قلت له لو هناك تصرف بسيط من البداية بمحاسبة أمناء الشرطة الذين داسوا بأحذيتهم على رأس الطبيب ما وصلنا إلى مشهد القصر العينى
ظهر الجمعة الماضى صليت الجمعة فى مسجد السيدة عائشة وبعدها ادينا صلاة الجنازة على جثمان الأديب الكبير علاء الديب يرحمه الله. فى طريق عودتى وأمام مسجد السيدة نفيسة كان يجرى تشييع جثمان سائق السيارة ربع النقل الذى قتله أمين شرطة مساء الخميس خلف مديرية أمن القاهرة فى حى الدرب الأحمر. المشيعون وأهالى المنطقة كانوا يهتفون هتافات عدائية للغاية ضد وزارة الداخلية.
مساء الأحد كنت فى طريقى من جريدة «الشروق» لميدان التحرير. فى شارع قصر العينى، وأمام مجلسى النواب والوزراء، قابلنى ضابط شرطة، وتبادلنا السلامات والتحيات، ثم أخبرنى أنه عاتب جدا على بسبب ما أكتبه فى هذا المكان منتقدا الشرطة، الضابط ورتبته عميد كان معه ضابط آخر وأمين شرطة. ولمدة وصلت إلى نصف الساعة من النقاش تحدث العميد وانا استمع فى معظم الوقت. خلاصة وجهة نظره أن هناك مؤامرة من الإعلام وجهات أخرى ضد الشرطة وضد مصر.
قال لى مثلا: هل حمدين صباحى وجورج إسحاق وغيرهما أطباء حتى يحضروا اجتماع الجمعية العمومية الطارئ لنقابة الأطباء؟!.
قلت له: ليست القضية فيمن حضر هذا الاجتماع، القضية الحقيقية يتحملها الذى سمح بأن تصل الأمور إلى الاجتماع الطارئ ووجود عشرة آلاف طبيب تقريبا فى شارع قصر العينى.
قلت له لو كان هناك تصرف بسيط من البداية بمحاسبة أمناء الشرطة الذين داسوا بأحذيتهم على رأس الطبيب ما وصلنا إلى مشهد شارع قصر العينى.
ظل العميد يتحدث عن ان كل ما حدث حالات فردية وان الإعلام يتعمد تشويه صورة الجميع ولا يقدر تضحيات الشرطة ضد الإرهاب.
قلت له ان الإعلام يخصص مساحات واسعة لكل من يتصدى للإرهاب سواء كان شرطة أو جيش أو مواطنين عاديين، لكن هل معنى ذلك أن نغض البصر عن أخطاء رجال الشرطة؟!
قلت له: إن الأخطاء التى تقول إنها فردية صارت «نمط حياة» تقريبا، وإذا كانت فردية فلماذا لا يتم التعامل معها بالسرعة الواجبة حتى لا يعتقد البعض أنها سياسة عامة؟!.
قال لى نحن نقف بالساعات فى الشارع ولا نذهب إلى البيت إلا قليلا من أجل راحة الناس وأمنهم واستقرارهم، فهل يكون الجزاء هو تصويرنا وكأننا قتلة؟!
قلت له: وقوفك بالساعات فى الشارع محل تقدير من الجميع، لكن أيضا تلك هى وظيفتك التى تتقاضى مقابلها أجرا، ولو أن كل فئة منت على المجتمع بما تؤديه من وظيفة فسوف يتوقف هذا المجتمع.
قال لى العميد ان الأطباء يخطئون ويقتلون المرضى، فلماذا تلوموا شرطيا أخطأ واعتدى على طبيب أو قتل بالخطأ سائقا، قلت له المقارنة مختلفة تماما ولا تجوز، لان الطبيب لم يتعمد قتل المريض بل يريد علاجه وانقاذ حياته، والثانى معه سلاح ميرى قتل به المواطن بدل أن يحميه.
تركت العميد وللأسف لم استطع اقناعه بأن الانطباع العام عن ممارسات الشرطة صار سيئا، ولابد من تحرك عاجل وحقيقى من داخل مؤسسة الشرطة لتغيير هذا الانطباع قبل ان لا ينفع الندم.
فى طريق عودتى من مسجد عمر مكرم وامام أحد الفنادق المطلة على الكورنيش بجاردن سيتى، استوقفنى أمين شرطة وكان غاضبا أيضا مما كتبته عن الأمناء وأخطائهم.
وجهة نظره ان أكثر من تسعين فى المائة من الأمناء شرفاء ومحترمون، ويدفعون ثمن أخطاء القلة الصغيرة.
قلت له: سوف اتفق معك تماما، وأسألك ولماذا لا يتم محاسبة الفئة المخطئة بسرعة وشفافية وعدالة حتى يشعر المجتمع ان الشرطة ليس فوق رأسها ريشة؟!
لا أعمم اطلاقا فى كلامى عن الشرطة أو أى فئة أخرى، لكن ما أقلقنى هو أن غالبية رجال الشرطة لا يشعرون أن هناك أزمة فى الاسابيع الاخيرة، وتلك هى المشكلة الأكبر. لانه ببساطة حينما لا تعرف انك أخطأت، فالمؤكد أن هناك أخطاء كارثية أخرى فى الطريق.. ربنا يستر!!!.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة