«بارود» بوينغ يانغ وقلق على «زابوريجيا».. مرحلة تصعيد بأوكرانيا
وسط هجمات متبادلة، يعيش العالم حيرة مزدوجة، شقها الأول حول استخدام "مزعوم" لأسلحة كورية شمالية بأوكرانيا والثاني حول المفاعلات النووية.
وأكدت أوكرانيا، الجمعة، أنها غير قادرة بعد على تأكيد استهداف روسيا لأراضيها باستخدام صواريخ زوّدتها بها كوريا الشمالية، بعد اتهام واشنطن لبيونغ يانغ بتقديم دعم لموسكو.
وقال البيت الأبيض، أمس الخميس، إن كوريا الشمالية سلمت روسيا صواريخ استُخدمت خلال هجمات واسعة النطاق على أوكرانيا في الأيام الأخيرة، منددا بـ"تصعيد مثير للقلق" قد تترتب عليه "عواقب".
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين: "تفيد معلوماتنا بأن كوريا الشمالية زوّدت روسيا أخيرا بمنظومات لإطلاق صواريخ باليستية إضافة إلى صواريخ باليستية عدة".
ولم يؤكد الجيش الأوكراني ذلك. إذ قال المتحدث باسم القوة الجوية الأوكرانية يوري إغنات، الجمعة: "إلى الآن، لا معلومات لدينا بأنه تمّ استخدام صواريخ مماثلة. الولايات المتحدة أدلت ببيان بهذا المعنى".
وتابع "لذا على الخبراء درس الحطام، وبعد ذلك يمكننا أن نقول ما إذا كان ذلك (الاستخدام) واقعا.. لا يمكنني تأكيد ذلك بعد".
وأتى الموقف الأوكراني في يوم دعا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إلى زيادة إنتاج منصات إطلاق الصواريخ استعدادا لـ"مواجهة عسكرية" مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وفق ما أفادت تقارير محلية.
انتهاك للعقوبات
وسبق للولايات المتحدة أن اتهمت موسكو وبيونغ يانغ بتعزيز تعاونهما في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليهما، خصوصا في المجال العسكري والتسليحي.
وقال كيربي الخميس، إن استخدام روسيا لصواريخ كورية شمالية يؤكد ضرورة موافقة الكونغرس الأمريكي على حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن حضّ الكونغرس الأسبوع الماضي على "التحرك من دون مزيد من التأخير" بعد تعرض أوكرانيا "لقصف كثيف"، في وقت تتعثر فيه المفاوضات بين الجمهوريين والإدارة الديمقراطية بشكل يحول دون توفير ميزانية إضافية لدعم كييف.
وقال كيربي، إن القوات الروسية أطلقت صاروخا واحدا على الأقل من الصواريخ التي حصلت عليها من بيونغ يانغ في 30 ديسمبر/كانون الأول، وأنه سقط في حقل بمنطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا.
وأضاف أن روسيا أطلقت بعد ذلك عدة صواريخ في الثاني من يناير/كانون الأول في إطار هجوم جوي واسع النطاق.
وأكد كيربي أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيرفعون المسألة إلى مجلس الأمن الدولي، لأن تسليم الصواريخ يمثل انتهاكا للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية.
في أكتوبر/تشرين الأول، قالت الولايات المتحدة إن بيونغ يانغ سلّمت موسكو أكثر من 1000 حاوية من المعدات العسكرية والذخائر. وقال كيربي إنه مقابل عمليات نقل الأسلحة هذه، تسعى كوريا الشمالية إلى الحصول على معدات عسكرية روسية و"تقنيات متطورة".
هجمات متبادلة
يأتي هذا الجدل حول مصدر الأسلحة، مع تزايد الهجمات الصاروخية المتبادلة عبر الحدود.
والجمعة، طلبت السلطات المحلية الروسية من سكان مدينة بيلغورود الحدودية في جنوب البلاد اتخاذ إجراءات لحماية زجاج النوافذ.
وأصدرت بلدية المدينة تعليمات للسكان لوضع شريط لاصق على زجاج النوافذ، بعد الطلب من المدارس القريبة من الحدود في المنطقة تمديد العطلة الشتوية بسبب التهديدات بالقصف الأوكراني.
وأشارت البلدية إلى أن وضع الشريط اللاصق "هو طريقة جيدة لحمايتهم (السكان) من عصف الانفجار".
وقتل 25 شخصا في ضربة أوكرانية السبت الماضي، على عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، في هجوم اعتُبر الأعنف في روسيا من حيث حصيلة القتلى منذ اندلاع النزاع في فبراير/شباط 2022.
وأعلنت روسيا أنها صدت، فجر اليوم الجمعة، هجوماً جوّياً جديداً شنّته أوكرانيا على شبه جزيرة القرم بعشرات المسيّرات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في منشور على تطبيق تليغرام، إنّ "أنظمة الدفاع الجوي الموضوعة في الخدمة دمّرت واعترضت 36 طائرة أوكرانية مسيّرة فوق أراضي جمهورية القرم" التي ضمّتها روسيا إليها في 2014.
وأضافت أنّ الدفاعات الأرضية الروسية تصدّت أيضاً "لطائرة مسيّرة واحدة فوق أراضي إقليم كراسنودار (غرب)".
من جهتها، أعلنت كييف، الجمعة، اعتراض العديد من المسيّرات الروسية. وقالت القوات الجوية الأوكرانية "تم إطلاق ما مجموعه 29 طائرة مسيرة من طراز شاهد-136/131"، وأنها أسقطت 21 من هذه المسيرات في مختلف أنحاء البلاد.
مشكلة المفاعلات
وفي غضون ذلك، أكّدت روسيا، الجمعة، أنها منعت لأسباب أمنية وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيرا إلى غرف المفاعلات في محطة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا.
وتنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية فريقا في المحطة لمراقبتها منذ سبتمبر/أيلول 2022، بعد ستة أشهر من سيطرة الجيش الروسي عليها.
وقالت الوكالة الأممية، في بيان الأربعاء، إن خبراء تابعين لها "غير قادرين على الوصول إلى كل أقسام الموقع".
وأوضحت أنه "خلال الأسبوعين الماضيين، لم يسمح لهم بدخول غرف المفاعلات في الوحدات 1 و2 و6" في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.
وردا على بيان الوكالة، قال رينات كارشا، وهو مسؤول في "روساتوم" الروسية المشغلة لمحطة زابوريجيا، إن الخبراء حاولوا الوصول إلى "القباب الواقية"، وهي قباب من الخرسانة المسلحة بالفولاذ أو الرصاص تحيط بالمفاعل النووي.
وقال كارشا لمحطة "آر بي سي" التلفزيونية الروسية، إن "القباب الواقية، خصوصا المغلقة منها، ليست متحفا أو حديقة للتنزّه".
وأوضح "في أثناء وجوده في وضعية الإغلاق، يحظر الوصول إلى الغلاف الواقي ولا يسمح بذلك إلا بمبرر واضح وفي حالات الطوارئ".
والأسبوع الماضي، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، إن الخبراء لم يسمح لهم بالوصول إلى غرف المفاعلات في ثلاث وحدات في المحطة لأسبوعين.
وأشار إلى أن الوكالة ستواصل مطالباتها بالوصول إلى الغرف، حيث يوجد قلب المفاعل والوقود المستهلك.
وتوقّفت المحطة عن إمداد الشبكة الأوكرانية بالكهرباء في سبتمبر/أيلول 2022، وتعرضت مرات عدة لعمليات قصف وهجمات بطائرات مسيّرة طوال فترة الحرب.