قطر من "العدل الدولية" إلى "الإيكاو".. أكاذيب مستمرة
نموذج عملي جديد يكشف إصرار تنظيم الحمدين على ممارسة التضليل للرأي العام القطري والعربي في لعبة مكشوفة
"انتصار تاريخي.. نصر قضائي.. حكم نادر".. نماذج من مفردات احتوتها بيانات وتصريحات رسمية صادرة من النظام القطري، وإعلامه وذبابه الإلكتروني، ضمن حملة تضليل كبرى تروج لنصر وهمي لخداع الشعب القطري.
حملة الأكاذيب والتضليل والخداع انطلقت عقب حكم صادر من محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، قضى بأن من اختصاص منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" النظر في شكويين خاصين بالطيران المدني تقدمت بها قطر ضد الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ( السعودية والإمارات والبحرين ومصر).
الحكم لم يتطرق إلى موضوع الشكوى جملة وتفصيلا، ولا يتعلق بأي شكل من الأشكال عن موضوع النزاع أو الفصل في المزاعم القطرية التي لا أساس لها من الصحة، ولا يترتب عليه أي أثر قانوني.
كما أن الحكم لا يتناول بأي حال من الأحوال قبول الادعاءات القطرية أو فرض فتح أجواء الدول الأربع أمام الطيران القطري أو أي شيء آخر ينتقص من الحقوق السيادية للدول الأربع أو تحميلها أي تبعات قانونية لأن الحكم لم يتناول جوهر النزاع بين الدول الأربع وقطر .
وأمام ذلك ستستمر الدول الأربع في إغلاق أجوائها الإقليمية أمام الطائرات القطرية حفاظا على أمنها الوطني وحقها السيادي الذي يكفله القانون الدولي.
واستمرارا لسياستها في خلط الحابل بالنابل والحقائق بالأكاذيب، حاولت قطر وإعلامها وذبابها الإلكتروني الترويج أن الحكم لصالح قطر.
نموذج عملي جديد يكشف إصرار تنظيم الحمدين على ممارسة التضليل للرأي العام القطري والعربي في لعبة مكشوفة اعتادت عليها الدوحة، بالترويج لانتصارات وهمية وخداع الجمهور بالحديث عن كسب قضية سيتم النظر بها في وقت لاحق أمام منظمة أخرى.
وحتى تتضح الأمور أكثر، تستعرض "العين الإخبارية" قصة شكاوى قطر أمام الإيكاو لمحاولة إزالة الحظر الجوي المفروض عليها من قبل الدول الأربع، لحماية مجالها الجوي من أي مخاطر قد تؤثر على سلامة أجوائها، ضمن إجراءات عديدة قامت بها الدول الأربع بعد مقاطعتها قطر لدعمها للإرهاب حفاظا على أمنها الوطني.
صدمة قطر
في أعقاب إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لقطر في 5 يونيو/حزيران 2017، بسبب دعمها للإرهاب، قررت إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، حفاظا على أمنها الوطني من دولة داعمة للإرهاب.
في البداية أكدت الدوحة أن الحظر الجوي المفروض عليها لا يشكل أي مشكلة لها وأن لديها البدائل ، ولكن سرعان ما بدأت تصرخ، مطالبة برفع الحظر الجوي، بعد أن أدركت تداعيات سياساتها الداعمة للإرهاب، فتوجهت إلى منظمة الإيكاو في الشهر نفسه زاعمة انتهاك الدول الأربع اتفاقية الطيران المدني الدولي " اتفاقية شيكاغو 1944".
زيارة للإيكاو.. وتفنيد مزاعم قطر
وحرصا من الدول الأربع على وضع المنظمة في صورة الوضع الحقيقي، توجه وفد رفيع المستوى من الدول الأربع في 15 يونيو/ حزيران من الشهر نفسه، بزيارة لمقر منظمة الطيران المدني الدولي " إيكاو " بمدينة مونتريال الكندية.
وأكدت الدول الأربع خلال الزيارة قانونية ونظامية الإجراءات التي اتخذتها بشأن قطر و المستمدة من حقوقها السيادية المنبثقة من القانون الدولي والمتوافقة مع قرارات مجلس الأمن ومنها القراران 2309 و 1373 المتعلقان بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله واحترام اتفاقية الطيران المدني الدولي " اتفاقية شيكاغو 1944 "وجميع ملاحقها.
وقدم الوفد خلال الزيارة شرحا للإجراءات كافة التي اتخذتها كل من الإمارات والسعودية والبحرين و مصر تنفيذا لقرارات حكوماتها بشأن قطر.
ورد الوفد على استفسارات المنظمة وفند كل الادعاءات القطرية ومحاولتها تضليل المنظمات بمعلومات غير صحيحة.
ورحب الوفد بالتعاون والتنسيق مع منظمة " إيكاو " لخدمة أهدافها وتعزيز سبل الأمن والسلامة لحركة الملاحة الجوية الدولية .. وشدد في الوقت ذاته على أن الدول الأربع ستمارس حقها السيادي وفق القوانين الدولية لحماية مجالها الجوي من أي مخاطر قد تؤثر على سلامة أجوائها.
إشادة من الإيكاو
وبعد أسبوعين من الزيارة، عقد مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" في مطلع يوليو/ تموز 2017 جلسة غير رسمية قدمت فيها الأمانة العامة للمنظمة معلومات محدثة عن سلامة الأجواء فوق المياه الدولية للخليج العربي.
وأشادت "إيكاو" بإجراءات السعودية ومصر والإمارات والبحرين لسلامة الملاحة الجوية فوق مياه الخليج.
وأكد المكتب الإقليمي بمكتب الشرق الأوسط أن العاملين بالمكتب وبالتعاون المباشر مع الدول التي أعلنت قطع العلاقات مع دولة قطر قاموا في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحا من يوم 5 يونيو وهو اليوم الذي أغلقت فيه الدول أجواءها السيادية بعد قطع علاقاتها مع قطر بتفعيل خطة الطوارئ المنصوص عليها في الملحق الحادي عشر من اتفاقية الطيران المدني الدولي "شيكاغو 1944 ".
وأكدت الأمانة العامة للمنظمة إلى أنه ليس لديها أي مخاوف بالنسبة للسلامة الجوية فوق المياه الدولية بالخليج وذلك نظرا لامتلاك دول المقاطعة أجهزة ملاحية حديثة وإمكانيات تغطي جميع الأجواء الدولية فوق الخليج العربي.
9 ممرات طوارئ جوية
والتزاما من الدول الأربع بسلامة الملاحة الجوية العالمية ، أعلنت في 30 يوليو/ تموز 2017، تخصيص 9 ممرات الطوارئ الجوية لتستخدمها الشركات القطرية كما هو معمول به في حالات إغلاق المجالات الجوية الإقليمية.
وقالت الهيئة العامة للطيران المدني السعودي في بيان لها آنذاك: "إن هذا الإجراء يؤكد التزامنا بسلامة الملاحة الجوية العالمية، وجرت العادة في مثل هذه الظروف أن يتم الاتفاق على ممرات طوارئ جوية بديلة فوق أعالي البحار بإدارتنا لتسهيل الملاحة وتدعيم السلامة الجوية، وهذا الإجراء تحت مظلة منظمة ( الإيكاو) التي تتولى تنسيق وإدارة مثل هذه الاتفاقيات ".
وأكد البيان أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحفاظ على أمن وسلامة الأجواء بالمقام الأول، وتنفيذا لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر ومنها منع الطيران القطري من استخدام أجواء المملكة.
شكاوى قطر.. إساءة لاستخدام الآليات الدولية
ورغم تعاون الدول الأربع المتواصل مع "إيكاو" للحفاظ على أمن وسلامة الأجواء، مع الاحتفاظ بحقها السيادي في حماية سلامة أجوائها من دولة داعمة للإرهاب، لجأت قطر – كعادتها- إلى إساءة استخدام الآليات الدولية، و قامت في 20 أكتوبر 2017 ، بتقديم شكويين أمام مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو".
وتم تسجيل الشكوى الأولى بموجب المادة 84 من اتفاقية الطيران المدني الدولي لعام 1944(اتفاقية شيكاغو) ضد البحرين ومصر والسعودية والإمارات، في حين أن الشكوى الثانية تم تسجيلها بموجب الفقرة الثانية من المادة 2 من الاتفاقية الدولية لخدمات العبور الجوية لعام 1944 ضد كل من البحرين والإمارات ومصر، علماً بأن السعودية لم تنضم لهذه الاتفاقية.
وجددت قطر خلال الشكويين مزاعمها بشأن عدم امتثال الدول الأربع لأحكام اتفاقية شيكاغو والاتفاقية الدولية لخدمات العبور الجوية، وطلبت من "الإيكاو" الفصل في قضية حظر الطيران وإعلانه كإجراء غير قانوني.
وأثناء أعمال دورته الاعتيادية الـ 214 ، نظر مجلس " إيكاو" في الشكويين.
وفي يونيو/ حزيران 2018 قرر مجلس "إيكاو" منح قطر الفرصة للاستماع لمطالبها دون أن يتضمن القرار تأييد تلك المطالب أو مطالبة الدول الأربع بأية إجراءات .
إلى العدل الدولية
وحرصا منها على ضمان تطبيق قواعد القانون الدولي بشكل صحيح ، قررت الدول الأربع رفع ملف قضية المجال الجوي السيادي لها إلى محكمة العدل الدولية للنظر في اختصاص منظمة الطيران المدني "إيكاو" بنظر ذلك النزاع.
وفي أوائل يوليو/ تموز 2018، قدم سفراء الدول الأربع تقديم طلبات استئناف مشتركة لمحكمة العدل الدولية للطعن القضائي في القرار الذي أصدره "إيكاو".
قرار الدول الأربع الاعتراض على هذا القرار جاء كونها ترى أن المنظمة قد مارست اختصاصها الفني بشكل كامل من خلال تعاون الدول الأربع مع المكتب الإقليمي للمنظمة بالقاهرة في وضع خطوط طيران دولية بديلة للطائرات القطرية في الأجواء الدولية مع مراعاة أعلى معايير الأمن والسلامة الجوية وفقا لخطة الطوارىء التي تم مناقشتها في جلسة مجلس المنظمة وذلك بحضور الوزراء المعنيين في الدول الخمس الأطراف في هذا النزاع وذلك بجلسة مجلس المنظمة 31 يوليو 2017.
كما ترى الدول الأربع أن جوهر القضية هو أن قطر تقوم بانتهاكات مستمرة و جسيمة للحقوق السيادية كافة للدول الأربع بما في ذلك تدخلها في شؤونها الداخلية ودعم الإرهاب مما يجعل هذا النزاع سياسيا أمنيا بالدرجة الأولى.
كذلك ترى الدول الأربع إن النزاع مع قطر يتعلق بمسائل لا علاقة لها كليا بالطيران المدني أو سلامة الطيران بل يتعلق في حقيقة الأمر بالالتزامات الأساسية التي تعهدت بها الحكومة القطرية بإرادتها لا سيما التزاماتها بوقف دعم الإرهاب والتوقف عن التدخل في شؤون جيرانها وعدم استخدام إعلامها لنشر خطاب الكراهية .
احترام حكم المحكمة .. صفعة جديدة لقطر
واليوم ، قررت محكمة العدل الدولية أن مجلس منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" هو المختص للنظر في المزاعم القطرية الخاصة بالطيران المدني ضد الدول الأربع.
وفي أعقاب الحكم أعلنت دول المقاطعة احترامها لها، وأنها ستواصل معركتها القانونية أمام "الإيكاو" لكشف مزاعم قطر.
وفي هذا الصدد، أعلنت دولة الإمارات أنها ستتجه لطرح القضية القانونية على الإيكاو، للدفاع عن قرارها بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية.
وأوضحت الدكتورة حصة عبدالله العتيبة، سفيرة الإمارات لدى هولندا إن "قرار محكمة العدل الدولية قراراً تقنياً ومقتصراً على المسائل الإجرائية والولاية القضائية لمعالجة النزاع، وقد نظر في الأسس الإجرائية للقضية فحسب".
وأكدت أن بلادها :"تكن كامل الاحترام والتقدير لمحكمة العدل الدولية وسننظر في قرارها عن كثب".
وأعادت التأكيد على مبررات تلك الإجراءات التي تم اتخاذها ضد قطر، قائلة : " نتطلع إلى أن نوضح لمجلس الإيكاو أن دولة الإمارات فرضت إجراءاتها لمنع الطائرات القطرية من دخول مجالها الجوي، باعتبارها أحد الإجراءات العديدة التي اتبعت من قبل عشر دول عقب إنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع قطر .. وقد جاء ذلك نتيجة لدعم قطر الطويل الأمد للجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومحاولاتها المستمرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة".
وأكدت أن بلادها "تثق أن المجلس لن يحاول التشكيك بقرارات الأمن الوطني التي يحق للدول الأعضاء في الإيكاو اتخاذها".
وأكدت إنه " وحتى ذلك الحين ستبقى الإجراءات الخاصة المتخذة منذ 5/6/2017م بأجواء دولة الإمارات سارية المفعول".
وفي رسالة قوية لقطر، شددت العتيبة إن " هذا الخلاف لن يحل عن طريق الإيكاو أو أي منظمة دولية أخرى، ولن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه، إلا عندما تلتزم قطر أمام الدول الأربع بتنفيذ اتفاقيات الرياض وتثبت أنه بإمكانها لعب دور بناء في المنطقة.".
بدوره، عبر عبدالعزيز بن عبدالله أبوحيمد، السفير السعودي لدى هولندا، عن احترام بلاده لقرار المحكمة، وبين أن قرار المحكمة الدولية اقتصر على بيان مدى وجود اختصاص لمجلس "الإيكاو"، مشددا على إنه ليس له علاقة بالأسس الموضوعية في الشكوى المقدمة من قبل قطر.
بدوره، أكد الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، سفير البحرين غير المقيم لدى هولندا على الاحترام الكامل لقرار "العدل الدولية".
وأوضح أن الحكم يتعلق بمدى اختصاص مجلس "إيكاو" النظر في شكاوي قطر "ومن ثم ليس له أي تأثير أو دلالة على موضوع النزاع أو الفصل في المزاعم القطرية التي لا أساس لها، وتستهدف مقدرات الدول الأربع وأمنها".
الطريق الصحيح
والخلاصة أن الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية لا يتناول بأي حال من الأحوال قبول الادعاءات القطرية أو فرض فتح أجواء الدول الأربع أمام الطيران القطري ، كما أنه ليس له أي تبعات قانونية كونه لم يتناول جوهر النزاع بين الدول الأربع وقطر.
وأكدت الدول الأربع بالفعل استمرارها في إغلاق مجالاتها الجوية أمام الطيري القطري، باعتبارها حق سيادي، حفاظا على أمنها الوطني، وسلامة أجوائها، وشددت على أن السبيل الوحيد والصحيح أمام قطر ، لإنهاء المقاطعة والإجراءات التي تبعتها، هو الالتزام بتعهداتها السابقة ووقف دعمها للإرهاب، وأن حملات التضليل لن تجدي نفعا بهذا الشأن.