8 نزاعات دولية.. قنابل موقوتة قابلة للانفجار في 2024
من إقليم أبخازيا الانفصالي وحتى منطقة إيسيكويبو الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين فنزويلا وغيانا، 8 نزاعات دولية، باتت «تغلي»، مما جعلها مرشحة للظهور كنقاط اشتعال رئيسية في عام 2024.
وتقول صحيفة «فورين بوليسي»، في تقرير لها، إن تلك النزاعات الثمانية، باتت تستحق اهتمامًا أكبر مما تلقته من مراقبي الصراعات الدولية والمخاطر الجيوسياسية.
فنزويلا وغيانا
بحسب صحيفة «فورين بوليسي»، فإنه من غير المعتاد أن تعلن القيادة الجنوبية للولايات المتحدة عن تدريبات جوية فوق غيانا، لكن تهديدات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بشأن نزاع إقليمي طال أمده مع جارته أثارت مثل هذه الخطوة في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويعتقد العديد من الفنزويليين أن جزءًا كبيرًا من غيانا المعروف باسم «إيسيكويبو» هو حق لهم، ويرفضون حكمًا صدر عام 1899 والذي مهد الطريق لاتفاقيات أخرى تجعلها جزءًا من غيانا. لكن لم يكن لديهم أي سبب لإعادة تنشيط النزاع حتى تم اكتشاف الرواسب التي سرعان ما أصبحت بمثابة ثروة نفطية قبالة ساحل غيانا في عام 2015.
وبحسب «فورين بوليسي»، فإن مادورو الذي لا يحظى بشعبية كبيرة يواجه انتخابات العام المقبل، وكان يهدف إلى تعزيز دعمه عندما نظم استفتاء في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي حول ضم إيسيكويبو، في تحد لأمر محكمة العدل الدولية بوقف التصويت.
وأظهرت النتائج الرسمية أن الناخبين وافقوا على احتمال الضم بنسبة تزيد عن 95%، وسرعان ما أمر مادورو شركة النفط الحكومية الفنزويلية بالتنقيب في إيسيكويبو، وردًا على ذلك، أرسلت البرازيل قوات إلى حدودها مع فنزويلا، وأعلنت غيانا والولايات المتحدة عن تدريبات جوية مشتركة في السابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هذا الصدع يضع فنزويلا في مواجهة الولايات المتحدة في وقت كانت فيه العلاقات بين كاراكاس وواشنطن قد بدأت في التحسن، كما أنه يضع فنزويلا على خلاف مع البرازيل وكوبا، اللتين لديهما حساسية تجاه موقف غيانا.
وتوقعت الصحيفة الأمريكية، أن يحاول مادورو إثارة الخلاف بين دول أمريكا اللاتينية وواشنطن من خلال التصعيد ومن ثم الادعاء بتجاوز الولايات المتحدة في المنطقة.
إيرلندا والكابلات البحرية
تقول الصحيفة الأمريكية، إن أجزاء قليلة من العالم تستضيف عددًا كبيرًا من الكابلات البحرية مثل المياه قبالة الساحل الجنوبي لإيرلندا، مشيرة إلى أنه إذا أرادت دولة معادية أن تعيث فساداً في البلدان المرتبطة بالاقتصاد المعولم عبر هذه الشبكات، فيمكنها إرسال عدد قليل من السفن إلى المياه الأيرلندية لتخريب الكابلات.
وأوضحت أنه نظرًا لأن أيرلندا لا تمتلك سوى قوة بحرية صغيرة، فإن القيام بذلك سيكون مهمة سهلة، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من الكابلات البحرية التي تربط أوروبا بالساحل الشرقي للولايات المتحدة تمر عبر بحر سلتيك، وهو جزء من المحيط الأطلسي يقع جنوب إيرلندا.
لكن في شهر مايو/أيار الماضي، ظهرت مجموعة من السفن البحرية الروسية، بما في ذلك الأميرال غريغوروفيتش، التي شاركت في الحرب ضد أوكرانيا، في المنطقة الاقتصادية الخالصة لإيرلندا وبقيت هناك.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، أعلنت روسيا أنها ستجري مناورة بحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لإيرلندا، فيما حاولت الحكومة الأيرلندية منع إجراء التدريبات.
وعلى الرغم من أن الحكومات لديها الحق في التدخل ضد السفن الأجنبية في منطقتها الاقتصادية الخالصة - وخاصة في مياهها الإقليمية، لحماية المنشآت الحساسة - إلا أن إيرلندا ليست في وضع يسمح لها بالقيام بذلك: يضم أسطول الخدمة البحرية الأيرلندية ما مجموعه ست سفن، جميعها من لهم سفن دورية وبالتالي غير مجهزة لإخافة الأدميرال جريجوروفيتش أو غيره من الزوار الروس غير المرغوب فيهم.
ذلك الوضع طرح تساؤلا: إذا قررت روسيا تخريب البنية التحتية للاتصالات العالمية في بحر سلتيك، فهل يتدخل حلف شمال الأطلسي نيابة عن إيرلندا، التي ليست عضوا في المنظمة؟
توسع الصراع في ميانمار
تقول «فورين بوليسي»، إن الصراع في ميانمار يدور حول الديمقراطية، لكن التحدي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن عدم الاستقرار في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا يهدد بالامتداد إلى أراضي جيرانها - بما في ذلك العملاقين الآسيويين، الصين والهند.
واستولى المجلس العسكري البورمي على السلطة في انقلاب عام 2021 لكنه فقد السيطرة على العديد من البلدات والمواقع الأمنية في المناطق الحدودية للبلاد في الأشهر القليلة الماضية بعد أكبر هجوم منسق حتى الآن من قبل تحالف الإخوان الثلاثة.
وأدى الهجوم إلى تنشيط الكفاح المسلح على مستوى البلاد للإطاحة بالنظام العسكري وامتد القتال إلى أجزاء كثيرة من البلاد، مما أدى إل نزوح أكثر من نصف مليون شخص في أجزاء مختلفة من ميانمار بسبب تصاعد القتال، مع إجمالي مليوني نازح منذ الانقلاب، وفقا للأمم المتحدة،
العديد من هؤلاء الأشخاص يبحثون عن ملجأ في المناطق المتاخمة للهند والصين، وبينما كانت الهند مترددة في قبول اللاجئين لأن ذلك يزيد من الوضع الهش بالفعل في الولايات الهندية مثل مانيبور، شعرت بكين -كذلك- بالقلق بشأن انعدام الأمن على طول حدودها بسبب هجوم المتمردين.
وبحسب «فورين بوليسي»، فإنه من المرجح أن تتزايد مخاوف الهند والصين بشأن ميانمار على المدى القصير، مؤكدة أن القوتين الآسيويتين ستسعيان إلى حماية مصالحهما الاستراتيجية والتجارية.
وأشارت إلى أن العقوبات الغربية الصارمة ضد المجلس العسكري في حين توفر روسيا الإمدادات العسكرية تترك المنطقة في توازن محفوف بالمخاطر، ما يجعلها نقطة اشتعال يمكن أن تنتهي إلى كارثة إنسانية وأمنية.
البحرية الروسية في أبخازيا
ورغم أن الحفاظ على الهيمنة في البحر الأسود كان أحد أهداف السياسة الخارجية الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن أوكرانيا كانت في الآونة الأخيرة تختبر التطلعات الروسية في البحر الأسود.
وكشفت الضربات الأوكرانية المتعددة الناجحة على أسطول البحر الأسود الروسي عن نقاط ضعف جديدة للأسطول الروسي المتمركز في ميناء سيفاستوبول، وموانئ أخرى في شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن بيانات الأقمار الصناعية الأخيرة تشير إلى أن روسيا بدأت بالفعل في نقل سفنها من سيفاستابول إلى ميناء نوفوروسيسك.
إلا أنه «مع ذلك، ربما يقوم بوتين بإعداد خطة طويلة المدى باستخدام أصل استراتيجي آخر في منطقة أبخازيا التي تسيطر عليها روسيا، والتي تعتبر منطقة جورجية معترفًا بها دولياً»، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إن عمليات النفوذ الروسي، فضلاً عن الجهود المستمرة لزعزعة استقرار جورجيا، ظلت تحت الرادار إلى حد كبير.
«لكن قرار موسكو الأخير بتوسيع قاعدتها البحرية في منطقة أوتشامشيري في أبخازيا يشكل تهديداً بالتصعيد الخطير، ما يجعل ميناء أوتشامشيري على بعد ساعة واحدة فقط من الأراضي التي تسيطر عليها جورجيا»، تقول الصحيفة الأمريكية.
وحذرت من أنه إذا نجح الكرملين في توسيع ميناء أوتشامشير ثم استخدامه كملجأ لأسطول البحر الأسود، فإن هذا من شأنه أن يعرض جورجيا لتهديدات أمنية جديدة وخطر الانجرار إلى الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشارت إلى أنه من شأن ميناء أوتشامشير المليء بالسفن الحربية الروسية أن يصبح هدفاً مشروعاً للجيش الأوكراني، وبالتالي خلق نقطة ضعف غير مسبوقة للحكومة الجورجية في تبليسي.
وشددت على أن التصعيد في أبخازيا لن يؤثر على جورجيا وأوكرانيا فحسب، بل على منطقة البحر الأسود بأكملها، والتي تُستخدم كطريق تجاري واتصال رئيسي بين آسيا وأوروبا.
تهديد طالبان لباكستان
تقول «فورين بوليسي»، إن باكستان أصبحت الآن في حالة حرب مع «طالبان» باكستان، مشيرة إلى أنه بعد دعم حركة طالبان طيلة عشرين عاماً ضد الحكومة الأفغانية التي تدعمها الولايات المتحدة، والنظر إلى الجماعة باعتبارها أداة لسياسة «العمق الاستراتيجي» التي تنتهجها لاحتواء الهند، أدركت المؤسسة الباكستانية، -بعد فوات الأوان-، أنها كانت بالفعل موجودة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن «فرع حركة طالبان في باكستان، منخرطة الآن في حرب متصاعدة ضد الدولة الباكستانية»، مشيرة إلى أن الأولى ترى أن الاحتمالات في صالحها.
واستبعد أنور الحق كاكار، رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في فبراير، إجراء محادثات مع حركة طالبان الباكستانية، رافضا عروض التوسط من وزير الداخلية الفعلي لطالبان سراج الدين حقاني.
وحذرت من أن «ضعف الدولة الباكستانية لا يبعث على الأمل في أن يحدث نفس الشيء مرة أخرى قبل أن تعود حركة طالبان الباكستانية إلى ترسيخ أقدامها»، مشيرة إلى أنه «بينما يتقاتل الساسة والضباط العسكريون في باكستان ويتآمرون من أجل السلطة والثروة، تستعد حركة طالبان الباكستانية للانطلاق في عام 2024».
المواجهة بين الناتو وروسيا
وبحسب «فورين بوليسي»، فإنه منذ فترة طويلة ويتحدث المحللون الجيوسياسيون عن «الصراعات المجمدة» في ترانسنيستريا، وناغورنو كاراباخ، وأماكن أخرى، لكن يتعين عليهم أن يعيروا المزيد من الاهتمام للصراع الذي على وشك الانفجار.
ومع ذوبان القمم الجليدية في القطب الشمالي، تشتد المنافسة الجيوسياسية في أقصى الشمال، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه بينما تتوق بلدان القطب الشمالي إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية المفتوحة وطرق التجارة الجديدة، تعمل روسيا على تكثيف وجودها العسكري في المنطقة.
وحذرت من إمكانية تصاعد بسهولة أي صراع كبير بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، على أن يبدأ في أوكرانيا أو دول البلطيق، ليشمل أقصى الشمال.
وبسبب ذوبان الجليد، تتمتع السفن الحربية الروسية الآن بقدر أكبر من حرية المناورة (بما في ذلك شمال جزيرة سفالبارد النرويجية) لتجنب اكتشاف الناتو.
وأشارت إلى أن الجغرافيا الجديدة لتوسع الناتو تخلق -أيضًا- نقاط ضعف بالنسبة لروسيا، مؤكدة أنه مع انضمام فنلندا والسويد (على الأرجح في المستقبل القريب) إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، أصبح للحلف فجأة عمق استراتيجي بالقرب من شبه جزيرة كولا المهمة.
وفي حالة نشوب صراع، يمكن لحلف شمال الأطلسي مهاجمة خطوط الإمداد الروسية وقطع وعزل الأسطول الشمالي الروسي، ما يعني أن نقطة الضعف هذه قد تصبح أيضًا نقطة ضغط مهمة ضد روسيا في وقت السلم - لكن فقط مع المخاطرة بخلق نقطة اشتعال محتملة أخرى للتصعيد النووي.
انهيار بيلاروسيا
شهد العامان الماضيان إجماعاً ناشئاً بين العديد من مراقبي بيلاروسيا على أن روسيا نفذت بنجاح «الضم الناعم» لجارتها الأصغر، مما يعني أن النفوذ الروسي بات يمتد الآن إلى جميع أنحاء الاقتصاد والحكومة والجيش البيلاروسي.
وعلى الرغم من المخاوف المستمرة بشأن فتح جبهة جديدة في حرب روسيا على أوكرانيا، إلا أن القوات البيلاروسية لم تدخل المعركة بعد، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الكرملين، الذي يواجه تحديات تتعلق بالقوة البشرية، قد يطالب بالمزيد من الحكومة البيلاروسية في مينسك.
وأشارت إلى أنه إذا قاوم رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، فقد «تطرده موسكو وتنصب زعيماً أكثر مرونة»، متوقعة نشوب حرب أهلية، حيث تحمل فصائل مختلفة السلاح إما لإفساح المجال لزعيم الكرملين المعين أو للحفاظ على شبكة لوكاشينكو ونظام المحسوبية.
انقلاب في الكاميرون
دخل الصراع المسلح في الكاميرون الذي بدأ في عام 2017 الآن عامه السادس، مما فاقم أزمة النزوح الداخلي لنحو مليون شخص، وجعل حوالي مليوني شخص حاليًا بحاجة إلى مساعدات إنسانية في كل من المنطقتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية من الكاميرون، اللتين قتل فيهما ما لا يقل عن 6000 مدني منذ عام 2016، على يد القوات الحكومية والانفصاليين المسلحين.
ورغم أن الأزمة لم تحظ بالتغطية الدولية التي تستحقها، فمن المتوقع مع ذلك أن تتصاعد وتصبح أكثر تعقيدا في عام 2024، بسبب التهديد المستمر الذي يشكله تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا (ISWAP)، وهو فصيل منشق عن جماعة بوكو حرام التي قتلت أكثر من 3000 كاميروني في منطقة أقصى الشمال وأدت إلى تفاقم حالة انعدام الأمن.
وحذرت الصحيفة الأمريكية، من أن الوضع على وشك مزيد من التعقيد، بسبب عودة ظهور الانقلابات في المناطق المجاورة، بما في ذلك في جمهورية النيجر.
وأشارت إلى أن قرار النيجر بالحد من مشاركتها في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات، وهو تحالف أمني إقليمي يضم دول حوض بحيرة تشاد، والتي تنتمي الكاميرون إلى عضويته، يُعرض الجناح الشمالي للكاميرون لاحتمال وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية.
وأكدت أنه مع تزايد عدم ثقة الكاميرونيين في حكومتهم (بقيادة الرئيس بول بيا، البالغ من العمر 90 عامًا ويقضي معظم العام في الخارج في سويسرا)، فمن المرجح أن يمهد تفاقم انعدام الأمن في عام 2024، الطريق إلى انقلاب جديد في المنطقة.