78 تريليون دينار غير كافية.. الفساد وإيران وراء أزمة كهرباء العراق
رئيس مجلس الوزراء العراقي يتهم سوء الإدارة والفساد خلال الفترة السابقة بالتسبب في أزمة الكهرباء
لا تزال الكهرباء في العراق أزمة مستعصية على الحل، ودائرة خطر تهدد باشتعال الشوارع بأصوات المتظاهرين كلما اقترب فصل الصيف.
واتهم رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الإثنين، سوء الإدارة والفساد خلال الفترة السابقة بأنه السبب الرئيسي في أزمة الكهرباء المتفاقمة بالبلاد.
وتدخل أزمة تدني الطاقة الكهربائية والعجز الحاصل في محطات التوليد، على خط الأزمات الأخرى التي يعانيها العراق النفطي من بطالة وظروف معيشية صعبة وفقدان المدن لمعالمها الخدمية والحياتية.
وغالباً ما تكون أزمة شح الكهرباء، المحرك الرئيسي في اندلاع التظاهرات في العراق والتي تتسم بالحدة والغضب الشعبي الكبير.
ولم تستطع الحركات الاحتجاجية طوال السنوات الماضية من دفع الحكومة نحو إصلاح قطاع الطاقة وإنهاء معاناة الشعب العراقي.
اتهامات متبادلة
وتتداخل التصريحات والتفسيرات حول الأسباب الحقيقة لاستدامة الأزمة، رغم كل المبالغ التي رصدت لحلها طيلة السنوات الماضية.
ويتبادل الوزراء والمسؤولون في الحكومة وبعض القوى السياسية الاتهامات ومواضع التقصير وتقديم التفسيرات غير المقنعة بحسب مراقبين وخبراء في قطاع الطاقة.
وبلغت الأموال المصروفة على تحسين واقع الشبكة الكهربائية في مجال التوليد والإنتاج والتوزيع نحو 78 تريليون دينار في الفترة بين عامي (2005 -2014) دون أن يكون هناك تحسن ملموس يتناسب مع تلك الأرقام.
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة مؤخراً مع تكرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في تحريك الشارع العراقي، وخروج مظاهرات صاخبة في عدد من المدن رافقها أعمال تصعيد وعنف ووقوع قتلى وجرحى.
وأسفرت تلك التطورات عن تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في تعاقدات وزارة الكهرباء بعد عام 2003.
لجنة تحقيق
وعقدت لجنة التحقيق البرلمانية أول اجتماعاتها في 21 من يوليو/ تموز الجاري.
وأكدت اللجنة، أن المخصصات التي صرفت على القطاع الكهربائي هي الأعلى مقارنة مع بقية الوزارات والمؤسسات العراقية، معتبرة أن الفساد وسوء التخطيط في وزارة الكهرباء أوجد محطات توليد بعيدة عن مصادر الوقود وبالتالي فشل إنتاجها.
ومن جهته يقول النائب صادق حميد، عضو لجنة التحقيق المعنية بملفات الكهرباء في تصريحات لـ"العين الاخبارية"، إن "فريق العمل ماض وبشكل مهني بإجراءات التقصي والتحري في موضوعات العقود ونسب الإنجاز المتحققة في المشاريع المتعاقد عليها".
ولفت إلى أن "بعض الملفات لم تصل إلى الآن من الوزارة ونحن ننتظر وصولها لغرض البت في التحقيقات بشكل كامل".
وأوضح حميد، أنه تم صرف نحو 78 تريليون دينار على القطاع الكهربائي، منها نحو 40 تريليون دينار ضمن الموازنة التشغيلية والتي تتضمن رواتب العاملين في الوزارة وعمليات شراء الوقود للمحطات وأعمال الصيانة.
وتابع: أن نحو 36 تريليون دينار من المجموع الكلي خصصت لمشاريع شراء المحطات وإنتاج الطاقة صرف منها نسبة 80% خلال تولي نوري المالكي رئاسة مجلس الوزراء العراقي.
وأوضح أن تلك النفقات لا تتناسب مع حجم المنجز والمتحقق، خصوصا أن أغلب المحطات التي تم شراؤها متدنية الكفاءة وهو محور الاستقصاء والتحقيق في عمل اللجنة.
ويبلغ إنتاج محطات الكهرباء في العراق نحو 12 ألف ميجاواط، بالإضافة إلى استيراد نحو 3 آلاف ميجاواط من الخارج.
ويرتبط العراق مع إيران بعقود تجهيز لسد النقص الحاصل بنحو 1200 ميجاواط، كما يساهم الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات كهربائية عراقية تمد شبكة الكهرباء بنحو 3300 ميجاواط.
وتتصاعد حدة الرفض بين الأوساط الفنية والسياسية بشأن الكلفة العالية للطاقة المستوردة من إيران.
ودفعت تلك الاعتراضات بغداد للتحرك نحو الرياض لتفعيل اتفاقية تعاون تزويدها بالطاقة عبر ما يسمى بالربط الشبكي الخليجي، كان وقعها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مع الجانب السعودي.
ويتضمن المشروع خطين بطول 300 كيلومتر، منها 220 كيلومترا داخل الأراضي الكويتية، و80 كيلومترا داخل العراق، على أن يمول من قِبل هيئة الربط الخليجي لضخ 500 ميجاواط إلى محافظة البصرة كمرحلة أولى.
الفساد وسوء الإدارة
ويتجه العراق، ضمن برنامج أعلن عنه مؤخراً لمواجهة النقص الحاصل في إنتاج الكهرباء، إلى تنويع مصادر استيراد الكهرباء من خلال التحرك نحو جيرانه خلال السنوات الثلاث القادمة.
وكان رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي، وقع في أبريل/ نيسان 2019، عقداً مع شركة سيمنس الألمانية بقيمة 14 مليار دولار لتوفير 11 ألف ميجاواط .
ويرتبط العراق أيضا باتفاقيات موقعة مع شركة "جنرال إلكتريك الأمريكية". وأسهمت الظروف الأمنية وجائحة كورونا مؤخراً في تعطيل البناء في أغلب تلك المشاريع.
ومن جانبه قال ماهر الصعب مدير محطة كهرباء حديثة، إن الحاجة الفعلية في العراق إلى الكهرباء حاليا تبلغ نحو 22 ألف ميجاواط مع توقع في ارتفاع مستوى الطلب خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد ماهر في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، على "ضرورة أن يكون هنالك تخطيط مدروس يأخذ بدوره ازدياد أعداد السكان ومعالجات الفروقات ما بين العرض والطلب".
والإثنين، عزا رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في اجتماع طارئ مع لجنة الطاقة الوزارية، عدم النهوض بقطاع الكهرباء إلى "سوء الإدارة والفساد خلال الفترة السابقة".
وفي الصدد ذاته، يقول فرات الموسوي خبير الطاقة العراقي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "أزمة الكهرباء تتعلق بإحالة ملف الطاقة خلال طيلة السنوات الماضية إلى جهات غير متخصصة وهو ما كلف بغداد الكثير من الأموال والوقت والمعاناة".
وأضاف الخبير العراقي: أن "بلاده استوردت خلال فترة حكم المالكي محطات تكلفت المليارات تعمل بالغاز الجاف رغم أننا لا نمتلك الوقود الكافي لتشغيلها وهو ما اضطرنا إلى استيراده من إيران".