتناول بأي حال من الأحوال قبول الادعاءات القطرية وليس له أي تبعات قانونية كونه لم يتناول جوهر النزاع بين الدول الأربع وقطر.
الرسالة الثانية التي وجهتها الإمارات للعالم على لسان العتيبة أنها دولة مؤسسات وقانون وأنها "تكن كامل الاحترام والتقدير لمحكمة العدل الدولية".
الرسالة الثالثة وتعيد فيها الإمارات تذكير العالم بمبررات إجراءاتها ضد قطر.
وفي هذا الصدد، توضح العتيبة أن "دولة الإمارات فرضت إجراءاتها لمنع الطائرات القطرية من دخول مجالها الجوي، باعتبارها أحد الإجراءات العديدة التي اتبعت من قبل عشر دول عقب إنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع قطر" .
وتشير بشكل واضح أن "الإمارات اتخذت هذا الإجراء نتيجة لدعم قطر الطويل الأمد للجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومحاولاتها المستمرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة" .
الرسالة الرابعة وهي موجهة لقطر والعالم أيضا ومفادها وأنها الدول الأربع ومعهم الإمارات أخذت على عاتقها تصويب سياسات قطر وأنها ماضية في ذلك الطريق وستواصل معركتها القانونية أمام "الإيكاو" لكشف مزاعم قطر.
بل كشفت العتيبة أن الدول الأربع بما فيها دولة الإمارات، سوف تعتمد على نقاط مهمة في الإجراءات التي وردت في قرار محكمة العدل الدولية أمام مجلس "إيكاو"، لافتة إلى أن أن هناك مسائل هامة أخرى لم يتطرق إليها الحكم وهي مسائل سوف نتناولها أمام مجلس "الإيكاو".
الرسالة الخامسة وتستمدها الإمارات من قوة الحق وثقتها في إجراءاتها السيادية حفاظا على أمنها الوطني.
وفي هذا الصدد، قالت العتيبة: "تثق دولة الإمارات أن مجلس الإيكاو لن يحاول التشكيك بقرارات الأمن الوطني التي يحق للدول الأعضاء في الإيكاو اتخاذها."
الرسالة السادسة والتي تكشف أكاذيب قطر وحملتها حول النصر الوهمي المزعوم بموجب حكم محكمة العدل، وتؤكد فيها الإمارات أن الإجراءات الخاصة التي اتخذتها منذ 5 يونيو/ حزيران 2017 بأجواء دولة الإمارات سارية المفعول، أي أنه لا يوجد أي تغيير على أرض الواقع بعد حكم مكمة العدل الدولية، في انتظار البت في القضية بمجلس "إيكاو"
الرسالة السابعة والهامة والقوية الموجهة لقطر مباشرة هي أن " هذا الخلاف لن يحل عن طريق الإيكاو أو أي منظمة دولية أخرى، ولن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه، إلا عندما تلتزم قطر أمام الدول الأربع بتنفيذ اتفاقيات الرياض وتثبت أنه بإمكانها لعب دور بناء في المنطقة.".
وثمة إجماع من دول الرباعي العربي أنه لن يكون هناك حل لأزمة قطر، مهما طال الوقت إلا بعلاج أسبابها، وذلك عبر استجابتها لمطالب الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وتوقّفها عن دعم الجماعات المتطرفة.
وأمام ذلك ستستمر الدول الأربع في إغلاق أجوائها الإقليمية أمام الطائرات القطرية حفاظا على أمنها الوطني وحقها السيادي الذي يكفله القانون الدولي.